شهدت مصر على مدار تاريخها عدة فيضانات منخفضة، كانت تؤدي لمجاعة أو ارتفاع في الأسعار بالأسواق كما شهدت عدة فيضانات عارمة حيث كانت تتلقى مصر من إيراد النيل أكثر من حصتها الحالية، إلا أن المؤرخين يؤكدون أن فيضان عام 1887م هو من أقوى الفيضانات وأشرسها والتي شهدتها مصر في نهايات القرن التاسع.
موضوعات مقترحة
بلغ إيراد مصر من المياه في فيضان عام 1887م نحو 150 مليار متر مكعب من الهضبة الإثيوبية، وهو أعلى إيراد من حصة إتفاقية تقسيم نهر النيل فيما حمل النهر جثث الضحايا من السودان والصعيد حتى المصب كما توقفت حركة المواصلات بين محافظات مصر بسبب طغيان النيل علي السكك الحديدية.
ويوضح أرشيف الصحف الصادرة في نهايات القرن التاسع عشر والتي تنشرها "بوابة الأهرام" والتي تحدثت عن قوة الفيضان، إذ أن حركة القطارات وخاصة القطارات الليلية، توقفت مما جعل مصلحة البريد البوسطة سابقًا تنشر إعلانا في الصحف في 20 سبتمبر من عام 1887م.
إذ قالت مصلحة البريد "نظرًا لطغيان النيل فإن قطارات الركاب الليلية التي تسافر مرتين من منطقة بولاق الدكرور إلى أسيوط توقفت"، لافتة أن توقفها مؤقتًا حيث إن الإرساليات بين بولاق وأسيوط بالصعيد ستكون في القطار العادي الذي يتحرك في الصباح وليس الليل أما الإرساليات الصادرة من الإسكندرية فيكون إرسالها كل يوم إثنين وخميس من أيام الأسبوع فقط.
وأوضح الباحث فرنسيس أمين، أن قوة الفيضانات القادمة من بلاد المنابع كانت تؤدي إلى تدمير آلاف القرى المصرية، مضيفًا أن المؤرخين أكدوا أن الموتى كان يحملهم نهر النيل من السودان مرورًا بالصعيد حتى القاهرة، مثلما حدث في فيضان عام 1887، والذي تم تدوين قوته على معبد الكرنك بالأقصر.
وأضاف أن مفتش الآثار في معبد الكرنك بالأقصر آنذاك، قام بكتابة تاريخ الفيضان على الجدران، لافتًا إلى أن هناك نقوشًا في معبد الكرنك تتحدث عن ارتفاع الفيضانات، واستمرت العادة قبل بناء السد العالي، الذي وقي مصر من مخاطر الفيضانات العارمة.
صحيفة الحقوق صدرت تغطيتها الصحفية عن فيضان 1887م بعنوان "النيل المبارك"، مؤكدة أن غرق الأراضي الواقعة بين النيل والسكة والحديد في مديريات المنيا وبني سويف وأضافت "أن هذا النهر المبارك مع كثرة بركاته قد يأتي بأضرار عظيمة فإذا غار شرقت الأرض وإذا فار غرقت الأرض إلا إن فورانه وطغيانه أقل ضررًا من غوره ونقصانه وأوضحت أن "ماتخسره البلاد في وقت الطغيان لا يعادل أجزاء صغيرة مما تربحه الأرض من التربة الجيدة التي يلقيها على وجه أراضيها".
وقالت الصحيفة "طغى النيل في عام 1874م مثل السنة الحاضرة وارتفعت مياهه أما في سنتنا هذه أي عام 1887م فلا يزيد عن 25 ذراعًا في زيادة فاقت فيضان عام 1874 بمقدار 72 سنتيمترًا، وهذا كان السبب في علو المياه في المنيا وبني سويف فغرقت هناك قري وأراضي بين النيل والسكة والحديد ومهما جاء في أخبار هذا النهر من الغرائب والمعاناة فإن أمر فيضانه السنوي معلوم لارمز فيه و لغز".
وأكد فرنسيس أمين أن مصر كانت من أوائل دول العالم التي قامت بعمل مقاييس لنهر النيل، وقامت بضبط نهر النيل في بلاد المنابع لمدة 100 سنة، وأنشأت السدود في أفريقيا، لافتًا إلى أن المصريين كانوا يستبشرون بالفيضانات العارمة المرتفعة حتى لو أوقع النهر ضحايا.
فيضان عام 1887م في الصحف المصرية فيضان عام 1887م في الصحف المصرية