Close ad

دكتوراه نصير شمة تفجر أزمة.. مجاملة أم خطأ إداري أم مكافأة علمية مستحقة لعبقرية موسيقية؟

16-9-2017 | 04:20
دكتوراه نصير شمة تفجر أزمة مجاملة أم خطأ إداري أم مكافأة علمية مستحقة لعبقرية موسيقية؟نصير شمة
محمد فايز جاد

حالة من اللغط الشديد شهدها الوسط الثقافي المصري خلال اليومين الماضيين بسبب ما تناولته بعض الصحف بشأن ما وصف بقرار اللجنة العلمية المخولة بمناقشة دراسة تقدم بها الموسيقي العراقي نصير شمة لنيل درجة الماجستير بمنحه الدكتوراه.

موضوعات مقترحة

كان المجلس الأعلى للثقافة قد استضاف الأربعاء الماضي مناقشة دراسة بعنوان "الأسلوبية موسيقيًا" للباحث العراقي نصير شمة، التي تقدم بها للحصول على درجة الماجستير، وهو البحث الذي يعد الأول من نوعه في دراسة الموسيقى بناءً على ما يعرف علميًا بـ"الأسلوبية" التي تقتصر الدراسات فيها على مجال الأدب.

وتكونت اللجنة من كل من: الدكتورة إيناس عبد الدايم، رئيس دار الأوبرا المصرية، الناقد الأدبي الدكتور صلاح فضل، الناقد الفني الدكتور زين نصار، ويشرف على الرسالة الدكتور حسين الأنصاري.

هذه الأخبار، بشأن حصوله على الدكتوراه رغم تقدمه لنيل درجة الماجستير، أثارت ردود أفعال ما بين غاضبة وساخرة، تناولت اللجنة بالهجوم موجهة إليها عدة اتهامات، لا تقتصر فقط على الاختلاف حول حصوله على أي الدرجتين، وإنما امتدت إلى جوانب أخرى.

"اللجان العلمية لا تملك حق منح الدرجة العلمية، وإنما تملك حق التوصية". بهذه الكلمات علق الناقد د.صلاح فضل على القضية مشيرًا إلى أن اللجنة "رأت أن الرسالة ترقى لأن يمنح صاحبها درجة الدكتوراه، وهو ما أوصت به".

وأضاف فضل، في تصريح لـ"بوابة الأهرام"، أن اللجنة أبلغت المشرف على الرسالة بتوصيتها، الذي بدوره "أبلغ رئيس الجامعة ليرد الأخير بأن الجامعة توافق على هذه التوصية".

في بيان إعلامي يتوقف شمة عند هذه النقطة قائلًا: ". . .قام مشرف الرسالة الدكتور حسين الأنصاري، ممثل الجامعة في اللجنة، بالاتصال برئيس الجامعة لإبلاغه باقتراح رئيس اللجنة، وعبرت الجامعة عن سعادتها البالغة بذلك. . ."

أما د.إيناس عبد الدايم، رئيس دار الأوبرا المصرية، فقالت في تصريحات صحيفة إن عازف العود العراقي حصل على "درجة الماجستير فحسب؛ حيث إن اللجنة لا تملك الحق في منح درجة سوى ما تقدم الباحث للحصول عليه"، نافية أن تكون اللجنة قد منحت شمة درجة الدكتوراه.

مسألة توصية اللجنة العلمية بحصول الباحث على درجة أرقى من الدرجة التي تقدم للحصول عليها غير شائعة في الأوساط الأكاديمية المصرية، ولم تعرف حالة حصل فيها الباحث على درجة تفوق الدرجة التي تقدم لنيلها، وهو الأمر الذي دفع البعض لاتهام اللجنة بمجاملة الموسيقي العراقي في خطوة غير مسبوقة.

يقول فضل إن: "قوانين الجامعات المصرية تمنع ذلك؛ لأنها لا تعنى بالخلق أو الإبداع، فيما تهتم الجامعات الكبرى باكتشاف المبدعين"، مشيرًا إلى أن هذا الأمر "معمول به في عدد من الجامعات الكبرى عالميًا، مثل السوربون ونابولي وغيرها".

هذا الاختلاف في القوانين الخاصة بتنظيم العمل الأكاديمي بين مصر وغيرها من البلدان كان سببًا في اعتراض آخر، وهو ما أثير بشأن المكان الذي يستضيف مناقشة الرسالة. "لماذا المجلس الأعلى للثقافة؟" هكذا تساءل البعض من المهتمين بالشأن الثقافي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بخاصة أنه لم يعرف قبل ذلك أن رسالة أكاديمية نوقشت خارج أروقة الجامعة.

يعلق فضل على هذا التساؤل قائلًا إن: "الجامعات المرنة تمنح المشرف حق الاجتماع في المكان الذي يراه ملائمًا"، مشيرًا إلى أن ثلاثة من المناقشين للرسالة يقيمون في القاهرة، فيما يقيم عضو واحد فقط من أعضاء اللجنة في نيويورك، وهو د.حسين الأنصاري المشرف على الرسالة، الأمر الذي جعل من القاهرة مكانًا ملائمًا لعقد جلسة المناقشة، وقد وقع الاختيار على المجلس الأعلى للثقافة.

