Close ad

رسائل إرنست هيمنجواي تكشف شخصيته المضطربة.. كيف كره صاحب "العجوز والبحر" الشهرة؟

8-10-2017 | 16:31
رسائل إرنست هيمنجواي تكشف شخصيته المضطربة كيف كره صاحب العجوز والبحر الشهرة؟ إرنست هيمنجواي
محمد فايز جاد

تعد رسائل الكتاب والفنانين، التي تنشر عادة بعد وفاتهم، مادة جاذبة للجمهور والنقاد على حد سواء؛ سواءً إشباعًا للفضول أو للاهتداء بها في العمل النقدي. وإذا كان هذا الكاتب هو إرنست هيمنجواي، بما عاشه من حياة صاخبة وغرائبية انتهت بشكل مأساوي، فإن الفضول يتضاعف.

موضوعات مقترحة

الجزء الرابع من رسائل الكاتب الأمريكي الراحل (21 يوليو 1899 – 2 يوليو 1961) يكشف عن أحد الجوانب الغرائبية في حياة صاحب "العجوز والبحر" وهي فزعه من نشر أية تفصيلة تتعلق بحياته الشخصية، وذلك حسبما تفيد صحيفة "الجارديان" البريطانية في تقريرها المنشور اليوم الأحد، ويتضمن هذا الجزء رسائل هيمنجواي في الفترة من 1929 حتى 1931.

"حياتي الشخصية أصبحت ماسورة مجاري مفتوحة"، بهذه الجملة القاسية يعلق هيمنجواي في إحدى رسائله على ما رآه من تداول لعلني لتفاصيل حياته الشخصية، محتجًا على ما نسميه بـ"ضريبة الشهرة".

يذكر أن الجزء المنتظر صدوره هو الجزء الرابع من رسائل هيمنجواي، التي تتولى جامعة "كامبريدج" نشرها، بعد أن نشرت 3 أجزاء في وقت سابق من أصل 17 جزءًا، حسب الجامعة.

وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن هيمجنواي، في إطار هذا الهلع من نشر أي شيء مما يتعلق بحياته الشخصية، كتب في إحدى رسائله: "لو أنني سأكتب، فإن علي أن أبقي حياتي الشخصية خارج ذلك". في تخبرنا رسالة أخرى بأنه منع أحد الناشرين من "أن يستخدم مطلقًا أية دعاية شخصية لأنني أريد لأعمالي أن يحكم عليها بصفتها عملًا قصصيًا".

غضب صاحب "وداعًا للسلاح" بشدة حين وجد في إحدى طبعات روايته "الشمس تشرق أيضًا" سيرة ذاتية له في الوجه الخلفي للكتاب، ليرسل إلى محرره الأدبي ماكسويل بيركينز مصرًا على أن الناشر يجب أن "هذه السيرة الذاتية وأي خراء يتعلق بي من الوجه الخلفي"، مضيفًا أنهم "إذا لم تحذف هذه المادة من الوجه الخلفي، وأية إشارة لخدمتي في الحرب أو حياتي الشخصية كالزواج وغيره فإنني لن أنشر أي كتاب آخر معهم".

ويتابع: "ليس من الجيد أن أبقي حياتي الشخصية بعيدًا، وأن أتجنب هراء الشهرة، إذا كانت ستنشر بعد ذلك على نطاق واسع".

يلجأ الصحفيون إلى طرق غير مباشرة للتسلل إلى حياة المشاهير الشخصية؛ فإذا رفض الكاتب أو الفنان الإفصاح عن حياته الشخصية، فإن مقابلة صحفية مع أحد أفراد عائلته قد تكون كفيلة بمعرفة الكثير. لذلك يكتب صاحب "الفائز لا ينال شيئًا" لوالدته قائلًا: "إذا حاول أي شخص إجراء حوار معك بشأني، فمن فضلك أخبريه أنك تعلمين أنني أكره أي ذيوع شخصي، وأنك وعدتني بألا تجيبي على أي أسئلة عني. لا تفصحي عن أي شيء إطلاقًا".

يشكو هيمنجواي – حسب الجارديان- في خطاب للروائي الإنجليزي هيوج والبول (1884 – 1941) من "مسئوليات الشهيرة"، حيث يقول: "هذا الكتاب (يقصد رواية [وداعًا للسلاح] التي نشرت آنذاك وحققت رواجًا كبيرًا) هو أول تجربة لي مع تلقي الرسائل من الأشخاص الذين قرأوه. ماذا من المفترض أن تفعل؟ أجبت على كل الرسائل ولم أفعل أي شيء سوى ذلك. إنه أمر قاتل؛ أستغرق 20 دقيقة أو نصف ساعة في شكرهم على الكتابة لي. . . هل سيغضبون إن لم أكتب لهم؟".

تقول سارة سبانير، المحررة في "Cambridge Edition"، لـ"الجارديان" حول شخصية هيمنجواي: "من جهة، أنت أمام كاتب يهتم كثيرًا بالتلقي الجماهيري له، إنه يسأل دائمًا كيف تجري مبيعات كتبه، ويحب المراجعات الجيدة. إنه يبحث عن الشهرة على نحو ما. وعلى الجانب الآخر، لديه هذه الرغبة العارمة في التمتع بالخصوصية. ربما كان حساسًا قليلًا تجاه طلاقه من زوجته الأولي هيدلي، وزواجه من بولين".

حياة نفسية مضطربة عاشها إرنست هيمجنواي، الذي عمل متطوعًا في الصليب الأحمر إبان الحرب العالمية الأولى، وحصد شهرة كبيرة ومكانة أدبية مكنته من الحصول على جائزة نوبل للآداب في 1954. ربما تفسر هذه الحياة النفسية المضطربة – الموروثة إلى حد ما- هذا التناقض في شخصيته، بين السعي لتحقيق مكانة أدبية ورواجًا جماهيريًا كبيرين، والهلع من الشهرة في الآن ذاته.

يرجح البعض أن خللًا فسيولوجيًا تسبب في هذه الحالة النفسية المضطربة، وهو الخلل الذي يؤدي لاكتئاب مزمن، يبلغ في إحدى نوباته الحادة دفع المريض للانتحار. هكذا انتحار والد هيمنجواي، ثم أختين غير شقيقتين له.

وفي صبيحة يوم الأحد 2 يوليو 1961 أطلق إرنست هيمجنواي - الذي كان يعاني نوبة اكتئاب حادة- الرصاص على نسفه من بندقيته المفضلة، التي أهداها له والده، لتبقى الأجزاء المنتظرة من رسائله، والمزمع نشرها خلال الأعوام المقبلة، وسيلة للتعرف إلى الفترة التي سبقت انتحاره مباشرة، والوقوف على كواليس هذه النهاية الدراماتيكية، حتى وإن كان ذلك على رغم هيمنجواي، الكاره للإفصاح عن حياته الشخصية.

كلمات البحث
اقرأ ايضا:
الأكثر قراءة