Close ad

"فوبيا" العنف تؤرق المصريين قبيل احتفالاتهم بالذكري الثانية لثورة 25 يناير

24-1-2013 | 15:10
علاء سالم
حسم التيار المدني المعارض معركة السيطرة على الشارع المصري غدًا الجمعة، بعد قرار أغلب القوى الإسلامية عدم النزول للشارع، باستثناء قوى داخل التيار السلفي، قررت التظاهر أمام مدينة الإنتاج الإعلامي بعيداً عن مركزي التظاهر بالتحرير وقصر الاتحادية.

غير أن هذا الحسم، لم يقابله تهدئة لمخاوف المصريين من حدوث أشكال متعددة من العنف السياسي، تفسد عليهم احتفالاتهم بذكرى غالية، وتذهب معها مطالب الحفاظ على سلمية التظاهر والاحتجاج سدى.

ما يزيد من مساحة الحزن والأرق الذي يخيم على المصريين بسبب كم المشاكل التي باتت تلاحقهم، وتجعلهم فاقدون للشعور بالأمن والاستقرار النفسي سواء مع النفس أو الآخر.

فميدان التحرير لم يعد ذلك المكان الذي وحد كلمة المصريين، كما كان الحال قبل عامين، واعتبر رمزًا للحرية والثورة، وإنما تلطخت أرضه بالدماء، فقد قداستها وقيمته المعنوية.

وزاد عليها اتساع رقعة العنف خلال الأسبوعين الماضيين، أبعد ظاهرة العنف التي ظلت ملازمة للمصريين من طورها الاعتيادي، بسبب التعمد في الكثير من حوادثها، ما يظهر أن هناك قوى تسعى لاستغلال الحشد غدًا لأحداث الفوضى في ظل غياب الرادع ودور الدولة، وحملة تشويه صورة رجل الأمن بالشارع وإظهاره على أنه ضد المواطن.

وكان آخرها ما قام بها بالأمس الألتراس أمام البورصة وكوبري أكتوبر، وقبله بيوم الاعتداء في دمياط على كبار مسئولي حزب الوسط خلال مؤتمر جماهيري لا يستدعي هذا الصدام، وفي الإسكندرية من اقتحام للمحكمة، واحتياج الباعة الجائلين والبلطجية لمحطة مترو دار السلام، وحريق حديقة الحيوان.

فهذا العنف المادي بالشارع، وانعكاساته على تناول وسائط الإعلام اليومي له، بالتزامن مع الرسائل السياسية التي ترسلها القوى الحزبية تجاه بعضها البعض أو تجاه الدولة، كلها مؤشرات دالة على العنف المتوقع، الذي يخشى أن ينساق إليه الجميع بوعي أو من دونه.

فالكل يدعو لسلمية التظاهر وعدم إفساد فرحة المصريين بالذكرى الثاني لأعظم ثوراتهم، إلا أنهم في ذات الوقت يمارسون نوعًا من الترهيب للآخر وتحميله مسئولية العنف المحتمل، ما يعني أن الجميع يتوقع العنف ولديه الرغبة في إلصاقه بالآخر، رغم أن الشارع اليوم ملك للمعارضة دون سواها.

احتمالات هذا العنف تبدو كبيرة قياساً لمشاهد التجمعات الجماهيرية السابقة التي لم تخلو قط من مظاهر للعنف، ووقوع ضحايا مدنيين وتخريب للممتلكات العامة والخاصة.

واستباقاً لهذا المشهد بدأت العديد من الأسر بمنطقة وسط البلد الابتعاد عن سكنها، بالتزامن مع إغلاق تام للمحلات التجارية.

ويزيد من تلك الاحتمالات عدم وجود قيادة تنظيمية موحدة للمتظاهرين، فالقوى المعارضة سواء تحت مظلة جبهة الإنقاذ أو خارجها أخفقت في توحيد قيادتها التنظيمية لحركة الشارع والتظاهر، وترك الأمور للقيادات الشبابية داخلها رغم تكثيف اجتماعاتها في الأيام الماضية، والأهم عدم قدرة قادة المعارضة السيطرة على الشارع والشباب.

ويزيد منها، حالة الاحتقان السياسي ــ الاجتماعي السائدة الآن داخل الشارع المصري بسبب الأزمات التي يمر بها المجتمع، ويزيد منها سقف المطالب المرتفع الذي ترفعه العديد من رموز المعارضة والقوى الشبابية التي وصلت حد المطالبة بإسقاط الدولة والقيام بثورة ثانية ضد ما تسميه بـ" أخونة الدولة ومؤسساتها" رغم أنها في طابعها العام ظاهرة تعكس سيطرة حزب الحرية العدالة على الرئاسة ومجلس الشورى، بالإضافة لما يعتبرونه انسداد أبواب التغيير حسب اعتقادهم، إذ يكفي أن يلقي المرء نظرة سريعة على المطالب التي رفعها المتظاهرون ليدرك حجم المخاطر المتوقعة.

ولذا لدينا كل مقومات الانفجار أن لم تحدث معجزة إلهية ويمر هذا اليوم بسلام. شارع معبأ بالاحتقان السياسي ــ الاجتماعي تجاه الدولة بسبب المراهقة الإعلامية التي تمارسها وسائط الإعلام المقروءة والمرئية، بالتزامن مع مراهقة سياسية لدى النخب الحزبية، وكلاهما ليس لديه الوعي الكاف بالمخاطر التي تحيط بمصر، وما يقود خطابهم السياسي والإعلامي للتحريض على الفوضى مستغلين ضعف الدولة ومناخ الحريات من دون قيود بعد الثورة.

وشيوع حالة العنف بكل أشكاله طوال الأسبوعين الماضيين أتت بسبب الاعتياد النفسي، وطلب الحقوق بالعنف المباشر.

بالإضافة لوجود قوى اجتماعية تملك المال مثل الفلول، وجدت نفسها خارج المشهد بسبب قانون العزل السياسي، وأخرى أفقر بحاجة لهذا المال ولديها دوافعها لإبقاء التوتر والفوضى بالشارع لإبعاد الشرطة عنها، والذين يوصفون سياسيًا بالا حركات اجتماعية مثل البائعة الجائلين والشباب الذي يفترش شوارع العاصمة والميدان الكبرى بالمحافظات طلباً للرزق ومحاربة البطالة.

وأخيراً أتى دخول التيار الإسلامي على الخط من خلال تصريحات طارق الزمر، رئيس المكتب السياسي لحزب البناء والتنمية التي هدد فيها بالعنف إذا سقط الرئيس مرسي بغير طريق الانتخابات.

فهؤلاء لديهم طاقة تدميرية كامنة يمكن توجيه ببساطة حال حدوث أول احتكاك عفوي أو متعمد، ما يمثل بيئة محملة بالعنف الذي يهدد الجميع.
كلمات البحث