بحضور أكثر من 2500 مشارك من جميع أنحاء العالم، افتتح أمس الثلاثاء المنتدى الاقتصادى الاسلامي العالمى دورته الثالثة عشر بمدينة كوشينج الماليزيا والذى يستمر حتى غداً الخميس، لبحث سبل تحفيز اقتصاديات الدول فى العصر الرقمى ومناقشة تأثير التغيير المزعزع على اقتصاديات الدول والتحديات الناتجة عن هذا التغيير الذى يخلفه التقدم التكنولوجي والصناعى السريع.
موضوعات مقترحة
أجمع المشاركون فى المنتدى على أن هذا التقدم يستدعى التحول الى الاقتصاد الرقمى والتوسع فى الاستثمار فيه لمواكبة ما يحدث وسوف يحدث من تغيير وصفوه بالمزعزع والذى لا مفر منه. الإقتصاد الرقمى يعبر عن الأنشطة الإقتصادية ذات الصلة بالتقنية الرقمية، ومصر أحد الدول التى تتوسع في استخداماته.
تشير أرقام وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى مصر أن قيمة الاقتصاد الرقمى المصرى تبلغ حالياً 56 مليار جنيه وتتوقع أن تنمو بنسبة 10 % مع نهاية العام الحالى، فى اشارة لخطط التحول الرقمى فى عدة قطاعات على مستوى الجمهورية. كما تتنامى معدلات التجارة الالكترونية فى مصر فى السنوات الأخيرة بسبب التوسع فى استخدام الانترنت، حيث وصلت الى 2.5 مليار دولار فى عام 2016 ومتوقع زيادتها مع نهاية هذا العام الى حوالى 4 ملياردولار. ثلاثة تريلون دولار هو حجم الاقتصاد الرقمى حالياً.
وفى كلمته أثناء افتتاح المنتدى، أشار نجيب عبد الرازق، رئيس وزراء ماليزيا، فى كلمته خلال افتتاح المنتدى الى الدور الذى يلعبه التطور السريع التكنولوجي والعلمي مع بروز أفكار جديدة والتى ساهمت جميعاً فى احداث التغيير الشديد والمزعزع على المستوى العالمى بشكل عام وفى البلدان الاسلامية بشكل خاص.
وقال أنه يجب على الحكومات مواكبة تطورات الثورة الصناعية الرابعة والاستفادة منها من خلال تعديل فى السياسات الاقتصادية لتتماشى مع هذه التطورات. مصطلح الثورة الصناعية الرابعة يتمثل فى التطورات التكنولوجيا التى حدثت خلال السنوات الماضية وبوتيرة سريعة جداً.
وأشار رئيس وزراء ماليزيا الى تقرير تومبسون رويترز حول الاقتصاد الاسلامى العالمى لعامى 2016/2017 الذى يتوقع نموه ليصل الى ثلاثة تريليون دولار بحلول عام 2021، و3.5 تريليون دولار فى نفس العام. حجم الاقتصاد الاسلامى العالمى فى عام 2015 قدر بحوالى 2 تريليون دولار وفقاً للتقرير.
ماليزيا هى أكبر دول العالم فى استخدامات التمويل الاسلامى والاقتصاد الاسلامى، وتأمل من خلال خطتها الحكومية أن تكون واحدة من أكبر 20 اقتصاديات فى العالم مع حلول عام 2050. ووقع المشاركون في المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي أمس على 16 مذكرة للتفاهم بلغت قيمتها 2.5 مليار دولار أمريكى، وهو أكبر عدد من المذكرات يتم التوقيع عليها حتى الآن في تاريخ المنتدى.
كما شدد عبد الرازق فى كلمته على ضرورة تكاتف جميع الدول لمحاربة الارهاب والضرر الانسانى والاقتصادى الذى يخلفه، واعتبر محاربة قوى الشر واجب على جميع الدول ويستلزم تعاون فى تبادل المعلومات وتطبيق القانون.
