Close ad

الجريمة التي هزت الرأي العام بالإسكندرية في عصر الرومان.. كتاب يرصد أشهر قصص القتل وعقوبة الإعدام بمصر

11-7-2017 | 20:55
 الجريمة التي هزت الرأي العام بالإسكندرية في عصر الرومان كتاب يرصد أشهر قصص القتل وعقوبة الإعدام بمصر غلاف الكتاب
محمود الدسوقي

في مصر القديمة، كان القتل أشد الجرائم التي ترتكب ضد الإنسان، سواء كان المقتول حرًا أم عبدًا. ويقول أحمد خفاجة رحيم، في كتابه "الجريمة والقانون في مصر في عصري البطالمة والرومان"، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، إن القانون في مصر القديمة فرق بين القتل العمد والقتل الخطأ.

موضوعات مقترحة

ويشير رحيم إلى أنه: "أقر المصري القديم عقوبة الإعدام لمن قتل متعمدًا، بصرف النظر عن المكانة الاجتماعية للقاتل أو المقتول"، لافتًا إلى أن "المؤرخ ديودور الصقلي أشار كثيرًا إلى بشاعة القتل في نظر المصريين، حيث يستنكرون بشاعة الاعتداء على جسد أحدهم، ويزيد من بشاعة جريمة القتل أن يرتكبها الابن ضد أحد أبويه".

إذا قتل الابن والده، يعذب الابن قبل إعدامه بتمزيق جسده بعصا مدببة، بعدها يعدم حرقا على الأشواك، حيث الجزاء من جنس العمل، وليس هناك أبشع من أن يقضي الإنسان على حياة من منحوه الحياة، أما قتل الابن علي يد أحد أبويه، فكان جريمة في نظر القانون، ولكن لم تكن عقوبتها الإعدام.

يضيف رحيم في كتابه، أنه "لم يكن معقولًا أن يعدم الأب الذي منح الحياة لطفله، ولهذا كان هناك عقاب نفسي بديل عن الإعدام، وهو أن يجبر الأب القاتل على احتضان جثة ابنه مربوطًا في عنقه ثلاثة أيام وثلاث ليال، وأن يعرض هذا المشهد علنًا أمام الناس، وقضت قوانين منف في جريمة القتل بغير عمد، بأن القاتل بغير عمد لا يدخل بيته إلا بعد أن يتطهر من جرمه، ويضع قربانًا على مقبرة ضحيته".

كان القتل العمد سواء كان القتيل حرًا أو عبدًا، يستوجب عقوبة الإعدام، فقد كان للمصري قناعة بأنه يجب على الإنسان عدم ارتكاب الخطايا، وعقوبة الزنا بامرأة متزوجة، كان يحكم على مرتكبها بالإعدام، حيث كان يقتل الزاني على عتبة منزلها الخارجي، وكان لزوجها الحق في تنفيذ الحكم. كما كانت العقوبة نفسها تطبق على المرأة الزانية إن كانت متزوجة، وكانت جرائم قطع الطرق واقتحام المنازل، تعد جرائم كبرى تستحق الإعدام أحيانًا، كما كان حلف اليمين زورًا، وكذلك خيانة الوطن، وتدنيس المعابد.

ويشير أحمد خفاجة رحيم، إلى أن القانون المصري الذي حظر جريمة القتل "أشرك الناس في محاولة منعها؛ فكان لزامًا على كل شخص يرى جريمة قتل أن يتدخل لإنقاذ المجني عليه، إن كان باستطاعته ذلك، وإلا كانت عقوبته الإعدام مثل القاتل، باعتباره طرفًا في الجريمة. أما إذا لم يكن في مقدوره منع الجريمة، فعليه أن يبلغ عن المجرمين، وأن يقدم شهادته ضدهم أمام المحكمة، وإذا أحجم عن الإبلاغ، ولم يقدم المعلومات، يضرب ويمنع من الطعام لمدة ثلاثة أيام متصلة".

في العصر البطلمي والروماني، كان القانون يفرق بين القتل العنيف والقتل عن طريق السم، حيث اختلف القانون هنا عن قانون المصري القديم، الذي نظر لجريمة القتل على أنها جريمة ضد الدولة والمجتمع، ولم تكن تهمل لمجرد عدم حضور المدعي، كما كان الحال في العصر البطلمي.

