تواصل "بوابة الأهرام" نشر خطاب نادر عمره أكثر من 130 سنة للضابط يعقوب سامي باشا وكيل وزارة الحربية الأسبق، وأحد الثوار العرابيين في عام 1882م، وجّهه لصديقه القبطي الخواجة ديمتري عبده زيد مجده بعد إلقاء القبض عليه وترحيله للمنفى بجزيرة سيلان.
موضوعات مقترحة
والخطاب النادر، الذي تم اكتشافه بعد ثورة 1882م بـ 16 سنة، وُجد في المتعلقات الشخصية للخواجة ديمتري حيث قامت صحف نهايات القرن التاسع عشر في عام 1898م ومنها الحقوق بإعادة نشره بصفته أثر تاريخي وجغرافي.
يقول يعقوب في خطابه "حين صار أعادتنا ثانية إلى حبس الدائرة السنية ثم بعد هذا الحكم أيضًا صدر حكم ثالث من بعد من مجلس النظار مزين بأمر خديوي بتنفيذ سلب جميع أملاكنا من عقارات وأطيان ومنقولات وخلافه لغاية ما يسلب في مستقبلنا ما نستحق تملكه بمقتضى الأوامر الآلهية المعلومة في جميع كتب الشرايع والسنن".
ويستغرب يعقوب من الأحكام الصادرة في حقه وحق رفاقه العرابيين مؤكدًا "وأظن أنه لا يسمع ولا يرى في أحد التواريخ المثبوتة بل ولا في كتب الخرافات، توقيع أحكام ظالمة متنوعة ومتعاقبة مخالفة لكل شرع وقانون على شخص ولو ثبت عليه جناية واحدة)، إنما عسى أن تكرهوا شيئا).
وسامي يعقوب الذي كان يتولى منصب وكيل وزارة الحربية، كلفه الثائر أحمد عرابي بالاجتماع مع الوجهاء وعمد البلاد حيث تم تكليفه من عرابي، لحشد المتطوعين المصريين بقتال الإنجليز ووصف التاريخ المصري يعقوب بأنه "قام بما لم يقم به مئات الرجال، أخذ يجند الجنود، ويبعث البعوث إلى ساحة القتال فكان أكثر القوم همة وأصدقهم خدمة"، وقد تعرض للنفي في سيلان بعد رحلة عذاب في السجن بعد هزيمة الثورة في معركة التل الكبير.
ووجه الضابط يعقوب رسالته لصديقه ديمتري، بقوله "حبيبي وجدت هذا الكلام ينغص لكل شخص، ولو كان ظالمًا فاختصر عند ذلك وأبين لحضرتكم حضرتي كما ذكرت لعدم تصديع جنابكم وتشويش أفكاركم".
أيها المحب العزيز كنت نائما بفراشي بظلام الحبس الذي تكرمتم بزيارتي فيه، وكانت الساعة خمسة من ليلة الأربعاء الموافقة لتاريخ 14 من شهر صفر الخير سنة 1300هجرية فما أشعر إلا وجملة ربانية حضروا من ضبطية مصر وضرب باب الأودة " (الحجرة) حتى أيقظوني من وحشة ظلام الحبس وأخبرونني أني متوجه إلى النفي فقمت مسرورًا لمفارقتي أهل الظلم والعدوان ممنونًا.
والله يا أخي ما طربت، طول عمري مثلما حصل لي في هذا الوقت من الفرح حيثما أني أحقق لنفسي بنفسي وكما يعلم الإله ذلك أنني مظلوم ولا بد أن المولى عز وجل يلحق والخطاب النادر نشرته الصحف المصرية ومنها مجلة بالعقاب كل ظالم غدار ومفتري كذاب.. ومن رضي بالقضاء والقدر نجي من آلام الكدر ".
ثم لبست ثيابي وخرجت مع الزبانية حتى أوصلوني إلى قشلاق قصر النيل، ووجدت وابور يقطر جملة عربات وواقف على الأستيم فأدخلوني عربة من الدرجة الأولى، وادخلوا معي أربعة من الزبانية الجراكسة مسلحين بآلات الحرب وبعد برهة أحضروا عائلتي الحريمات محاطة بهم جملة عساكر من خيالة الضبطية وأدخلوهم في عربات أخرى.
ثم قام بنا الوابور وأخذ في سيره حتى أوصلنا إلى رصيف حوض السويس في صباح اليوم المذكور، وبوصولنا، ووقوف وابور السكة الحديد وجدنا سعادة مورس بك ناظر غفر سواحل القونطر ابندي ومعه عشرون نفر بالسلاح من عساكر بحرية وابور المحروسة ركوب لحضرة الخديوية تحت إدارة على قبودان الصاغقول اغاسي كريدلي الأصل. وكذا وابور مريدوس الإنجليزي واقف علي الاستيم في انتظارنا ثم صار خروجنا من عربات السكة الحديد ودخولنا وابور البحر المذكور وأدخلونا بقمرات الدرجة الأولى واحتاطت بنا عساكر البحرية والقبودان البادي ذكرهم.
وحالا صار قيام الوابور وفارق حوض السويس بمسافة ميلين ثم وقف ورمي حديده وبحال وقوف الوابور أمر سعادة مورس بك المشار إليه برفع الغفر الذي وضعه علي قبودان علينا واستعذر لنا واخبرنا إننا أحرار ولسنا تحت الأسر وصار يمازحنا ويلاطفنا كأب شفوق وأخ صديق.
وفي الساعة 11 من اليوم ذاته أخذ الوابور حديده وأطلق سيره وأخذ اتجاهه مستقيما على خط مواصلة سيلان واستمر في سيره بحالة سكون البحر مدة أيام حتى خرج من باب المندب.