تقدم نصير شمة برسالته للجامعة العربية المفتوحة لشمال أمريكا، وهي الجامعة التي اتهمها البعض ممن علقوا على القضية بأنها جامعة تفتقر للجدية ولا قدر لها من الناحية الأكاديمية، هذا الاتهام الذي يراه د.صلاح فضل: "أغرب ما في القضية"، متسائلًا: "من ذلك الشخص الذي يمتلك القدرة على تقييم الجامعات، ولديه هذا القدر من المعلومات عن جامعات العالم التي تقدر بالآلاف؟"

ويرى صاحب "علم الأسلوب.. مبادئه وإجراءاته" أن التناول الصحفي لجلسة المناقشة، وتوصيات اللجنة، هو الذي أسهم بدرجة كبيرة في هذا اللغط، واصفًا الأمر بأنه "جهل" بقوانين مناقشة الرسائل العلمية وإجراءاتها.

غير أن مسألة التناول الصحفي لأحداث الجلسة قد تحمل جانبًا آخر؛ فرغم أن هناك بالفعل عددًا من المواقع التي تناولت الأمر بصفته "قرارًا" من اللجنة بمنح الباحث درجة الدكتوراه بدلًا من الماجستير، فإن للبعض أن يتساءل حول مدى مسئولية المركز الإعلامي للمجلس الأعلى للثقافة عن هذا الخلط.

في بيان صحفي صادر من المركز الإعلامي للأعلى للثقافة يأتي وصف نتيجة المناقشة على النحو التالي: "وكانت الرسالة المقدمة للحصول على درجة الماجستير، ولكن كان قرار اللجنة العلمية مفاجأة للجميع وللفنان نصير شمه، حيث منحته درجة الدكتوراه، لرقي وعمق العمل المقدم".

هذا البيان الذي نقلته بعض المواقع نصًا، والصادر عن المركز الإعلامي للمجلس المتعارف عليه في أوساط الصحفيين، والذي تنقل عنه الصحف القرارات الرسمية للمجلس ورئيسه ولجانه يبدو أنه وقع في الخطأ نفسه، وهو " ترجمة كلمة (يستحق درجة الدكتوراه) بأنه (حصل بالفعل على هذه الدرجة" حسب التصريحات التي أدلت بها عبد الدايم.

الجدل حول مشروعية الإجراءات امتد أيضًا للتساؤل حول مسوغات تواجد د.صلاح فضل، وهو الناقد الأدبي، في لجنة لمناقشة دراسة في الموسيقى جنبًا إلى جنب مع النقاد والمتخصصين في الفن، وهو الجدل الذي ربما أبعد الأنظار عن التركيز على السؤال حول الرسالة نفسها، وكيفية دراسة الموسيقى من زاوية الأسلوبية شأنها شأن الأدب.

يجيب فضل على هذا التساؤل قائلًا إنه أهدى منذ ثلاث سنوات كتابه "علم الأسلوب.. مبادئه وإجراءاته" للموسيقي نصير شمة، مضيفًا: "نصير شمة مثقف، اتصل بي وسألني إن كان بإمكانه أن يطبق ذلك على الموسيقى".

ويتابع: ذهب إلى أستاذ في الموسيقى بالجامعة العربية المفتوحة لشمال أمريكا، وظل يراجعني في المنهج الذي استخدمه في دراسته. ومن حضر الجلسة يعرف أنني استغرقت ما يقرب من 40 دقيقة في مراجعة شمة في المنهج الذي طبقه في دراسته، فيما لم أتطرق للسؤال حول الموسيقى لأن ذلك ليس من تخصصي، ولكنني ناقشته في المنهج، وفي تطبيقه للأسلوبية.

ويصف فضل رسالة الموسيقي العراقي بأنه "عبقرية" مشيرًا إلى جدة الطريق التي سلكها شمة في بحثه. وحول ما إذا كان ذلك سينعكس في صورة نشر للرسالة بأية وسيلة قال إن د.حاتم ربيع، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، حضر المناقشة وأعلن أن المجلس سيقوم بنشرها.

واستنكر د.صلاح فضل الاتهام الموجهة للجنة بمجاملة شمة، واصفًا إياه بأنه موسيقي عبقري، ومتسائلًا: ما المبرر لأن نجامل نصير شمة؟

ورأى أن هذا الجدل "يسيء لسمعة مصر"؛ فنصير شمة" موسيقي عبقري يقيم بالقاهرة، و"بدلًا من أن نحتفي به في مصر ها نحن هؤلاء نقذفه بالحجارة، بهذه التعليقات السخيفة التي تنم عن جهل".

كلمات البحث
اقرأ ايضا:
الأكثر قراءة