وأوضح رحيم، الذي سرد الكثير من القصص الشيقة عن الجريمة في مصر في عصر البطالمة والرومان، أن ندرة الوثائق المرتبطة بالقتل جعلت هناك صعوبة في التعرف على العقوبة المرتبطة به، بعكس الحال في مصر القديمة، "إلا إن القانون البطلمي قد نظر لجريمة القتل العمد نظرة القانون المصري القديم نفسها، يدل على ذلك قرار العفو الذي أصدره يورجيتيس الثاني 117 قبل الميلاد، فقد استثنى من العفو أولئك المذنبين في جرائم القتل وتدنيس المعابد".

ارتبط بجريمة القتل العمد عقوبة مصادرة أملاك المتهم، حيث كانت المصادرة عقوبة إضافية، وليست أساسية، وحين جاء العصر الروماني، وضع القانون مسألة التحريض على القتل في الاعتبار، وأصبح لها دور كبير، كما تظهر وثائق العصر الروماني، أن القتل لم يكن قاصرًا على اللصوص والمجرمين، بل امتد لتشمل بعض الأفراد من الطبقات الراقية، حيث أخبرت سيدة من بلدة كرانيس أخاها، بأن ابنها ارتكب جريمة كبرى بقتله لأحد الأشخاص، ويدعى ميناس، وطلبت السيدة من أخيها، العمل على تسوية هذه القضية بسبب مركز ابنها، وقد نجح الخال في حمايته من القصاص، وتسديد قيمة الفدية التي كانت عالية جدًا.

في القرن الرابع الميلادي، وقعت جريمة قتل، كان لها صدى واسع عند المصريين، حيث قام عضو بارز بمجلس الشيوخ السكندري، بقتل عشيقته العاهرة، التي اعتاد أن يزورها في منزلها، وقد اعترف عضو مجلس الشيوخ بجريمته، حيث كان ولعه بها ورغبته في أن تكون له وحده هو ما دفعه لارتكاب هذه الجريمة، وقد ألقي القبض عليه ووضع في السجن، رغم مكانته البارزة، وعندما طالب أعضاء مجلس الشيوخ السكندري، بإطلاق سراح زميلهم، رفض القاضي، خشية انفجار غضب العامة، الذين كانوا على أهبة الاستعداد للفتك بالقاتل.

وأصدر القاضي حكمه بإعدام القاتل عن طريق السيف، وجاء في حيثيات الحكم، أنه ارتكب جرمًا مشينًا جلب العار على مجلس المدينة، كما أن فعلته تمثل عملًا وحشيًا غير إنساني؛ "حيث كان القاتل المتغطرس لا ينتمي لطائفة القتيلة المسكينة التي تعاطف معها الأهالي".

كان اختفاء الأشخاص، وبخاصة من جامعي الضرائب المكروهين من الشعب، سمة مميزة في وثائق الإجرام في العصر الروماني، كما يقول أحمد رحيم، لافتًا إلى أنه "يرتبط بجرائم القتل في مصر في عصري البطالمة والرومان إجراء حكومي مهم، وهو توقيع الكشف الطبي على جثة القتيل قبل التصريح بدفنه، ونتبين ذلك من خلال الوثائق الرومانية، إلا أن هذه التقارير الطبية في واقع الأمر لم تكن مرتبطة بجرائم القتل فقط، بل كانت في حالات الإصابة المختلفة، وفي حالة الموظف الذي يمرض أثناء تأدية عمله".

في حوادث الضرب والاعتداء، كان المواطنون يقدمون شكاوى للمسؤلين للقبض على من اعتدى عليهم، ففي القرن الأول قبل الميلاد، طلبت فتاة من مسؤل روماني، إلقاء القبض على خرساء، اعتدت على والدتها في ساعة متأخرة، في حين قام رجل بتقديم شكوى في امرأة، قامت بتعرية صدره والبصق عليه، حين حاول منعها من تفريغ مبولة في الشارع، فيما قام عارض ألعاب رياضية بتقديم شكوى في امرأة، قفزت عليه وضربته بقسوة، وكان عقاب المعتدي غرامة مالية، أما إذا كان الضحية في حالة صحية سيئة، فيتم التحفظ عليه، ويعامل الجاني معاملة القاتل.

كلمات البحث
اقرأ ايضا:
الأكثر قراءة