Close ad

مصر بعد موقعة التل الكبير.. الإنجليز يُسرّحون الجيش.. والفوضى والجريمة تضرب المحافظات

16-9-2017 | 03:31
مصر بعد موقعة التل الكبير الإنجليز يُسرّحون الجيش والفوضى والجريمة تضرب المحافظات موقعة التل الكبير
قنا - محمود الدسوقي

تعد موقعة التل الكبير التي حلت ذكراها منتصف الشهر الجاري إحدى المعارك التي كان له أثر كبير في التاريخ المصري الحديث، حين انهزم الثائر أحمد عرابي أمام قوات الاحتلال الإنجليزي حيث كانت الموقعة الحزينة بداية لتقدم القوات الانجليزية نحو القاهرة وقيام أحمد عرابي ورفاقه بتسليم أنفسهم لقوات الاحتلال والخديو توفيق وتم نفيهم لجزيرة سيلان.

موضوعات مقترحة

اقترف عرابي خطأ حين وثق بدليسبس فلم يسد قناة السويس لمنع تقدم القوات الإنجليزية التي سيطرت على القناة كما يؤكد بعض المؤرخين، كما أن الجيش المصري بقيادة عرابي كبد الإنجليز خسائر فادحة في موقعة القصاصين في 10 سبتمبر عام 1882م وهي الموقعة التي تلتها موقعة التل الكبير التي لم تستغرق سوي نصف ساعة وأدت بسبب الخيانة لهزيمة عرابي وانكساره.

وبناء على الوثائق النادرة التي نشرتها "بوابة الأهرام" وصف من منفاه الضابط يعقوب سامي، أحد الثوار العرابيين الذي كان يتولي منصب وزير الحربية آنذاك، الحقبة الزمنية التي اتشحت بها القاهرة وعموم مصر بالحزن بعد انكسار الثورة ودخول قوات الإحتلال الإنجليزي بعد تورط الضابط علي يوسف خنفس وبعض البدو في خيانة الثورة والتسبب في هزيمة عرابي في معركة التل الكبير في سبتمبر عام 1882م.

ويضيف سامي في خطابه النادر: "سيدي.. إن المقادير الإلهية ساقتنا لقبول حكم المجلس العسكري الذي حكم علينا علنًا وجهارًا بقتل نفس لا يأمر الله تعالى بقتلها لا كان ولا يكون إلا ما يريد، إنه على كل شيء قدير. ثم إنه في الوقت نفسه قد أبرز سعادة رئيس مجلس المحاكمة أمر خديوي بإبعادنا من وطننا ومن جميع ملحقات الحكومة الخديوية بطريق النفي المؤبد، أما حكم التأييد هذا من طبيعته ملغي حيث ذلك الحكم لا يتأتي صدوره من أي مخلوق كان، بل لا يصدر إلا من المولى عز وجل بعد مفارقة الأرواح أجسامها أي: أهل الجنة مؤبدون وأهل النار مؤبدون " سبحان الحي الذي لايموت ."

بعد رحيل عرابي ورفاقه للمنفى في رحلة طويلة من خلال باب المندب تم تشويه نضاله وثورته وعاشت مصر عدة وقائع دونها التاريخ وهو تسريح الجيش المصري وقوات البوليس لقيامهم برفع لواء المعارضة ضدهم، حيث قام الإنجليز بتقييد مئات من الضباط والجنود ونفيهم لأدغال أفريقيا والحكم عليهم بالحبس مدى الحياة، فيما عاشت المحافظات في الفوضى وزادت الجريمة بسبب قيام الإنجليز بتأسيس شرطة لحفظ الأمن من جنسيات نمساوية وإيطالية وسويسرية وغيرها بدلا من المصريين.

خلال الحرب بين الجيش المصري والجيش البريطاني كان عرابي معنيًا بحفظ الأمن في البلاد، كما يقول الدكتور عبد الوهاب بكر في كتابه "البوليس المصري" لافتًا إلى أن عرابي "بذل مجهودًا كبيرًا لحفظ الأمن، ورغم ذلك تعرضت بعض المحافظات للفوضى نتيجة تواطؤ بعض المديرين مع سلطة الخديو توفيق المنحازة للاحتلال البريطاني".

قام عرابي بإرسال قوات عسكرية إلى مدن طنطا والمحلة الكبري وشبين الكوم لحفظ الأمن، واضطر لأن يتحفظ على اثنين من مديري المديريات وهما: إبراهيم أدهم مدير الغربية، وحسن بك فهمي مدير المنوفية؛ لتواطؤهم مع الخديو توفيق لإشعال المحافظات بالفوضي.

كانت الإسكندرية قد سقطت بعد مذبحة عنيفة جراء اشتباكات بين مواطنين وأجانب، وهي الحجة التي أدت لقيام الأسطول الإنجليزي بضرب الإسكندرية وقام بتدميرها بالكامل، وقام الإنجليز بتشكيل قوة أوروبية من جنسيات ألمانية وروسية وأمريكية ويونانية لحفظ الأمن بعد هزيمة عرابي وتقهقره للتل الكبير، وكذلك فعل الإنجليز في كافة المدن التي سقطت قبل موقعة التل الكبير، وهي: السويس، وبورسعيد، حيث شكلوا القوات الأوربية للسيطرة على شئون مصر وقاموا بتسريح قوات الشرطة والجيش كما يقول الدكتور عبد الوهاب بكر.

في 27 ديسمبر عام 1882م حدثت معركة شرسة بين الأتراك والشراكسة الذين تم استقدامهم لحفظ الأمن في الإسكندرية وهم سكارى، مما جعل أهالي الإسكندرية يطلبون الحماية، واشتبك فرعا البوليس الأوروبي الذي أسسه الإنجليز مع الألباني والتركي في معركة تبادلت فيها إطلاق الأعيرة النارية.

بعد الاحتلال بعام، أي في عام 1883م، قام الإنجليز بتنفيذ مخطههم في تصفية الممتلكات المصرية في إفريقيا في الحبشة وأوغندا وإرتيريا والصومال، وقدم الإنجليز مقترحًا في ديسمبر عام 1883م للحكومة المصرية بإخلاء السودان، وهو المقترح الذي رفضته الحكومة المصرية، إلا أن عدد الأجانب زاد بكثافة في مصر حتى بلغ نحو 90 ألفًا من كافة الجنسيات الأوربية.

تولى الأجانب مسؤولية حفظ الأمن في مصر وأقسام البوليس، وتظهر الإحصائيات، كما يقول عبدالوهاب بكر، أن اثنين فقط من الضباط المصريين كانوا يعملون في الإسكندرية، فيما أبقت سلطة الاحتلال على حماية المصالح الأجنبية في يدها، وزادت الجريمة بشكل كبير سواء لدى الأوروبيين في مصر أو المصريين، حيث قفزت الجرائم بشكل كبير في المحافظات كافة لتصل لنحو 2502 جريمة بعد مرور 5 سنوات على الاحتلال الإنجليزي، وتصل لنحو 7675 جريمة في عام 1888م، أي بعد مرور 6 سنوات على موقعة التل الكبير وهزيمة عرابي.## ## ## ## ## ## ## ## ## ## ## ## ##

كلمات البحث
اقرأ ايضا:
الأكثر قراءة