وتحدث تون موسى هيتام، رئيس المنتدى الاقتصادى الاسلامى العالمى، حول ضرورة الاستثمار فى التعليم وتطويره فى جميع الدول لمواجهة التطور التكنولوجى السريع والاستفادة منه بدلاً من التأثر به بشكل سئ، وأضاف أن أى استراتيجية أو سياسة للتعليم لا تتماشى مع وتيرة التطور التكنولوجي سوف تؤدى الى كارثة فى النهاية.
وشدد هيتام على أهمية المناقشات والتواصل العالمى للتحضير للتحول أكثر الى الاقتصاد الرقمى، مع الأخذ فى الاعتبار البيئة العالمية المتغيرة والمتطورة فى انجاز الأعمال، وذلك من أجل تحقيق تنمية مستدامة، مؤكداً على أن جميع دول العالم تشهد تغييرات وتحولات كبرى. كما أشار الى تأثير التقدم التكنولوجي والصناعى السريع على تقليل الوظائف التقليدية، وتأثير الذكاء الاصطناعى على الحياه البشرية فى المستقبل
ستيف وزنياك أحد مؤسسى شركة ابل العالمية للالكترونيات، أكد أثناء المنتدى على ايمانه بأن الذكاء الاصطناعى لن يمثل تهديداً للبشر كما فى أفلام الخيال العلمى، وذلك بسبب استحالة برمجة الآلات لنفسها، مؤكداً انه بالرغم من التطور التكنولوجى الرهيب فإن البشر هم من يبرمجون الآلات لتفعل فقط ما تم برمجتها عليه.
لا يوجد أى دليل مادى على أن الآلات يمكن أن تطور من ذكاءها بنفسها فى المستقبل كما نرىفى أفلام الخيال العلمى، والسبب الرئيسى، على حد قول وزنياك، هو أننا لا نعرف بشكل كامل كيف يعمل العقل البشرى.
كما شدد وزنياك خلال المنتدى الاقتصادى الاسلامى العالمى فى ماليزيا على أهمية تعديل البرامج الدراسية لتتواكب مع التطور التكنولوجي السريع واضافة البرمجيات والمعدات الالكترونية والروبوت فى المناهج الدراسية من الصفوف الابتدائية. وأضاف أن التغيير الشديد أو المزعزع يحدث فى قطاعات كثيرة ولا يمكن دائماً التنبؤ بتأثير الابداع فى مجال التكنولوجيا، ولكن يجب على الدول أن تدعم النمو الرقمى ومتطلباته حتى تستطيع تحسين اقتصادياتها.
يناقش المنتدى أيضاً خلال جلساته اخر التطورات على أفكار وتطبيقات النظام الاقتصادى الشامل، دور القيادة الرشيدة فى دفع عجلة الاقتصاد للأمام، تعزيز دور المرأة فى ريادة الأعمال، تكنولوجيات الزراعة الجديدة، آفاق التمويل الاسلامى والتحديات التى تواجهه، مشروعات الطاقات المتجددة واقتصادياتها، تقنيات نظام blockchain او سلسلة الكتل وتأثيرها على التجارة العالمية، وآخر الابتكارات فى مجال التعليم.
ويعتبر المنتدى الاقتصادى الاسلامى العالمى ملتقى هام لبحث سبل التعاون الاقتصادى بين الدول وتحفيز الاقتصاديات لتحقيق نمو أكبر، وذلك من خلال اللقاءات المشتركة بين ممثلى قطاع الأعمال من كل دولة ، وكذلك حضور مناقشات بين الخبراء والأكاديميين والسياسيين. وقد ساهم المنتدى الاقتصادى الاسلامى العالمى فى تسهيل ابرام اتفاقيات تجارية واستثمارية بين الدول الاسلامية والغير اسلامية بقيمة 13 مليار دولار، وذلك على مدار الخمس سنوات الماضية.