Close ad

تونس تودع المفكر المثير للجدل "محمد الطالبي".. بعد رحيل الناقد الأدبي "توفيق بكار"

2-5-2017 | 14:22
تونس تودع المفكر المثير للجدل محمد الطالبي بعد رحيل الناقد الأدبي توفيق بكار محمد الطالبي
تونس ـ كارم يحيى

ودعت تونس مفكرها ومؤرخها الإسلامي المثير للجدل "محمد الطالبي" (95عاما)، وذلك بعد نحو أسبوع واحد من رحيل ناقدها الأدبي الأبرز "توفيق بكار" (90 عاما)، ويجمع بين الراحلين الكبيرين أنهما من مؤسسي الجامعة التونسية والدراسات الأكاديمية كل في تخصصه، وإن اخترق عطاءهما أسوار الجامعة إلى القارئ العام.

موضوعات مقترحة

كما أنهما تابعا دراستيهما في السربون بفرنسا قبل أن يصبحا من "أعمدة الجامعة التونسية "، ويوصف "الطالبي" بأنه أشهر من "حارب الظلامية والتطرف في تونس "، وقد خاض معارك صاخبة باطلاق آراء وصفها البعض بأنها جريئة وصادمة، كما اشتهر بمعارضته الصريحة للرئيس المخلوع بن على أثناء حكمه الحديدي.

أما "بكار" فطالما أطلق عليه في حياته "أيقونة النقد الأدبي العربي بتونس ". وقد عرف عنه عزوفه عن الأضواء والإعلام أو الانخراط في مواكب و فعاليات جموع المثقفين لتجميل صورة بن على وعائلته ونظامه .

ووري جثمان المفكر "الطالبي" بمقبرة "الجلاز" الشهيرة بالعاصمة مساء أمس ( الإثنين) بحضور وزير الثقافة التونسي محمد زين العابدين والعديد من المبدعين والكتاب والمثقفين من أجيال متعددة.وقد خيمت على الجنازة مسحة من الحزن والصدمة معا . ونعاه الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي باصدار بيان قال فيه أن المفكر الراحل هو فقيد تونس والعالم الإسلامي . ووصفه بأنه " المفكر الحر والمجتهد المجدد والمصلح الجرئ والمناضل الوطني الصلب من أجل الحرية والانسانية أحد أعمدة الفكر في تونس الذي تتلمذت على يديه أجيال تلو أجيال والذي لم تثنه في الدفاع عن دينه وعلمه وشعبه وأفكاره لومة لائم ولاشوكة حاكم ".

وأعادت القناة الوطنية الأولى للتلفزيون التابع للدولة الليلة الماضية بث حوار مع "الطالبي" شدد فيه على صف نفسه بأنه " مسلم قرآني وليس سنيا أو شيعيا ".

وأكد على مقولاته الأساسية المنشورة في كتب عدة تعالج التاريخ والفكر الإسلاميين ،حين قال :" لاوجود لخلافة أو دولة اسلامية في الإسلام "و "الشريعة تفرق المسلمين "و " كل حديث منسوب للنبي عليه الصلاة والسلام يخالف القرآن مكذوب مهما كان السند ".كما ذهب الى التدليل على أن القرآن تمت كتابته في عهد الرسول محمد وبخط يده .ودافع عن المزيد من الآراء التي جلبت عليه الاتهام بالكفر من جانب المتطرفين ، ومنها قوله بأن الخمر ليست حراما.

وقال انه يريد أن يطهر الإسلام من الخرافات التي تسئ اليه .كما شدد غير مرة على أنه ألف كتابا من نحو 500 صفحة بالغة الفرنسية في الدفاع عن الإسلام والنبي محمد عليه الصلاة والسلام في مواجهة المستشرقين الغربيين . وعاب على وزارة الثقافة التونسية أنها لم تشتر منه نسخة واحدة ،وهذا على عكس ما تعامل به العديد من الكتابات الأخرى الأقل شأنا وقيمة.

واللافت أن وسائل الاعلام التونسية نقلت عن راشد الغنوشي رئيس حزب حركة " النهضة " الإسلامي ترحمه على " الطالبي " وتوجهه الى عائلة والتونسيين بأحر التعازي لرحيله . لكن مواقع التواصل الاجتماعي انفجرت بعدها بعراك بين من وصفوا بأنصار النهضة . فهناك من استنكر هكذا ترحم وعزاء وهناك من تفهم وانضم لرئيس الحركة .

وخرجت صحيفة " المغرب " أكثر الصحف اليومية التونسية رصانة اليوم ( الثلاثاء) بعنوان على صفحتها الأولى :"في رحيل الدكتور محمد الطالبي ..وترجل رجل التفكير في زمن التكفير". وكانت الصحفية ذاتها قد نشرت مقالا ل"حمة الهمامي" المتحدث باسم الجبهة الشعبية اليسارية المعارضة ( 15 نائبا في البرلمان ) في نعي الناقد الأدبي "توفيق بكار" بوصفه كان أستاذا يدرس له في الجامعة اللغة العربية . واستعاد المقال ذكريات تمتد الى ماقبل 30 عاما تفيد مدى انحياز الأستاذ لقيم العلم والحرية والتضامن مع طلبته الشباب الملاحقين أمنيا . فضلا عن اخلاص بلاحدود للثقافة العربية وللغة الضاد . وعلما بأن وزارة الثقافة التونسية قد نعت " بكار "يوم وفاته ( 24 إبريل الماضي ) في بيان قال :" يعتبر الراحل عمودا من أعمدة الجامعة التونسية وأحد أبرز مؤسسيها واقطابها .. وانكب على التعريف بالمؤلف التونسي عامة وبآثار الأديب الراحل محمد المسعودي خاص وبوصفه ناقدا كبيرا ".

وعلى خلاف المفكر "الطالبي" الذي ترك خلفه نحو 30 كتابا مطبوعا بالعربية والفرنسية والانجليزية من أشهرها " عيال الله " و "الإسلام والحوار" و " مرافعة من أجل اسلام معاصر " و "ديني الحرية"و " إبن خلدون والتاريخ " و تأملات في القرآن" فإن الناقد الأدبي الراحل " بكار " كان شبه غائب عن دور النشر .واكتفى بأن كتب العديد من المقدمات النقدية لأعمال أدبية عدة تميزت في نظر العديد من المثقفين بالعمق و برهافة الأسلوب، فضلا عن مواكبته لأحدث الاتجاهات في النقد الأدبي وتأثره "برولان بارت ".

وفي ذلك يقول فاعلون في الحقل الثقافي التونسي :" لقد كان زاهدا حتى في أن يكون له كتبا تحمل اسمه ..وكرس حياته في تواضع ودون ضجيج لاعادة تقديم واكتشاف أعلام الأدب التونسي مع اعادة نشرها والتعريف بها ".وهكذا لم يترك إلا " شعريات عربية" و"قصصيات عربية"، وهما كتابان يقومان على تجميع بعض ماكتب في تقديم ونقد النصوص الأدبية سواء في تونس أو خارجها بالعالم العربي.

كما كانت له ترجماته القيمة ومنها رواية " مولد النسيان " عن الفرنسية لمواطنه الأديب الكبير "محمود المسعدي" .وفي آخر ظهور عام له عند تكريمه عام 2014 ترك وصيته قال :" أوصيكم خيرا باللغة العربية ".


جثمان الطالبي يواري في مقبرة الجلاز بتونس العاصمةجثمان الطالبي يواري في مقبرة الجلاز بتونس العاصمة
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة