Close ad

وثيقة: الضابط "براتلي" يحاول الهروب ومصر تتخلى عن "هرر" وتحتلها إثيوبيا.. و أجانب يكفرون الأوروبيين بالسودان

25-7-2016 | 19:08
وثيقة الضابط براتلي يحاول الهروب ومصر تتخلى عن هرر وتحتلها إثيوبيا و أجانب يكفرون الأوروبيين بالسودانوثيقة براتلي عابدين أغا ابن عمر
قنا - محمود الدسوقي
لم يكن الضابط التركي براتلي عابدين، أول من حاول الهروب من مدينة "بربر" في السودان حال سقوطها خوفًا من الوقوع في أيدي المهدية، التي وصفتها وثيقة نظارة المالية المصرية بأنهم أشقياء، فقد سبقه كثيرون حاولوا الفرار من طائفة دينية أكدت المرويات التاريخية على بشاعة أفراده في تعذيب مخالفيه.
موضوعات مقترحة


لكن كان قدر براتلي عابدين أن تفشل محاولته في الهروب بعد اقتحام الخندق الذي تم حفره حول المدينة وعجز مدفعين متهالكين تم نصبهما حول المدينة عن دحر قوات المهدية؛ حيث كان قدره أن يقبع أسيرًا لدى الطائفة الدينية في السودان لمدة عامين، حتى واتته الفرصة للهروب لمصر.

في عام 1884م، وهو عام سقوط بربر ووقوع براتلي عابدين في الأسر، أخلت مصر قواتها العسكرية من هرر التي كانت إمارة إسلامية أسسها العرب وأطلقوا عليها اسم "مدينة الأولياء"، حيث قام أهالي هرر ببعث رسالة للخديو إسماعيل في عام 1874م يطلبون منه أن يرسلوا من قبله واليًا عليهم لكراهيتهم الملك المستبد الذي يحكمهم وأرسل لهم حملة عسكرية وأخضعها لسلطانه، وقام الباب العالي بالتنازل عنها، بالإضافة لزيلع وبربرة بمقدار 13 ألفًا و365 جنيهًا في السنة، واستمرت مصر حاكمة لهرر حتى أخلت قواتها منها بسبب أحداث الثورة المهدية في السودان، وانتهز الفرصة ملك إثيوبيا "الحبشة" وقام بإخضاعها لحكمه واحتلالها وضمها لحدود بلاده.

الذين سبقوا براتلي عابدين لم يكونوا أتراكا وجراكسة من أبناء جنسه أو جنسيات أخرى كالشوام والمصريين فقط، بل كانوا أوروبيين حاولوا الهروب قبل السقوط بفترة وجيزة مثل كوتسيه الإيطالي، الذي تم تعيينه جاسوسًا من قبل غوردن الإنجليزي في مدينة بربر، والتي سقطت في 16 مايو من عام 1884م.

قبل سقوط بربر واقتحام الخندق من قبل المهدية، حاول كوتسيه الإيطالي وحامل شفرة الاتصالات بينه وبين القيادة البريطانية الهروب أيضًا وكوتسيه الإيطالي، كما يؤكد الجنرال إبراهيم فوزي، والذي تحفظت عليه المهدية حين سقوط الخرطوم، يؤكد في مذكراته أن كوتسيه كان خادمًا للمسيو ماركيه قنصل فرنسا في الخرطوم، وقد أرسله في تجارة لبربر قبل أن يسافر القنصل الفرنسي ماركيه لمصر بعد هلاك حملة الجنرال هكس في السودان.

تم توجيه اتهامات لكوتسيه بأنه كان خائنًا ومتسببًا في سقوط بربر، وهو الاتهام الذي ينفيه الجنرال إبراهيم فوزي في مذكراته، مؤكدًا أنه حاول الهروب لمصر قبل أن يحاصر المهدية بربر، وأن غوردن كان يتخوف أن يقوم كوتسيه بتسليم شفرة الاتصالات للمهدي.

لم تفلح محاولات كوتسيه في الهروب قبل سقوط بربر على يد المهدية بفترة وجيزة؛ حيث تم إلقاء القبض عليه من قبل مجموعة من قبائل دخلت في دعوة المهدية، وتم تسليمه لمحمد أبوالخير الذي عينه المهدي أميرًا على بربر، وحاول أبوالخير أن يقنع كوتسيه بالدخول في الإسلام فرفض، مما جعله يقرر إرساله للمهدي في كردفان.

مثلما يحدث في عصرنا الحالي من دخول أوروبيين لتنظيمات متشددة مثل تنظيم داعش، كذلك فعل كوتسيه؛ حيث استطاع المهدي، الذي كان ينتمي للطريقة السمانية، إقناعه بأنه صاحب كرامات، فقام باعتناق الإسلام، بل تغالى في تقديس المهدي، وقام بتكفير غوردن الإنجليزي والأوروبيين، وحمل له رسالة من قبل المهدي يعرض عليه تسليم الخرطوم له.

كانت المسافة التي تصل بين بربر والخرطوم تقدر بنحو 387 كيلو متر، وهي مسافة تصل لنحو 74 ساعة سيرًا على الأقدام، في حين كانت المسافة بين بربر والقاهرة تصل لنحو 2149 كيلو متر، وهي المسافة التي قام براتلي أغا باجتيازها حال هروبه من المهدية في عام 1886م، دون أن تذكر لنا الوثيقة الوسائل التي سلكها في هروبه؛ حيث كانت المسافة مابين بربر والقاهرة تصل لنحو 99 ساعة في طرق قام المصريون بتمهيدها.

رفض غوردن الإنجليزي، الذي أرسله الخديو توفيق لإنقاذ السودان من قبضة المهدية، مقابلة الإيطالي كوتسيه، الذي استمر في تكفير الأوروبيين والمصريين الذين لايؤمنون بالمهدي وكراماته، وقام المهدي بتغيير اسمه، أي كوتسيه، لمحمد يوسف، وأهداه جاريتين وعبدين وناقتين وأعاده لبربر وقرر له راتبًا شهريًا.

وقبع كوتسيه الإيطالي، أو محمد يوسف، الذي كان يخاف على نفسه من المهدية في الأسر، حتى استطاعت القوات المصرية اقتحام كردفان حيث ارتحل إلى مصر.

كان الضابط براتلي عابدين أغا محظوظًا لأنه لم يشهد أحداث عام 1885م، وهي وقوع الخرطوم في قبضة المهدية؛ حيث كان في الأسر منذ سقوط بربر، حيث تم تكليف عدد 5 أورطة جنود نظاميين، وأعداد من الباشبوزق الذين ينتمي إليهم براتلي عابدين، وأتراك ومصريين، في حماية المدينة التي تم تحصينها ببناء حائط حولها وحفر الخندق الذي يربط بين النيل الأزرق والأبيض؛ لتأخير وصد قوات المهدية المهاجمة، لتبدأ حرب أخرى يسمع براتلي عابدين صداها وهو في الأسر فتصيبه بالإحباط والحسرة.
## ## ## ## ## ## ##
كلمات البحث
اقرأ ايضا:
الأكثر قراءة