قالت النحاتة حورية السيد، إن النحت كمجال فني "له رونقه وخصوصيته، ولايقبل من يستهين به، بل يحتاج لفترة طويلة من العمل والمجهود والإمكانات".
موضوعات مقترحة
وأضافت السيد لـ"بوابة الأهرام": "يحتاج هذا المجال إلى صبر ومثابرة وإرادة ومرونة ومغامرة، وهو من الفنون التي يقُاس بها مدى التحضر والرخاء والاستقرار لأية دولة"، لافتة إلى أن "الفنون هي التي تؤثر بقوة على الإنسان بما يملك من أبعاد حقيقية وليست إيهامية، وقد تكون معادلة للإنسان وأحاسيسه وهواجسه وتفكيره".
وتتابع: "الخيال في النحت يأخذ أبعادًا حقيقية في الفراغ يشارك الإنسان في الطبيعة والتعايش معها، وهو أقرب دائمًا لفطرته وصورته، ونظرًا لأهميته فقد ارتبط ارتباطًا وثيقًا منذ القدم بأماكن تواجده وحياته فارتبط بالعمارة".
وتستطرد: "وجد النحت بالبيت الأول في الحياة الذي يسكن فيه، وبيوت العبادة، والبيت الأخير والخالد (المقابر)، وحتى في التابوت الذي يحمل جثمانه".
وأردفت: "فهو الدليل ولغة التواصل مع الإله ومع نفسه حتى بعد موتها. وكانت مصر أول مدرسة للنحت، حيث وهبها الله نهراً عظيماً ناحتاً لأرضها وصخورها ومشكلاً لطبيعتها، وأرض سهلة وخصبة جعلت من يعيش عليها آمنا لاحتياجاته الأولية".
وتستدرك: "أما عن فنون ما بعد الحداثة فهي وليدة محاولة الفنان للتصالح مع القطيعة والرفض، الذي قامت عليه فنون الحداثة السابقة لها، والتي أتت من خلال صدمة الفنانين في أوروبا من وقائع آلام الحروب العالمية، فكانت فنون الحداثة بمثابة صرخة من الفنانين لرفضهم كل القيم والعادات والتقاليد التى رأوها مزيفة، لأنها هي من أدت بهم إلى تلك الحروب والمجاعات والأمراض".
وتستكمل: "وبعد حالة من الهدوء، ظهرت فنون ما بعد الحداثة كمحاولة للفنانين لعدم رفضهم لتلك القيم والعادات والتقاليد، ولكن محاولة قراءتها بأشكال مختلفة حتى لو أخذت منهجاً ساخرًا، وقراءة الرمز بأكثر من معنى فتعددت الدلالات الرمزية".
"تبنت هذه الفنون مفاهيم المزاوجة بين الطرز المختلفة، واستخدمت أساليب المفارقة الساخرة والغموض والتناقض والهارمونية غير المتجانسة، وتجاوز النزعة العدمية إلى التبادل الثقافي المتفتح والمزاوجة بين المعاني المتناقضة، مثل التقدمية والحنين إلى الماضي".
"كذلك تبلورت الفنون المعاصرة في نهاية الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن العشرين. وارتبطت هذه الفترة بصفة عامة بالثورة التي أحدثها التليفزيون والعلوم الرقمية وعلوم الاتصالات، وتعالي الأصوات التي تنادي بالعولمة وذوبان الفواصل والثقافات في تبني مفهوم موحد يجمع الجميع، هو صوت يأتي من أمريكا، وليس أوروبا في هذه المرة".
وترى السيد، أن أمريكا كدولة قامت في بدايتها على محو حضارة الهنود الحمر، ثم استقطاب مبدعين من كل أقطار العالم، أغلبهم كانوا أوروبيين ممن هربوا من الحروب، ووجدوا أنفسهم بمكان جديد، فصنعوا شكلًا جديدًا لحضارة خاصة بهم، تقوم على الاستنساخ، وفنون تقوم على التفاعل الحي بين المتلقي والعمل".
وأردفت: أغلب هذه الفنون تحتاج إلى أدوات وإمكانات لا نصنعها فنستورد كل شيء مع الأسف؛ فنحن لسنا مبدعيها ولا نملك أدواتها، فنقف دائمًا أمامها بنظرة المتلقي وليس المبدع، فننتظر مبدعها بالخارج كي يقوم بعمل جديد، ونقوم بشرائه واستخدامه، فالإبداع هنا هو إبداع محدود لأنه مشروط بإمكانات وأدوات كلها تأتي من الخارج".