Close ad

إيهاب سعيد يكتب لـ "بوابة الأهرام": الحكومة و"المركزى".. سمك لبن تمر هندي

25-10-2015 | 17:09
إيهاب سعيد يكتب لـ بوابة الأهرام الحكومة والمركزى سمك لبن تمر هندي إيهاب سعيد
لا ينكر إلا جاحد مجهودات هشام رامز محافظ البنك المركزي الذي ستنتهى فترة خدمته في 26 نوفمبر المقبل فى الحفاظ على الاحتياطي النقدي وإدارة السياسة النقدية للبلاد، خلال النصف الأول من فترة توليه المسئولية بعد الدكتور فاروق العقدة.
موضوعات مقترحة


وهو الذى كان أول من اتخذ سياسات احترازية بتحديد سقف للسحب الدولارى من البنوك عند 10000 دولار يوميًا كحد أقصى للأفراد و50000 دولار كحد أقصى للمؤسسات.

ورغم اختلافى الشديد معه، خاصة فى سياساته الأخيرة فى ملف الدولار ودعم الجنيه، إلا أنه وإحقاقًا للحق، لم تكن الظروف المحيطة مهيأة لإنجاحه بشكل أكبر، لاسيما فى ظل مجموعة اقتصادية مثلت عائقاً أمام السيد هشام رامز فى مهمته.

وقد بدا هذا واضحًا فى أكثر من موقف، وأبرزها كان فى انتهاجه بفترة من الفترات لسياسات توسعية، بخفضه لأسعار الفائدة فى ظل سياسات تضيقية من قبل الحكومة وخاصة وزارة المالية وذلك بفرض المزيد من الضرائب لزيادة الحصيلة بسبب تراجع الإيرادات وزيادة الالتزامات بعد المخصصات والأعباء التى تسببت فيها الحكومات السابقة وكذلك التى أضافها الدستور المعدل، مما أوجد حالة من الخلاف فى الرؤى بين السياسات المالية والنقديه للدولة، كان نتيجتها ما وصلنا إليه الآن.

وأتصور أن الإجراءات الاحترازية التى "اضطر" لها هشام رامز، كان أحد أسبابها فشل المجموعة الاقتصادية بالحكومة، وإن اختلفنا معه فى الإصرار على استمرارها بعد ثبات فشلها كما أشرنا فى مقالنا السابق سواء فى الحفاظ على الاحتياطى النقدى أو القضاء على السوق الموازية.

ورغم احترامنا وتقديرنا الكامل للسيد طارق عامر المحافظ الجديد وأحد أهم أعضاء ملف الإصلاح المصرفى فى عهد الدكتور فاروق العقدة، إلا أنه لن يقدر وحده على الخروج بالاقتصاد المصرى من أزمته، خاصة وأن العبء الأكبر يقع على الحكومة بشكل عام والمجموعة الاقتصادية بشكل خاص.

وكل ما أخشاه حقيقه أن يأتى الصدام سريعاً بين الجانبين كما حدث مع سلفه، الأمر الذى قد يضطره على انتهاج ذات السياسات، فالأزمة ليست فى فشل تلك المجموعة بقدر ما هو اختلاف فى الرؤى والأهداف، فسياسة السيد طارق عامر لن تختلف كثيراً عن سلفه، والحكومة غالباً لن تغير من سياستها، ولذا فالاصطدام متوقع وقريب.

على كل حال، فلازلنا نأمل من المحافظ الجديد إعادة النظر فوراً فى الإجراءات الاحترازية التى اتخذها سلفه بوضع حد أقصى للإيداع بالنسبة للعملة الأجنبية وتفعيل نموذج 4 بعد أن أثبتت تلك الإجراءات ضررها البالغ على الاقتصاد المصرى، مع ضرورة المضى قدما فى عملية خفض الجنيه، خاصة وأن سياسة الخفض مع الإبقاء على الإجراءات الاحترازية لن تؤدى للنتائج المرجوة.

فالأزمة ليست فقط فى قيمة الجنيه، ولكنها فى قدرة الاستثمار على التحرك بحرية دخولا وخروجا من البلاد، ونعيد ونؤكد فى هذا الصدد أن الخفض التدريجى يختلف عن التعويم، فنحن نتفهم تماما صعوبة الموقف الحالى، وأن تعويم الجنيه قد يدفعه للوصول إلى مستويات خطيرة، ينتج عنها ارتفاع كبير فى معدل التضخم يعقبه حالة من الغضب المجتمعى، كما نتمى أيضا إعادة النظر فى ربط الجنيه بالدولار، والتفكير فى ربطه بسلة عملات خاصة مع الدول التى ترتبط معنا بالتبادل التجارى، فالأزمة الأخيرة أحد أسبابها تراجع قيمة العديد من العملات أمام الدولار، ما يعنى تراجعها أمام الجنيه، مما عاد بالسلب على الميزان التجارى سواء فى الصادرات أو الورادات، عدا عن تراجع النشاط السياحى والاستثمارات الأحنبية، وهذا ما اضطر المركزى لإجراء الخفض الأخير للعملة، ولو أنه لم يكن مربوطا بالدولار وإنما بسلة عملات لكان الأمر اختلف تماما الآن.

وعلى الجانب الآخر، فعلى الحكومة هى الأخرى أن تعيد النظر فى أدائها وسياساتها خلال الشهور الماضية، ولتبدأ أولا بتحديد وجهة الاقتصاد المصرى، سواء اقتصاد حر، او رأسمالية مجتمعية أو حتى اشتراكية.

أما السمك لبن تمر هندى الذى نعيشه فحتما لن ينتج عنه أى إصلاح اقتصادى، وعليها إعادة النظر سريعا فى السياسات الضريبية الطاردة لأى استثمار فى ظل الركود الذى يعانى منه الاقتصاد المصرى، فمثلا ليس من المنطق الإصرار على تطبيق ضريبة القيمة المضافة بالتوازى مع خفض قيمة الجنيه، فهذا من شأنه إحداث ارتفاع جنونى فى أسعار السلع الأساسية وهذا أيضا مثال صارخ على غياب التنسيق بين السياسات المالية والنقدية!.

كما يجب دعم القطاع الخاص وطمأنته بشكل أكبر بدلا من حالة التصادم الدائم مع رجال الأعمال والعمل على جذب الاستثمارات الخارجية بتقديم حوافز إضافية، لاسيما وأن وضع الاقتصاد المصرى وسمعته الإقليمية والدولية، لم تعد كما كانت قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، فصورة القبض على المسئولين السابقين ورجال الأعمال ومحاكمتهم، لن تمحى بسهولة من ذهن الاستثمار الأجنبى، بالإضافة إلى ضرورة دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وعدم اقتصار التوجه والاهتمام الحكومى فقط بالمشاريع القومية طويلة الأجل التى تستنزف الموازنة العامة ولن تشعر المواطن بأى تحسن على الأجل القصير والمتوسط، كما يمكن كذلك إعادة فتح ملف الخصخصة، فإلى متى ستظل حالة الرهبة والذعر مسيطرة على الحكومة.

وإذا كانت الأزمة فى الاسم، فمن الممكن استبداله بأى تسمية أخرى، وكفانا ما عانيناه على مدار السنوات الماضية من سياسة الأيادى المرتعشة.

[email protected]
كلمات البحث