في عام 1925م وهو العام الذي حصلت فيه القاهرة علي جائزة أنظف مدينة في دول حوض البحر الأبيض المتوسط متفوقة علي عواصم باريس ولندن قام المواطن المصري رياض أفندي جيد بتسديد اشتراكه السنوي في مصلحة البريد حيث أودع مبلغ 2 جنيه كي يتسلم إيصالا من مصلحة البريد بتسديده للاشتراك السنوي.
موضوعات مقترحة
الجدير أن اليوم الأحد 9 أكتوبر يوافق من كل عام اليوم العالمي للبريد الذي تتخذه بعض البلدان كعطلة رسمية لأهمية البريد فيما كانت مصر هي الدولة العربية والإفريقية الوحيدة التي ساهمت في تأسيس البريد العالمي ونظمت مؤتمرا خاصا به في ثلاثينيات القرن الماضي بعد تحرير وثيقة رياض أفندي بعدة سنوات.
كان اشتراك رياض أفندي في البريد المخصوص وهو خاصية قام البريد المصري بتدشينها للجمهور، حيث أكد الإيصال النادر أن صندوق البوسته المخصص لرياض أفندي كان برقم 1581 القاهرة، ويضيف الباحث التاريخي أحمد الجارد لــ"بوابة الأهرام " أن مصر أنشأت البريد في عصر الخديوي إسماعيل وكانت تملك نظم متقدمة في البريد لافتًا أن إيصال البريد للمواطن رياض أفندي، يؤكد أن هيئة البريد التي تحولت لمؤسسة حكومية فيما بعد أعطت لصاحب الخدمة التأكيد على أنه سدد قيمة الاشتراك السنوي.
وأوضح "الجارد" أنه في عام 1934م تم تنظيم المؤتمر العاشر للاتحاد البريد العالمي بالقاهرة والذي كان يوافق 70 سنة على إنشاء البريد في مصر لافتًا أن اختيار دول العالم للقاهرة لتنظيم المؤتمر كان لأهمية مصر في حركة البريد العالمي والمحلي مضيفًا أن الوثيقة تم تحريرها قبل أن تصدر مصر قرارًا بإنشاء مكاتب بريد أهلية حيث تم تأسيس خدمة البريد الاهلية بعد قيام ثورة يوليو في ستينيات القرن الماضي حيث بقى لكل قرية او نجع مكتب بريد يخدم المواطنين.
كل صباح كان ينبغي على رياض أفندي أن يبحث في صندوق بريده الخاص ويتلقى الخطابات المرسلة إليه بشكل شخصي ويقوم بإرسال الخطابات للهيئات وللأشخاص حيث تدل وثيقة أخرى محررة في عام 1941 على أنه تلقى طلب من حارس الرعايا الإيطاليين ببورسعيد بأنه مكلف باستلام عدد 18 آلة كاتبة تخص الرعايا الإيطاليين وذلك من خلال خطاب رسمي بتكليفه لإنجاز المهمة.
كان الفرق بين تسديد رياض لاشتراكه السنوي في البريد عام 1925م وفي تكليفه باستلام مهمات الإيطاليين من مأمور البضائع بالسكة الحديد مسافة في عام 1941م مسافة 16 عامًا حيث كانت الأمور اختلفت في مصر والعالم ونشبت الحرب العالمية الثانية وتعرض الإيطاليون للاعتقال من قبل القوات البريطانية بعد انضمام إيطاليا للحرب مع ألمانيا ضد انجلترا وفرنسا.
يقول "الجارد" إن الخطاب كان مكتوب عليه الحارس العام لإدارة الرعايا الإيطاليين وتعريفه في القانون الفرنسي هو ضمان نقل القيم لصفوة الأمة لافتا أن الحارس العام كان مقره كان في شارع علوي.
وأضاف أن معاناة الايطاليين في مصر من قبل قوات الاحتلال البريطاني كانت كبيرة جدا خاصة في أربعينيات القرن الماضي فهي راقبتهم وقامت باعتقالهم مضيفا أن الخطاب كان يحث على استقبال معدات آلة كاتبة تخص الايطاليين في بورسعيد من خلال قطار بضائع يتجه للقاهرة .
جاء في الخطاب: "حضرة صاحب العزة مأمور قسم البضائع بمحطة مصر نفيد عزتكم بأننا قد كلفنا حضرة رياض جيد افندي لاستلام 18 ماكينة كاتبة المرسلة من حضرة عبدالرحمن لطفي بك الحارس الخاص ببورسعيد فنرجو التنبيه بتسهيل مأموريته " .
الوثائق التي تخص رياض افندي والتي تم العثور عليها لم تظهر حتى الآن وظيفته إلا إنه كان على ما يبدو أنه كان شخصية مهمة وكان منوط به أن يتلقى عهدة الجالية الإيطالية التي كانت تمثل أهم الجاليات في مصر وأكثرها عددًا والتي كانت تعمل في مصر في كل المهن من تجارة وزراعة وغيرها كما تؤكد المصادر التاريخية أن تعاطف المصريين مع الإيطاليين ضد الاحتلال البريطاني أدى لاعتقال آلاف المواطنين المصريين.
ويؤكد "الجارد" أن الوثيقة لا تظهر لماذا تم إرسال هذه الماكينات للقاهرة من بورسعيد في زمن الأربعينيات الذي شهد تقلص عدد الإيطاليين في مصر بسبب سياسة الاحتلال الإنجليزي معهم مضيفا أن الوثيقة لا تظهر أيضًا هل تم ترحيل الآلة الكاتبة من بورسعيد التي كانت تضم آلاف الإيطاليين بسبب استخدامها في منشورات ضد الإنجليز أم بسبب استخدامها في القنصلية الإيطالية بالقاهرة.
١
١