Close ad

بعد نقل مقر "وزارة الداخلية".. سكان "لاظوغلي" يفلتون من قبضة الأمن.. وخبراء: احتياطات كان لابد منها

30-4-2016 | 15:16
بعد نقل مقر وزارة الداخلية سكان لاظوغلي يفلتون من قبضة الأمن وخبراء احتياطات كان لابد منهاميدان لاظوغلى
كمال مراد عبد الحميد
اعتاد المارة بشوارع وسط البلد، الابتعاد عن محيط مقر "وزارة الداخلية" بالقرب من ميدان لاظوغلي، حتي لا يخضعون للإجراءات الأمنية التي وضعتها الوزارة حول أسوارها؛ ولكن بعد نقل الوزارة لمقرها الجديد بـ "التجمع الخامس" في أكاديمية الشرطة، لن يخضع المارة والسكان بالقرب من الوزارة، للإجراءات الأمنية التي اعتادوا عليها.
موضوعات مقترحة


مبني وزارة الداخلية القديم بـ"لاظوغلي" والذي يصل عمره لأكثر من 150 عامًا سيتحول إلى مقر إداري أو متحف للشرطة، وتختفي من حول أسواره الحواجز الأسمنتية،التي يصل ارتفاعها لما يقرب من 6 أمتار، وتفتح الشوارع، وتزال الحواجز التي وضعت لتأمين مبنى الوزارة.

بالرغم من أن المارة والسكان في محيط الوزارة، سيتمكنون من الإفلات من قبضة الأمن، وسيصحب ذلك تغيرًا في عاداتهم اليومية، إلا أن ذاكراتهم ستظل تحتفظ، بذكريات أيام قضوها بجوار واحدة من أهم وزارات مصر.

قضت "عزة" السيدة الأربعينية حياتها كلها تقريبًا، بجوار وزارة الداخلية بميدان لاظوغلي، حتى أصبحت التعليمات الأمنية جزءًا لا يتجزأ من حياتها، تقول: "اعتدنا على التعليمات الأمنية، التي اختلفت من وزير لآخر حسب الخطة الموضوعة لتأمين المبني، ولكن بعد نقل الوزارة بالتأكيد ستختلف أوضاعنا".

انعكست الحالة الأمنية والأحداث الجارية على الساحة السياسية، على أوضاع السكان بمحيط وزارة الداخلية وحياتهم، حيث تحول السكان الذين يعيشون بجوار الوزارة إلى جزء من الخطة الأمنية للوزارة، فكان عليهم أن يقدموا صورة بطاقتهم الشخصية ورخص سياراتهم لحرس الوزارة عندما تطلب منهم.

وقد اختلفت الاحتياطات والأمنية، التي اتخذتها الداخلية، لتأمين مبني الوزارة من وزير لآخر، ففي عهد وزير الداخلية زكي بدر، انتشرت قوات تأمين الوزارة في كل مكان، كانت هذه القوات تتعامل مع المارة بطريقة عنيفة أحيانًا، وصلت في بعض الأحيان لسؤال السكان عن وجهتهم وسبب خروجهم من المنازل، وهو ما كان يتسبب في نشوب مشكلات بين حرس الوزارة والسكان.

أما في عهد وزير الداخلية عبدالحليم موسى، فقد انعكست الأوضاع السياسية، وتكررت الحوادث الإرهابية، وانتشار الجماعات المتطرفة في هذه الفترة، على طريقة تعامل حرس الوزارة، الذي تعامل مع المارة بصرامة شديدة، وزادت أعداد أفراد الامن المنتشرين أمام الوزارة والشوارع والطرق المؤدية لها، ومنع السكان في محيط الوزارة، من السير في وسط الشارع أو نهر الطريق، وذلك خلال دخول وخروج موكب الوزير وقيادات الوزارة، حيث كان يتم "تثبيت السكان" بالأمر، ومنعهم من الحركة لحين خروج أو دخول موكب الوزير.

وتم تشديد الاحتياطات الأمنية على الوزارة، في عهد وزير الداخلية حسن الألفي، الذي تعرض لحادث اغتيال فاشل، عن طريق دراجة بخارية مفخخة وضعت في شارع "الشيخ ريحان" خلال دخول موكبه الوزارة، بعد هذا الحادث اتخذت الوزارة، بعض الاحتياطات الأمنية الإضافية، فمنعت السيارات من التوقف في شارعي الشيح ريحان، ونوبار المؤديين لمبنى الوزارة.

بالإضافة لرفع أعداد أفراد الأمن المنتشرين حول الوزارة والشوارع المؤدية لها، الذين كانوا يرتدون الزي المدني، ومع زيادة قوات تأمين الوزارة، وتم استخدام شارع منصور، كنقطة تجمع لقوات الأمن والسيارات التابعة للوزارة، وكان يتم الاستعانة بهذه القوات في بعض الأحداث والاحتجاجات التي كانت تحدث بالقرب من الوزارة بوسط البلد.

ومع بداية تولي وزير الداخلية حبيب العادلي، صاحب القبضة الحديدية، تم تزويد بتزويد حرس الوزارة بزي مميز لونه "زيتي"وسلاح ألي وطبنجة، وكانت هذه القوات تقوم بتأمين مداخل ومخارج الوزارة، هذا بالإضافة لقوات أخري انتشرت في محيط الوزارة، ترتدي زيا مدنيا عبارة عن بدلة كاملة، وكانت هذه القوات كما يقول السكان تتعامل معهم بطريقة جيدة، ولديها معلومات كاملة عن كل ساكن بجوار الوزارة، تجمع بملف خاص تطلب بياناته من السكان، وأصحاب المحال التجارية القريبة من مبنى الوزارة.

