ترسخت لدينا في مصر عبارة "ده صيني" للإشارة إلى منتجات مقلدة أو مغشوشة أو تلك التي تتسم باللا جودة، لكن التقنية العالية والجودة التي تلحظها في كل تعاملاتك في "بلاد التنين"، ستجعل سؤالًا واحدًا يلح عليك، وهو إذا كانت الصين تملك هذه التكنولوجيا العالية والمنتجات المتقنة فلماذا تختص بلادنا العربية بمنتجات رديئة ورخيصة؟ ومعظمها يتم التعامل معه باعتباره "استخدام لمرة واحدة".
موضوعات مقترحة
الزائر لجمهورية الصين الشعبية سيكتشف منذ لحظة وصوله المطار، أنه كان ضحية "صورة ذهنية" خادعة عن البلد الأكثر تعدادًا للسكان في العالم، والتي يحتل اقتصادها المركز الثاني عالميًا من حيث التجارة السلعية.
السؤال الذي يبدو منطقيًا عندما تزور الصين، ولم يكن كذلك قبل أن تطأها قدماك كان محور استفهام مطول من صحفيين مصريين وسعوديين في لقاء، تم اليوم الأربعاء، في العاصمة بكين مع مسئول صيني كبير في وزارة الخارجية.
سؤال الصحفيين العرب باعتبارهم مستهلكين ومراقبين في آن واحد، كان يدور حول "صورة" المنتجات الصينية في الأسواق العربية ولماذا لا يتم تصحيحها بوضع قيود على تصدير السلع الرديئة.
ابتسم "دانج لي" مدير إدارة غرب آسيا وشمال إفريقيا، في وزارة الخارجية الصينية، وقال: المنتجات مختلفة الجودة تسد حاجات مختلفة للناس، ونحن في الصين نعمل على مكافحة المنتجات المغشوشة، ولدينا آلية مع بعض الدول لضبط الجودة مع المنتجات الصينية المستوردة.
بنظرة ذات مغزى يكمل: ظهور المنتجات الرديئة في العالم العربي سببه المستورد العربي نفسه الذي يسعى للربح فقط ويستورد أرخص المنتجات ويبيعها على أنها ذات جودة عالية.
يضرب المسئول الصيني مثالا ذا دلالة عن "الفانوس الصيني" الذي يغزو أسواق العرب في كل عام مع حلول شهر رمضان، وكيف أن تجارًا عربًا يطلبون هذه النوعية التي تستخدم لمرة واحدة.
في مدينة "ايوو" التجارية ذائعة الصيت، التي تعتبر أكبر مركز تجاري في الصين وهي قبلة عشرات وربما مئات الآلاف من التجار من مختلف الجنسيات، يروي المسئول الصيني أن آلافا من التجار العرب يقيمون هناك وأنهم طلبوا من مصنع كبير أن يعد لهم كمية ضخمة من الفوانيس، ولما تم حساب التكلفة وجد المصنع أن كل فانوس سيكلف نصف يوان صيني (نحو ٦٢ قرش مصري)، فطلب المستوردون العرب أن يتم تصنيع الفانوس بعشر يوان صيني (نحو ١٣ قرش مصري).
يكمل "دانج لي" أن الشركة الصينية تحت ضغط التجار اضطرت لتصنيع الفانوس بخمس القيمة التي قدرتها، وهذا بالطبع "فانوس لمرة واحدة".
نكتشف بعد هذه القصة أن الصورة الذهنية عند الصينيين عن التجار العرب أنهم يبحثون عن الأقل تكلفة بغض النظر عن الجودة، وأنهم يتحملون المسئولية عن ذلك وفقا للدبلوماسي الصيني الذي ختم قائلا: نحتاج إلى مراجعة أخلاق المستورد لأن لدينا كما ترون جودة عالية يتم تصديرها لبلاد كثيرة، لكننا لنكافح هذا النوع من الغش نحتاج لجهود مشتركة.