في خطابه النادر يصف الضابط يعقوب سامي، وكيل الحربية الأسبق في عهد الثورة العرابية، لصديقه القبطي الخواجة ديمتري عبده زيد مجده رحلة المنفى لجزيرة سيلان.
موضوعات مقترحة
وجزيرة سيلان من الجزر الموجودة في المحيط الهندي، وتقع في جنوب قارة آسيا وجنوبي الهند التي ترتبط بها بحدود بحرية كبيرة، وبسبب موقعها الإستراتيجي المهم وقعت تحت الاحتلال الإنجليزي وتمكنت من نيل استقلالها في عام 1948م، وأصبح يطلق عليها حاليًا اسم سيريلانكا.
والخطاب النادر، الذي تنشره "بوابة الأهرام"، والمكتوب باللغة العربية الفصحى والمزوّد بالعامية المصرية، تم اكتشافه بعد ثورة 1882م بـ 16 سنة، أي في 1898، حيث وُجد في المتعلقات الشخصية للخواجة ديمتري بعد رحيله، حيث قامت الصحف آنذاك، ومنها "الحقوق"، بنشره بصفته أثرًا تاريخيًا وجغرافيًا.
وصف يعقوب لصديقه أحوال الطقس والمناخ في جزيرة سيلان، حيث أرفق خريطة جغرافية للجزيرة مع الخطاب، كما حدثه عن المولد الذي يقام سنويًا لحواء وآدم - عليهما السلام- في الجزيرة، قائلًا إن "أمطارها بكثرة، شوارعها في غاية الانتظام، جميع بيوتها يوجد بها متنزهات بل هيئة ومنظر المدينة (كلمبو) من داخل وخارج هو منتزه، وجميع مدن الجزيرة المذكورة هي في الحقيقية متنزهات لا يشبع الناظر من النظر إليها، وهي الجزيرة التي تسمى ببلاد الهند عمومًا بجنة الهند".
"وفي الحقيقة ونفس الأمر أنها جنة آدم عليه السلام بها جبل سرنديب أي الجبل المكرم الذي هبط به وخرج منه والدنا آدم وحواء عليهما أفضل السلام ولهما مقام في هذا الجبل ولهما موسم زيارة يحتفل به في كل عام فيأتي في الموسم رجال كثيرون من كل جهة من بلاد الهند والصين وينصب به أسواق ويباع ويشتري كمولد سيدي الأحمدي بطنطا، وهذا الموسم قد قرب حلوله وبمنة الله سنتوجه للزيارة والسياحة بتلك الجهة ونحرر لجنابكم عما يوجد به من الغرائب"
وجبل آدم الذي تحدث عنه الضابط يعقوب سامي في خطابه يطلق عليه جبل "سري بادا" التي تعني "بصمة القدم المقدّسة"، وهو جبل مخروطيّ وارتفاعه يصل إلى 1243 مترًا، ويتسلّق هذا الجبل آلافٌ من المتسلّقين سنويًا منذ أكثر من عشرة آلاف عام وخاصة بين شهري ديسمبر ومايو، حيث يصعد الزائرون لهذا الجبل بالدرجات الحجريّة. وقديمًا كانوا يصلون القمّة بالسلاسل والصخور، ويعتقد البوذيون أن بصمة بوذا اليسرى هي التي تمثّل هذه القمّة، فيما يعتبرالهندوس هذه القمّة رمزًا لبصمة قدم الإله "شيفا"، أمّا المسلمون والمسيحيّون فإنّهم يرون أنّ هذه القمّة رمز للنبيّ آدم، حيث يعتقد أن هذه البقعة أوّل مكان وُضعت فيه قدما سيدنا آدم لحظة خروجه من الجنّة.
وأوضح يعقوب في خطابه أنه "يوجد بجبل سرنديب وخلافها بالجزيرة أحجار كريمة مثل الياقوت الأحمر والأزرق والأصفر وعين الهر وخلافها، أحجار متنوعة تصنع بمعرفة أهالي هذه الجهات، وجوز الهند يخرجون منه جملة منافع، وهو الصنف المعول عليه عندهم؛ حيث إنهم يخرجون منه زيوتًا ذات فائدة، ويستعملون زيته في الطبخ بدل المسلى؛ إذ لا فرق بينه وبين سمن الغنم. ومن الزيت المذكور يدهنون شعوره، وهو مربي للشعور، حتى شعر الرجل سائل على الأرض ويلمع بلون أسود غريب يعشقه كل ناظر".
"وخوص زيت الهند وليفه وخشبه وكريده نافع عندهم، يصنعون منه الكراسي والسراير وخلافها من الصنائع الغريبة، وتجد الجزيرة مزينة بأشجاره المتكاثرة، وبها فابريقات بخارية بكثرة لاستخراج زيته، وللبن أيضًا، ويوجد بالجزيرة غابات بكثرة من شجر الصاج الهندي والأبانوس وخلافها من الأشجار الهندية ذات قيمة يصنعون منها جملة مصنوعات هندية، وصناعة النجارة عندهم في أعلى درجة، كذا صناعة الصياغة وحك الأحجار، خصوصًا طائفة العمارين، جميع بيوتهم ومساكنهم برسم وهيئة إسماعيلية القنال بمصر".
ويردف: الوحوش يوجد بغاباتها الفيل الأبيض والأسود والسبع والنمر والضبعة والدبة والثعلب الأبيض والأحمر والنسناس الأبيض والأحمر والأسود خصوصًا، وأصناف الأفيال كثيرة، يأخذون سنه ولهم باع طويل في صناعة العاج ودبغ جلود الوحوش، كذلك يخرج بأرضها الأناناس وقطن السيلان، أما الأناناس فيأكلون طرحه، أي ثمره بالطبخ وبغير الطبخ، أما أليافه يخرجون منها حرير الأناناس، وأشجاره كثيرة حتى أنها تباع العشرة من أثماره بقرش صاغ مصري كقيمة الجوز الهندي، هذا أناناس الذي تباع منه الواحدة بمصر بأربع وخمسات فرنكات.