زودت هذه القوات بكلاب بوليسية مدربة، كانت تقوم بتأمين السيارات المتوقفة، وأسطح ومداخل الأبنية المطلة على الوزارة، وكان ذلك يتم بصفة شبه يومية، بالتعاون مع حراس هذه البنايات "البوابين"، ومنعت سيارات النقل الثقيل من الدخول لمحيط الوزارة، فكان على السكان نقل أثاث منازلهم وأمتعتهم عندما يحل المساء.

وعندما اندلعت ثورة يناير، قضى السكان في محيط الوزارة أيامًا عصيبة، فكان عليهم سلك طرق خلفية وشوارع جانبية؛ ليتمكنوا من الدخول لمنازلهم دون أن يتعرضوا للأذى، أو يكونوا هدفاً لأطلاق النار عليهم من حراس الوزارة، وكان يوم 29 يناير هو الأصعب علي الإطلاق، فلم يتمكنوا طوال نهار هذا اليوم من الدخول أو الخروج لمنازلهم، بعد أن أعطيت الأوامر بإطلاق الرصاص الحي، علي كل من يحاول الاقتراب من الوزارة، أو الشوارع المؤدية لها.

مع تسلم قوات الجيش تأمين محيط الوزارة، تعاملت القوات بطريقة جيدة مع السكان، ولكن تضررت المحال التجارية، بسبب المظاهرات والاحتجاجات التي انطلقت من ميدان التحرير، وزادت معاناة السكان بسبب إغلاق عدد من الشوارع بحوائط اسمنتية، وهو ما كان يضطرهم لسلك طرق أخرى للوصول لمنازلهم.

أما الوزارة فقط تمت إحاطتها بجواجز أسمنتية، للدفاع عنها ضد الهجمات الإرهابية المحتملة، التي انتشرت بعد سقوط جماعة الإخوان وقيام ثورة 30 يونيو، أما قوات تأمين الوزارة، فقد تعاملت بشكل أفضل مع السكان والمارة، خلال فترة تولي وزير الداخلية السابق محمد إبرهيم، ووزير الداخلية الحالي مجدي عبدالغفار، حتي تم الإعلان عن نقل مقر الوزارة للتجمع الخامس بأكاديمية الشرطة، ليفلت سكان "لاظوغلي" من قبضة الوزارة.

قضي الخبير الأمني حسين حمودة والعميد السابق بجهاز أمني الدولة، أكثر من 25 عامًا داخل جهاز أمن الدولة بمبنى الوزارة بـ "لاظوغلي"، يقول إن الاحتياطات الأمنية التي كانت تتخذها الوزارة، قبل نقل المبنى من لاظوغلي إلى أكاديمية الشرطة، كان لابد منها لتأمين المبنى والقيادات الأمنية، بعد رصد بعض المحاولات لاستهداف المبنى.

وأوضح الخبير الأمني، أن جهاز أمن الدولة، رصد في بعض الفترات، محاولات جماعات استئجار شقق بجوار الوزارة، أو تطل عليها بشكل مباشر، لرصد ما يحدث داخل الوزارة ومعرفة خط سير القيادات الأمنية، لاستهدافهم بعمليات إرهابية ومحاولات اغتيال، وهو ما كان يستدعي وضع خطة أمنية لتأمين مبنى الوزارة، مؤكدًا أن التعليمات الأمنية التي وضعتها الوزارة، لم يكن المقصود منها مضايقة السكان والمارة.

وأكد الخبير الأمني، أن نقل مبني الوزارة خارج الكتلة السكنية، سيؤدي لتأمين الوزارة بشكل أفضل، ويأتي ضمن الخطة الموضوعة من الدولة، لنقل الوزارات خارج وسط القاهرة، لتنفيذ خطة التمدد العمراني بالقرب من العاصمة الإدارية الجديدة.

أما اللواء مجدي البسيوني مساعد وزير الداخلية الأسبق، والخبير الأمني، فقد أكد أن الخطة الأمنية التي وضعت لتأمين مبنى الوزارة القديم في لاظوغلي، كان لابد منها لمواجهة الجماعات الإرهابية والسيارات المفخخة، مشيرًا إلي أن التأمين كان المقصود منه أيضًا، تأمين سلامة السكان والمارة، حتي لا يحاول أحد مثلا تفجير أحد المباني المتواجدة في محيط الوزارة، أو إطلاق نار على المبنى مثلما حدث في أحداث محمد محمود، ووقتها كان السكان أنفسهم سيتعرضون للخطر.

وأضاف مساعد وزير الداخلية الأسبق، أنه في حالة نقل جميع إدارات وملفات الوزارة، للمبنى الجديد بأكاديمية الشرطة، يستوجب تخفيف الإجراءات الأمنية على مبنى الوزارة القديم في لاظوغلي، والذي سيتحول لرمز للشرطة المصرية، خاصة أن جيران الوزارة عانوا بشدة، ومرت عليهم فترات عصيبة للغاية.

وطالب الخبير الأمني، بضرورة إخراج جميع المباني الإستراتيجية والأمنية، وسكن الشخصيات المهمة في الدولة، خارج نطاق الكتل السكنية، بحيث تخصص لهم مبان مؤمنة بطبيعتها يصعب استهدافها، مشيرًا إلى أن قوات الأمن لا تقصد مضايقة الجيران أو السكان، التي تقع منازلهم بالقرب من المباني الأمنية، أو بجوار الشخصيات المهمة، بقدر أنها تحاول تأمين هذه الأماكن للوقوف ضد أي عمل إرهابي.
كلمات البحث