صدر حديثًا عن المجلس الأعلى للثقافة كتاب "جسر الصورة" للباحثة الدكتورة "إيناس حسني".
موضوعات مقترحة
جاء الكتاب في 336 صفحة، وتتطرق فيه المؤلفة إلى أن الفنون التشكيلية استطاعت في الشرق، أن تجذب انتباه وإعجاب العالم أجمع، على مدى التاريخ كله، إذ إن الفنان الشرقي عامة، قد سبق عباقرة فناني العصور الحديثة بمراحل، فلقد عرف قبلهم المدارس الفنية المعاصرة كافة، مثل الكلاسيكية والتأثيرية والطبيعية والواقعية.
وتشير إلى أن الفنان المصري في العصور الفرعونية سبق جميع القمم الفنية المعروفة، مثل مايكل أنجلو ودافنشي وبول كلي وجوجان وبيكاسو، بل إن جميع هؤلاء الفنانين المحدثين قد تأثروا بهذا الفن المصري العريق وأيضًا بالفنون الإسلامية، ويكفي أن ننظر إلى بعض لوحاتهم وأعمالهم لنتأكد تمامًا من هذه المؤثرات الفعلية.
تؤكد المؤلفة أنه مع أوائل القرن التاسع عشر حدث توسع أكبر، حيث أخذ الفنانون الغربيون من المطبوعات اليابانية والصينية زخارفها وألوانها وتكويناتها، نرى في القرن التاسع عشر موجة طاغية أدت إلى انتشار قوي للفنون الصينية واليابانية على نطاق واسع في إنتاج المصورين الغربيين عن طريق مطبوعات الخشب المحفور، إلا أن كل ما حدث في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كان محاولات على نطاق ضيق، فكانت الاستفادة عن طريق النقل فقط.
أما مع بداية القرن العشرين، فقد حدثت سلسلة من التمردات على الفن التقليدي، وكانت باريس في بداية هذا القرن ملتقى الفنانين من كل صوب، يرتادونها لممارسة التمرد على تقاليد الفن الواقعي، واتجه الفنانون الغربيون إلى الاقتباس من فنون أخرى، فكانت الفنون الشرقية، ويؤكد ذلك جون ديوي: "في مطلع القرن العشرين كان الجانب الأكبر من الإنتاج الفني قد وقع تحت تأثير الفنون المصرية، البيزنطية، الفارسية، الصينية، اليابانية، الزنجية".
وتقول المؤلفة: وجدنا الروح الزخرفية لفنون الشرق الأقصى قد امتزجت في أعمال جوجان رمزية المذهب بالتكوين الموحد، ونرى الزخارف والتكوينات الإسلامية، قد استخدمها ماتيس رائد المدرسة الوحشية، ونشاهد المدرسة التكعيبية التي انتقلت إلى الجواهر الهندسية بالأشكال الطبيعية، وهذا ما يتفق وطبيعة الفن البدائي الزنجي.
وتوضح أن الفنان الغربي قد استوحى من الفنون الشرقية أشكالها، ثم وضع هذا الشكل في قالب فكري، فامتزجت الغربية بالشرقية في إطار جديد.
يهدف الكتاب إلى إلقاء الضوء على التواصل بين فنون الشرق وأوروبا، وتمثل الفنون التشكيلية إحدى نقاط التماس بين الحضارتين الشرقية والغربية، فهناك تأثير متبادل بين هذه الفنون التي أنتجها الإنسان على مدى تاريخه الطويل.
ومع اتصال أوروبا بالشرق الأقصى، بداية من فترة الكشوف الجغرافية، نجد أن الاستشراق الفني الأوروبي، تأثر خلالها بالفن الهندي والصيني والياباني وفنون إفريقيا، وانعكست هذه الفترة بصورتها الاستشراقية في أعمال كثير من المصورين الأوروبيين والمحدثين، أمثال سيزان وجوجان وبيكاسو وماتيس وغيرهم.
الكتاب يتحدث عن حياة وأعمال أربعة فنانين تأثر بعضهم بالفن الإسلامي وبعضهم بفنون الشرق الأقصى، والبعض الآخر بالفن الإفريقي والفن المصري القديم، فبول جوجان تأثر بالفن المصري القديم وبالفن الياباني، وكذلك هنري ماتيس تأثر بالفن الإسلامي، وبيكاسو تأثر بالفنون الإسلامية والإفريقية، وفازاريللي تأثر بالفن الإسلامي.## ## ##