قال الناقد ربيع مفتاح إن رواية "مدن السور" رواية "تختلف عما أبدعته هالة البدري، كتابة جديدة، ومحاولة لاستشراف عوالم جديدة".
جاء ذلك خلال الندوة التي أقيمت بالمجلس الأعلى للثقافة، مساء اليوم الأربعاء، لمناقشة رواية "مدن السور" للكاتبة هالة البدري، بحضور كل من: الناقد د.أسامة أبو طالب، والناقدة د.منى طلبة.
وأضاف مفتاح: كانت البدري في حيرة من أمرها فيما يخص العنوان، وكان العنوان المبدئي هو "السور"، ولكنها اختارت العنوان الحالي "مدن السور"، واختيارها الأخير كان موفقًا.
ويتناول مفتاح دلالة "السور" سواء في العنوان أو داخل النص قائلًا: السور ليس رمزًا مكانيًا فقط، إنما هو رمز زمني وحضاري؛ فما قبل السور حياة، وما بعد السور حياة أخرى، هذا السور يفصل بين حياتين، هو سور إنساني في المقام الأول وليس فقط حديديًا أو حجريًا.
ويتابع: إذن نحن بصدد رواية من الممكن أن يصنفها الكثير بأنها فانتازيا أو خيال علمي. ولكن ما أدهشني في هذه الرواية هو مستوى الفكر، الذي تلاحم مع المستوى الفني والجمالي للرواية، فجاءت مقنعة إلى حد كبير بالنسبة لمن يقرأها.
ويرى مفتاح أن الرواية: أشارت إلى الإنسان الذي يتخلى عن أصالته وقناعاته ليلحق بمستوى آخر، فلا هو لحق بهذا المستوى، ولا هو ظل محتفظًا بقناعاته وأصالته.
ويقارن بين "مدن السور" وبين رواية "١٩٨٤" للكاتب الإنجليزي الراحل جورج أورويل، مشيرًا إلى أن أورويل حاول أن يتخيل العالم بعد فترة ليست بالطويلة، إذ كتبها في عام ١٩٤٨ متخيلًا العالم في عام 1984، في حين حاولت هي أن تذهب إلى مسافة زمنية أبعد، متخيلة مستقبلًا بعيدًا.
وفي كلمتها قالت الناقدة د.منى طلبة إن الرواية "تنتمي إلى نوع أدبي خاص، يختلف المتخصصون في تصنيف هذا النوع؛ فلدينا خطابات مختلفة يمتلئ بها النص، تجعلنا نعجز عن أن نسميه فقط بالخيال العلمي".
وترى طلبة أن النص ينتمي لنوع الفانتازيا العلمية؛ "لأنه يجمع بين البعد العلمي والبعد التأملي".
وتضيف: الخطابات الموجودة في الرواية تتراوح بين الخيال العلمي، تاريخ القاهرة، تاريخ حقب سابقة كالحقبة العثمانية، وحروب مرت بها مصر.
"نحن أمام خيال عجائبي وعلمي في الوقت نفسه، ولكننا سرعان ما نستطيع أن نلملم هذه الخطابات المتناثرة".
وتوضح: هذا العالم المجنون الذي نشعر به حولنا، وكل أنواع الخطابات التي نتعامل معها يوميًا موجودة في النص، لابد لها من قارئ يستطيع أن يرى في هذ الخطابات ليس معنى واحدًا، ولكن معاني عديدة.
وتستطرد: هذا هو المبنى الذي شيدت عليه هذه الرواية، التي تبني عالمًا بقدر ما تبني قارئًا يحاول أن يلملم هذه الشظايا المتناثرة.
وتذهب طلبة إلى أن الكاتبة "تستخدم التجريد، ولكن هناك مفردات من الممكن لالقارئ أن يتسع بدلالتها إلى أي مجتمع يراه، كاندفاع الثوار في الرواية نحو "الميدان"، أو "الكعكة الحجرية".
وتشير طلبة إلى رمزية "السور" التي توقف عندها مفتاح أيضًا، قائلة إنه "لم يعد حاميا للمدينة بقدر ما هو عازل؛ فأصبح قضبانًا لمن يسكنون داخله، يجمع دلالات مختلفة في الوقت ذاته.
وتردف: الشخصيتان الرئيستان هما آدم وميرا، آدم هو رمز لإنسان جديد، وميرا تشير للإلهة ميريت، إلهة الموسيقى. فتحرير هذه المدينة التي تشير لها الرواية لن يتم سوى بالموسيقى.## ## ## ## ## ## ## ## ## ##