Close ad

وثيقة عمرها 129 عامًا: حبس مزارع 15 سنة مقيدًا بالحديد.. وتبرئته في اللحظة الأخيرة |صور

18-5-2017 | 16:42
وثيقة عمرها  عامًا حبس مزارع  سنة مقيدًا بالحديد  وتبرئته في اللحظة الأخيرة |صور قيود- أرشيفية
محمود الدسوقي

في يوم جمعة من شهر أكتوبر من عام 1888م اتجه مرجان السوداني لمنطقة ميت حبيب بالغربية لقضاء سهرة عرس في صحبة صديقه إسماعيل أبو علي أبو إسماعيل، وبعد انتهاء حفلة العرس، وأثناء رجوعه لمنزله منتصف الليل، سمع زعيق الخفر وإطلاق أعيرة نارية بكثافة بالقرب من منزل سيده المزارع الذي يعمل لديه.

هكذا تقول الوثيقة التي تنشرها "بوابة الأهرام"، والتي تمثل محضر قضية لها من العمر 129 سنة، وهي قضية المزارع إبراهيم منصور الذي تم اتهامه في واقعة قتل مرجان السوداني، فتم الحكم عليه بالحبس 15 سنة مقيدًا في الحديد.

كان على مرجان أن يستطلع الأمر، بخاصة حين تأكد أن أصوات الأعيرة النارية في منزل سيده إبراهيم منصور، فذهب مذعورًا حتى بلغ منزل السيدة "ست أبوها" القريب منزلها من منزل سيده، وهناك قابله اثنان من الغفر وهما: الشعراوي، ومحمد وهبة. وسأله وهبة عن الخبر، وماذا يحدث من إطلاق الأعيرة النارية، فأجاب بأن :دار سيده راحت والرجالة داخلها يضربون بارود وبنادق"، وبأنه ذاهب يستطلع الأمر.

أكد له الخفيران أنهما لا يستطيعان الذهاب معه للدار التي يطلق بها أعيرة نارية، لذا كان على مرجان أن يذهب وحيدًا لإنقاذ دار سيده من مجهولين يطلقون بداخلها الأعيرة النارية، وكان عليه أن يواصل السير ليفاجأ بمجهولين اثنين سألهما "من أنتما؟" فرفع أحدهما طبنجة وضربه بها، وجرى، دون أن يرد على تساؤلات مرجان السوداني.

نزف مرجان السوداني جراء إصابته، إلا أنه كان عليه أن يتحامل على نفسه حتى وصل لخص الخفراء الغربي للمنزل، الذي به سيده، ووجد به محمد أبو النيل الذي قام بإحضار الخفراء وشيخ النوبة، بالإضافة لحماته وزوجته، وقام العوضي عطيطة ومحمد الوكيل وإسماعيل خضر والبيومي القرش وحملوه وهو ينزف، ووضعوه بالمحل واستدعوا مأمور مركز الشرطة وحاولوا البحث عن المجرمين دون جدوى.

لم يحتمل مرجان السوداني إصابته الخطرة وفارق الحياة، وقامت الشرطة بإلقاء القبض على إبراهيم منصور، مزارع مقيم بناحية أبو صير غربية، وهو المزارع الذي كان يعمل لديه مرجان، بعد تأكيد أصدقاء القتيل أن إبراهيم منصور هو الفاعل الحقيقي، وتم تدوين قضية في النيابة العمومية نمرة 3075 بالجدول العمومي نمرة 670 لسنة 1889م وتم الحكم عليه بالسجن 15 سنة مقيدًا بالحديد.

كان حكم الحبس مقيدًا بالحديد من الأحكام المعمول بها في مصر في القرن التاسع عشر، ومارستها قوات الاحتلال الإنجليزي مع المعارضين من رجال الجيش والشرطة، حيث تم الحكم عليهم بالحبس مقيدين بالحديد ونفيهم لأدغال أفريقيا دون عودة.

لكن المزارع منصور استأنف على الحكم الذي يقضي بحبسه لمدة 15 سنة في السجن مقيدًا بأغلال الحديد، وطعن على حكم المحكمة الابتدائية مؤكدًا أنه لم يقم بقتل مرجان السوداني الذي حاول إنقاذ منزله من حادثة سطو قام بها اللصوص.

انعقدت محكمة استئناف مصر برئاسة شفيق منصور، والقضاة: إبراهيم زكي بك، وإسكندر زلزل بك، ومسيو بوند، ومحمد أفندي مجدي، مساعد النيابة، في يوم الإثنين 25 مارس من سنة 1889م، وكان كاتب الجلسة أحمد حافظ أفندي، مثلما أكدت الحقوق في القسم القضائي، واستمعت المحكمة لأقوال النيابة العمومية وتقريرها المقدم من محمد أفندي مجدي وطلبات النيابة العمومية وأقوال المتهم والمحامي عنه.

قال المحامي إن زوجة المصاب مرجان وحماته أكدتا في أقوالهما، أنه كان مجتمعا عند السودانيين أصدقائه، وأنهما ما سمعا منه مطلقًا أن الضارب له هو إبراهيم منصور المزارع، الذي يعمل عنده مرجان، وأضاف أنه يفترض كذب السطو المسلح على منزل إبراهيم منصور؛ "فلا يمكن أن يكون هو القاتل لمرجان؛ لأنه لم يشهد أحد برؤيته يقوم بضرب العيار الناري، ولم توجد آلة استعملت في الضرب، كما أنه لم يقم المصاب مرجان بالاعتراف بقيام إبراهيم منصور بقتله".

وأوضح أنه "ينتج أيضًا من شهادة الشهود، ومنهم الخفراء والمصاب، بوجود صياح وزعيق في منزل إبراهيم منصور قبل حضور مرجان، وأن محمد أبو النيل بعد أن شهد أن إبراهيم منصور هو الضارب لمرجان عدل في شهادته، كما أن شهادة شهود الإثبات قد تناقضت في أكثر من موضع مهم"، وأوضحت النيابة أنه "لا يوجد ما يمنع المصاب من الاعتراف لمأمور مركز الشرطة وزوجته وحماته بأن إبراهيم منصور قتله؛ حيث إنه لايجوز الأخذ بأقوال رفقائه السودانيين الذين تعمدوا أن يؤكدوا أن إبراهيم منصور هو قاتل صديقهم مرجان".

طالب المحامي ببراءة إبراهيم منصور المزارع من تهمة قتل مرجان طبقًا للمادة 210 من قانون تحقيق الجنايات، وألغي الحكم المستأنف وحكمت المحكمة ببراءة ابراهيم منصور، و"المصاريف على طرف الحكومة"، لتلغي حكم حبسه 15 سنة مقيدًا بالحديد، إلا أن الوثيقة التاريخية لم تجب على السوال: من قتل مرجان؟




كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة