Close ad

بالوثائق.. تاريخ سيدي عبدالرحيم القنائي ورحلة حزنه بعد وفاة والده من دمشق إلى قنا | صور

7-5-2017 | 21:43
بالوثائق تاريخ سيدي عبدالرحيم القنائي ورحلة حزنه بعد وفاة والده من دمشق إلى قنا | صورمسجد سيدي عبدالرحيم القنائي
قنا - محمود الدسوقي

صدر للباحث التاريخي أحمد الجارد، كتاب ذريات سيدي عبدالرحيم القنائي، تاريخ وذريات، حيث استعرض الكتاب بالوثائق والمرويات التاريخية الموثقة تاريخ سيدي عبد الرحيم القنائي، الذي تحتفل محافظة قنا، في هذا الوقت من شهر شعبان الهجري من كل عام، بمولده.

واستعرض الكتاب ميلاد سيدى عبدالرحيم القنائى، فى قرية ترغاى، بمدينة سبته، التى تقع فى إقليم غماره فى المغرب الأقصى سنة 521هـ ــ 1127 م حيث كان اسمه أسداً، ولكنه غير اسمه فى مصر إلى عبدالرحيم، ولد من أبوين كريمين ينتهى نسبها إلى سيدنا الحسين "رضى الله عنه"، وأمه السيدة الشريفة سكينة بنت أحمد بن حمزة الحرانى، وهو من بنى حمزة الذين كانوا نقباء الشام، وشيوخه كانوا ذوى علم ودين.

ويقول الجارد، مؤلف الكتاب في تصريح لــ"بوابة الأهرام"، إن المرويات التاريخية، أكدت، أن سيدي عبدالرحيم القنائي، أحد أقطاب التصوف في مصر والعالم الإسلامي، كان طويل القامة، ممتلئا وعريض الجسم، أبيض البشرة، مستدير الوجه، واسع الجبهة، وضاح الجبين، مقوس الحاجبين، واسع العينين مع سوادهما، طويل أهدابها، جميل الخد، مفرط الأنف قصير الشارب، رقيق الفم، مفلج الأسنان، ذا لحية كثيفة يميل لونها إلى اللون الذهبى كشعر رأسه، ضخم الرقبة كثير الشعر واسع المنكبين، طويل الذراعين، واسع الكفين، وكان يلبس عمامة على طربوش أبيض.

واسمه الحقيقي الذي يعرف به بعد تغيير اسمه من أسد هو عبدالرحيم بن أحمد بن حجون بن محمد بن حمزة بن جعفر بن إسماعيل بن جعفر بن محمد المأمون بن على بن الحسين الجواد بن على بن محمد الديباج بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الإمام الحسين رضى الله عنه ابن الخليفة الراشد على بن أبى طالب كرم الله وجهه، أما والـــده فقد كان عالماً فاضلاً وإماماً ذا مكانة كبيرة عند الناس، وعرف عنه قدرته الكبيرة فى الوعظ والتأثير على الناس، وكان محبوباً منهم، وكان حجة فى الحديث الشريف وفى فقه الإمام مالك "رضى الله عنه".

توفى والده وهو فى الثانية عشرة من عمره ( وفى رواية الثامنة عشر )، وكان يحب والدح حباً جماً، ويرى فيه المثل الأعلى والقدوة الحسنة، لذلك فقد تأثرت صحته وساءت حالته النفسية بسبب وفاته، فمرض مرضاً شديداً، حتى أصبح شفاؤه ميئوساً منه، مما جعل والدته تفكر فى إرساله إلى أخواله فى دمشق، أما أمه فكانت سكينة بنت أحمد، كانت سيدة فاضلة تنتمى أسرتها إلى أسرة عريقة من سادة دمشق. فهو حسنى النسب من جهة أبيه وأمه.

كان الطفل ( أسد ) عبدالرحيم، حاد الذكاء، قوى الملاحظة والذاكرة، يعى ما يرى ويسمع، ويروى عنه أنه رأى أمه تشعل ناراً، فلاحظ أنها تبدأ بإشعال الحطب الصغير، ثم تضع بعد ذلك الحطب الكبير، فبكى، ولما سألته أمه عن سبب بكائه، قال، إنه يبكى خوفاً من الله، ظناً منه هذا سيحدث لهم يوم القيامة، فيبدأ العقاب بالصغار ثم يتلوهم الكبار، فطمأنته أمه أن رحمة الله واسعة. توسم والده فيه خيراً، فكان يصطحبه إلى مجالس العلم والوعظ واستطاع الكلام فى علوم الفقه وشرح الحديث، وهو فى الثانية عشرة.

وعن رحلته إلى دمشق، يقول الباحث التاريخي أحمد الجارد، إنه ارتحل إلى دمشق عام 534، حيث التقى هناك بأخواله وأهل والدته، الذين أكرموا وفادته، وسهلوا له مهمة الاتصال بكبار العلماء والفقهاء هناك. وقد أمضى فى دمشق وأنفق فى طلب العلم ثمانى سنوات، نهل فيهما من علوم المشارقة كما تفقه فى علوم المغاربة، كان من أخواله بدمشق السيد محمود مفتى دمشق، وأيضاً خاله ( زين العابدين ) الذى كان إماماً للشافعية هناك، فكان أن تعلم وتربى ودرس، حتى أنهم ألحوا عليه أن يجلس لتدريس الفقه، إلا أن الحنين إلى العودة إلى مسقط رأسه قد غلب عليه فشد رحاله إلى ترغاى، حيث أهله وعشيرته، وكان قد بلغ فى ذلك الوقت العشرين من عمره.

ارتحل السيد عبدالرحيم "رضى الله عنه" إلى مدينة فاس، التى كانت فى ذلك الوقت من أكبر المراكز الإسلامية، وأشهرها وأكثرها صيتاً، وفى مدينة فاس تعرف على الشيخ أبى يعزى بن عبدالرحمن المغربى( ) كما صحب الشيخ أبا مدين شعيب التلمسانى( ) الذى كان كان من تلامذة أبى يعزى

موضوعات مقترحة

"رضى الله عنه" ونشأت بينهما علاقة الود والمحبة. كانت العلوم التى تدرس فى فاس فى ذلك الوقت على مذهب الإمام مالك "رضى الله عنه" والذى كان سائداً فى بلاد المغرب العربى، كما كان يدرس البلاغة والمنطق وعلم الكلام والتفسير والحديث.

ارتحل "رضى الله عنه" من ترغاى عام 542، وهو فى الحادية والعشرين من عمره، ميمماً وجهه شطر الحجاز لتأدية فريضة الحج، وفى طريقه مر بمدينة الإسكندرية والقاهرة فتركا فى نفسه أثراً لم تمحه رحلته المقدسة إلى البلاد الحجازية. اتخذ طريق الحاج الذى يمر بمدينة قوص، ثم يخترق الصحراء الشرقية إلى ميناء عيذاب على البحر الأحمر، حتى يركبون السفن إلى ميناء جدة، ولعله تعرف فى أثناء رحلته فى صعيد مصر على الأوضاع بها، مما دفعه بعد ذلك أن يستقر فى هذه البلاد فيما بعد لينشر الدعوة الإسلامية.

يوضح الكتاب، أنه لا توجد حتى الآن دراسة محققة عن كيفية وصول الشيخ "عبدالرحيم القنائى" إلى مصر غير أن مرويات وأدبيات الطريقة، تقول إنه كان قد تعرف إلى أحد العلماء المصريين فى مكة أثناء موسم الحج، وطلب بعد أن يصطحبه إلى مصر، فأخذه إلى مدينة قوص، ثم انتقل إلى مدينة قنا واشتغل هناك بالتجارة جنباً إلى جنب مع طلب العلم ولقن الناس كثيراً من أمور الدين حتى ذاع صيته. ويقول السيوطى: إن عبدالرحيم "رضى الله عنه" لم يكن لديه ما يربطه بمكة والمدينة، واقتنع بحجة الشيخ المصرى بأن واجبه الإسلامى يدعوه إلى الإقامة فى قوص أو قنا، ليرفع راية الإسلام وليعلم المسلمين أصول دينهم، وليجعل منهم دعاة للحق وجنوداً لدين الله.

وافق عبدالرحيم على الرحيل إلى مصر فى عهد الخليفة الفائز لدين الله الفاطمى سنة 551هـ، ولكن سيدى عبدالرحيم لم يرغب بالبقاء فى قوص، وفضل الانتقال لمدينة قنا، والإقامة بها، ولأن قوص ليست فى حاجة شديدة إليه فقد كانت وقتها مليئة بالعلماء والفقهاء وكبار المفكرين من أهل الدنيا والدين. وبعد أن أمضى الشيخ عبدالرحيم ثلاثة أيام بقوص رحل إلى قنا، حيث التقى بالشيخ عبدالله القرشى أحد أوليائها الصالحين، فانعقدت أوامر الألفة بينهما، وتحابا وتزاملا فى الله، وقد ساعد جو قنا الهادئ الشيخ عبدالرحيم على حياة التأمل، فأمضى عامين كاملين يتعبد، ويدرس ويختلى بنفسه ليتعرف على خباياها، كان يعمل بالتجارة ليجمع بين العبادة والعمل، حيث أخذ يدعو الناس ويعرفهم بتعاليم الدين الإسلامى، ويعمل نهاراً، ويجتمع بمريديه ليلاً.

ويؤكد الجارد، أن المراجع التاريخية تؤكد، أنه عندما تولى الأيوبين حكم مصر بعد الفاطميين عملوا جاهدين على القضاء على المذهب الشيعى السائد فى عهد الدولة الفاطمية، ونشر المذهب السنى، وكانت وسيلتهم فى ذلك تولية شئون البلاد، وحكمها لأصحاب المذهب السنى، وخاصة المذهب الشافعى، مذهب الأيوبين الخاص، وأصدر الملك "العزيز بالله ابن صلاح الدين الأيوبى" قرار بتعيين الشيخ عبدالرحيم شيخاً لمدينة قنا، ومنذ ذلك التاريخ أصبح شيخاً يعرف بالقنائى، وكان مركز دعوته زاوية بجانب ضريحه الحالى يجتمع فيه بزائريه، وكانت هذه الزاوية قلب المدرسة القنائية التى قويت وانتشرت فى الصعيد، وتميزت المدرسة القنائية بفكر جديد خاص بها.

اتخذ سيدى عبدالرحيم، ولم يحد عنه طوال حياته، وهو العمل بيده حتى يكسب قوته، وقدر درت عليه التجارة فى قنا ربحاً وفيراً ساعدته على الإنفاق على فقراء الطلاب والراغبين فى العلم وغير القادرين من أبناء المسلمين. وقد كانت لسيدي عبدالرحيم مدرسته الخاصة التى تسمح للطرق الصوفية الأخرى بالأخذ منها من غير الخروج على طرقها، وقال الرحالة ابن بطوطة: سافرت إلى مدينة قنا وهى صغيرة وحسنة الأسواق، وبها قبر الشريف الصالح الولى صاحب البراهين العجيبة، والكرامات الشهيرة عبدالرحيم القنائى رحمه الله، ورأيت بالمدرسة السيفية حفيده شهاب الدين أحمد.

وعن سبب تخصيص يوم الأربعاء لزيارة سيدى عبدالرحيم والسيدة زينب رضى الله عنهما، يقول الكتاب نقلا عن الشيخ الفاضل عمر يوسف أحمد شيخ مسجد سيدى عبدالرحيم القنائى، عن تخصيص يوم الأربعاء كأكثر الأيام استحباباً، بأن الفائدة عبارة عن دعاء قاله سيدى أحمد البدوى، حينما أتى لقنا لزيارة سيدى عبد الرحيم القنائى، فى يوم الأربعاء وقال فيه ــ أى فى الدعاء ــ "اللهم إنا نسألك ونتوسل إليك بجاه حبيبك سيدنا محمد وبأبينا آدم وأمنا حواء وما تناسل بينهما من الأنبياء والمرسلين وبعبدك سيدى عبد الرحيم أن تقضى حوائجنا جميعاً والسائلين" وهذا نوع من التوسل المشروع، واستمر هذا الدعاء من وقتها إلى يومنا هذا استحباباً فى سيدى عبد الرحيم، وكان سيدى عبد الرحيم له درس علم فى ظهر الأربعاء، وكان يأتى إليه تلاميذه ومحبوه من جميع البلاد وفى استمرار هذه الفائدة.

قام عبدالرحيم القنائي، بتأليف عدة مؤلفات منها تفسير للقرآن الكريم، ورسالة فى الزواج وكتاب الأصفياء وأحزاب وأوراد كلمات كثيرة في التصوف نشرت فى طبقات الشعرانى وطبقات السبكى وطبقات المناوى القنائى، أما عن زيارة ملوك ورؤساء مصر لمقامه، فقد أورد الكتاب أن أمير صعيد مصر همام سيبك، أوقف بعض الأراضى لسيدى عبدالرحيم القنائى 193 فدانًا، و120 فدانًا بقوص، و30 فدانًا بناحية البلاص ( المحروسة ـ قنا ) الكائنة على ترعة الشنهورية بها نخيل وسواقى وأشجار وجنينة من ناحية الشرق ترعة الشنهورية، ومن ناحية الغرب طريق زراعى والحد البحرى أرض أبو السرور بعضه وقف لسيدى عبدالرحيم القنائى، وجميع الأطيان والجنينة على مجده ومقامه أولياء الصعيد العارف بالله القطب، شاهده على هذه الحجة الفقير عبدالجواد أحمد الخطيب، وهذه الأراضى لأولاد عم الأمير عيسى محمد همام، والأمير أبو بكر والأمير محمد عمر بكار، وكذلك لأولاد سيدى عبدالرحيم.

كما أوقف عباس الأول، والى مصر، آنذاك، خمسين فدانا، للصرف منها على ضريح سيدى عبدالرحيم القنائى، وفى عام 1931، عملت الحكومة المصرية له كسوة من أسلاك الذهب، وفى عام 1948، بنى له الملك السابق فاروق الأول الضريح الحالى. وفى عام 1967 أهدى إليه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كسوة مطواة من الذهب. وفى عام 1980، أهدى إليه الرئيس الراحل، محمد أنور السادات، كسوة فاخرة. وفى عهد الرئيس محمد حسنى مبارك، تم توسيع المسجد الحالى، وبناء مساحة مماثلة للمسجد لاستيعاب زيادة المصلين وأحبابه الزوار من جميع المحافظات، تحت إشراف السيد الوزير المحافظ، عادل لبيب، وتم تجميل المسجد بالكامل، وتم إنشاء مسجد مفتوح بمساحة قدرها 800 متر.

وفى عام 2014، أهدى نقيب السادة الأشراف السيد محمود الشريف، كسوة فاخرة. وفى سنة 1315 هــ، أوهب السيد محمد سلطان مغاورى، ثلاثة توابيت لسيدى عبدالرحيم القنائى، وسيدى صالح، وسيدى عبدالله القرشى، بهم جلاجل نحاس وكساوى.

تاريخ سيدي عبدالرحيم القنائي ورحلة حزنه بعد وفاة والده من دمشق إلى قنا

تاريخ سيدي عبدالرحيم القنائي ورحلة حزنه بعد وفاة والده من دمشق إلى قنا

تاريخ سيدي عبدالرحيم القنائي ورحلة حزنه بعد وفاة والده من دمشق إلى قنا

تاريخ سيدي عبدالرحيم القنائي ورحلة حزنه بعد وفاة والده من دمشق إلى قنا

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة