رصد مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية العشرات من أحداث العنف والقتل والتعذيب التى اتهمت جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها بارتكابها خلال الشهر الماضي، والتى ترتبت على دعوات صريحة بالتحريض على ممارسة العنف من قبل قيادات الإخوان والجماعات الإسلامية والتى تنذر بحدوث حرب أهلية، بحسب وصف المركز.
موضوعات مقترحة
جاء ذلك فى تقرير مفصل أصدره المركز اليوم الأحد بعنوان "وقائع التحريض على العنف وعلاقتها بأحداث القتل والتعذيب على أيدى أنصار مرسى "والذى يغطى الفترة من ٢٩ يونيو إلى ٢ أغسطس وجاء فيه على سبيل المثال لا الحصر وقوع ٨٢ حادثة قتل.
وقال التقرير: "جماعة الإخوان المسلمين مارست تعذيبا لأعضائها المنشقين عنها والذين ينبذون العنف، حيث أوضحت حركة "إخوان بلا عنف" المنشقة عن جماعة الإخوان المسلمين، في بيان لها يوم الثلاثاء 23 يوليو، أن الجماعة احتجزت 670 شابًا من شباب الحركة بميدان رابعة العدوية، وتم منعهم من الخروج، لتمردهم ورفضهم المشاركة في أحداث العنف الأخيرة، وتم معاملة المحتجزين معاملة غير آدمية، كما تم جلد بعض الشباب مائة جلدة، لعدم تلبية الأوامر".
وأضاف التقرير "في الفترة من 29 يونيو إلى 1 أغسطس 2013 تم رصد في تلك الفترة 1359 حالة تعذيب أو اعتداء أو إصابات لبعض ضحاياهم، كما تزايدت وتيرة العنف التي جاءت متزامنة مع تصريحات عدد من قادة الإخوان المسلمين بالتحريض على العنف، كما جاء ذلك متزامناً مع إعلان المنصة الرئيسية برابعة العدوية تشكيل مجلس حرب، ومحاربة من وصفوهم بـ"العدو" (في إشارة إلى الجيش والشرطة والمعارضين)، ومن ثم فإن وقوع أي مصابين أو قتلى من قبل أي من الأطراف-المؤيدين أو المعارضين- يتحمل مسئوليته هؤلاء القادة المحرضون على العنف، والذين يستخدمون الدين في غير مواضعه مستغلين في ذلك جهل العديد من الأفراد وفقرهم، ومستغلين النساء والأطفال اليتامى، ووضعهم كدروع بشرية لهم.
وقال داليا زيادة المدير التنفيذي لمركز ابن خلدون "كل ما تم رصده فى هذا التقرير يغطى شهرا واحدا فقط مارس فيه الإخوان وأنصارهم عشرات من الجرائم تفقدهم الشرعية المزعومة التي ينادون بها، ونحن نخشى أن استمرارهم على هذا النحو قد يؤدى إلى تصاعد العنف والإرهاب فى المجتمع، حيث إنه حسب ما ورد تفصيلاً بالتقرير هناك ارتفاع ملحوظ في حالات العنف فأكثرها حدثت في الأسبوع الأخير ما بين 26 يوليو و2 أغسطس".
وطالبت داليا زياردة الدولة بـ"التدخل فوراً لوقف هذه المأساة ومحاسبة كل من تورط فى التهديد باستخدام العنف أو ممارسته كما يجب على الدولة الأخذ فى الاعتبار بضرورة عمل جلسات تأهيل نفسى لكل من ضحايا التعذيب ومرتكبيه بعد إنهاء تلك الحالة الدموية"، حسبما قالت.
جدير بالذكر أن المركز اضطر للتوقف بزمن التقرير عند تاريخ 2 أغسطس حتى يقدم هذا الرصد المهم للرأي العام بأسرع ما يمكن، على أن يصدر المركز تحديثات دورية على هذا التقرير طوال استمرار حالة الصراعات الداخلية المفتعلة من جانب الإخوان وما يترتب عنها من حوادث عنف.
ورصد التقرير أيضا مجموعة من الأحداث التي وقعت قبل الموجة الثانية من الثورة، والحشد الهائل من قبل الطرفين- المؤيدين والمعارضين على حد سواء- لكن الحشد من جانب المؤيدين للرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين كان مصحوباً بتصريحات تتضمن التحريض على العنف، حيث صرح العديد من مؤيدي الإخوان وقادتهم أن الشرعية خط أحمر لا يمكن تجاوزه، كما هدد معظمهم بإدخال البلاد إلى نفق مجهول وإدخال البلد في حالة من التفجيرات وإراقة الدماء إذا ما تم المساس بالشرعية والرئيس مرسي، وليس من قبيل الصدفة أن يتزامن حدوث موجه من التفجيرات مع سقوط نظام الإخوان، وأيضاً موجة من حالات التعذيب الممنهج وبعض حالات الاختطاف للمعارضين، إلى جانب موجة من التفجيرات في سيناء والعريش، التي بدأت بعد عزل الرئيس مرسي، وما زالت مستمرة حتى الآن، كما قامت جماعة الإخوان المسلمين بإستغلال النساء والأطفال في التظاهرات وتصديرهم في المشهد للاحتماء بهم، إلى جانب التعذيب النفسي لأطفال لم تتجاوز أعمارهم عشر سنوات من خلال ما أطلقوا عليه "مشروع شهيد"، واستخدام جماعة الإخوان للنساء والأطفال في التظاهرات النابع من إرادة إخوانية في تصوير مصر بمشهد سوريا، وطلب تدخل أجنبي عسكري في مصر لحمايتهم من الاضطهاد، وإرجاع حقهم المغتصب، وحماية الشرعية كما يتوهمون"، وفقا لتقرير المركز.
وأوضح التقرير أن هناك ارتفاعا ملحوظا في حالات العنف التي تشهدها البلاد منذ 30 يونيو وحتى الآن، فأكثر من نصف حالات العنف حدثت في الأسبوع الأخير ما بين 26 يوليو و2 أغسطس، مما يستدعي ضرورة إيجاد حل سريع للأزمة والقضاء على العنف والإرهاب الذي يمارس من قبل أنصار الرئيس المعزول.
ورصد التقرير عدة وقائع منها الأحداث في يوم 30 يونيو، حيث قام العديد من المواطنين، بالتظاهر أمام مكتب الإرشاد بالمقطم، مطالبين برحيل نظام الإخوان المسلمين، مما أثار غضب أعضاء جماعة الإخوان وقاموا باطلاق الخرطوش والرصاص الحي من فوق سطح مكتب الإرشاد، وأسفرت النتائج عن مقتل 12 شخصاً، وإصابة 48 آخرين بينهم 10 حالات في حالة خطيرة، وواقعة اعتداء من قبل المتظاهرين المتواجدين بميدان رابعة العدوية، على الملازم أول كريم عماد عبد الحميد (ضابط شرطة)، بالضرب بالشوم والأسلحة البيضاء، مما أصابه بجروح قطعية بالبطن، وتم نقله إلى مستشفى الشرطة، مصابًا بشبه ارتجاج في المخ، وجرحين في الجانب الأيسر من البطن، وجروح وخدوش بباقي الجسم.
ورصد التقرير أيضا تصريحات المهندس عاصم عبد الماجد فى خطابه في يوم الثلاثاء 25 يونيو فى مؤتمر الشريعة خط أحمر بأسيوط: "أقول لمن يظنون أننا سننزل يوم 30 باستراتيجية دفاعية إننا سنأتي بإستراتيجية هجومية، إننا سنأتي في يوم 30 يونيو بمائة ألف شخص كل شخص فيهم يعادل ألف شخص، تأييدًا للرئيس مرسي"، إضافة إلى تصريح الشيخ وجدى غنيم يوم الأربعاء 26 يونيو مهاجماً الداخلية ومتهمها بصناعة البلطجة ووضع حدود للحريات علي الاسلاميين وحفظة القرآن فقد قال "الداخلية همّا اللي عاملين البلطجية، الداخلية هي اللي بتحمي البلطجية وبتدافع عنهم لماذا لا تُفعّل حد الحرابة وفقا لسورة المائدة، ليه وهذا الحد موجود وأنت حافظ القرآن، لماذا لا نفعّل هذا وهو حد الحرابة" حسبما ذكر التقرير.
وأوضح التقرير أن "أحداث بين السرايات يوم 2 يوليو أدت إلى سقوط 23 قتيلاً، وإصابة 220 آخرين تضاف إلى قائمة ضحايا نظام الإخوان بين المئات من أنصار مرسى المعتصمين أمام جامعة القاهرة وأهالي المنطقة، حيث استخدم فيها مؤيدو مرسي أنواعاً مختلفة من الأسلحة النارية والآلية، فعندما شاهد عدد من مؤيدي مرسي سيارتين عليهما ملصقات "ارحل" واقفتين أمام بوابة كلية التجارة المواجهة للمنطقة، قاموا بإشعال النيران فيهما بعد التعدي على أصحابها فيما قام أحدهم بإطلاق النار من فرد خرطوش في الهواء لترهيب الأهالي، الأمر الذي أثار حفيظة عدد من الأهالي ووقعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين وتطور الأمر بحضور أكثر من ثلاثة آلاف من أنصار الرئيس المعتصمين أمام الجامعة مدججين بالأسلحة الآلية والخرطوش وأطلقوا سيلا من الأعيرة النارية تجاه سكان بين السرايات".
وحول أحداث سيدي جابر قال التقرير "شهدت مدينة الإسكندرية اشتباكات وأحداث عنف في الخامس من يوليو، اُستخدمت خلالها الأسلحة النارية والبيضاء وعبوات المولوتوف للاعتداء بها على المواطنين السلميين، مما نتج عنه حوالى 12 قتيلاً، و180 مصاباً، إضافة إلى 800 مصاب آخرين بإصابات بسيطة، وهناك بعض التقارير التي ترفع من أعداد القتلى ليصل إلى 22 قتيلا، وكانت تحقيقات النيابة قد كشفت ثبوت تورط قيادات الإخوان فى أحداث سيدى جابر بعد أن تسلمت تحريات الأمن الوطنى فى القضية، وكشفت التحريات عن عقد عدة لقاءات مع أعضاء مكتب الإرشاد فى أعقاب تراجع شعبية الرئيس المعزول محمد مرسى، وذلك لتنفيذ مخطط يعتمد على استخدام العنف والأسلحة النارية والبيضاء لإحداث حالة من الانفلات الأمنى وتكدير الأمن والسلم العام بالبلد فى مواجهة المظاهرات التى أعلنت القوى السياسية المعارضة اعتزامها القيام بها فيما شهدت منطقة المنيل في الخامس من يوليو 2013 وقوع اعتداءات من قبل عدد من أنصار الرئيس المعزول تجاه أهالى المنطقة على خلفية محاولة اعتداء جماعة الإخوان على المتظاهرين المعتصمين بميدان التحرير، حيث قام عدد كبير من أنصار الرئيس السابق محمد مرسى بالتوجه فى مسيرة من كوبرى الجامعة إلى منطقة المنيل، وعقب علم أهالى المنطقة بقدوم هذه المسيرة قاموا بتشكيل لجان شعبية للتصدى لأى أعمال تخريبية من قِبل أنصار المعزول ولكنهم فوجئوا بإطلاق الإخوان المسلمين الرصاص الحى".
وأشار التقرير إلى "تعذيب أحد المواطنين ومعه بعض أفراد الشرطة، وموت أحمد زليفة واختطاف ضابط وأمين شرطة وتعذيبهما بمسجد رابعة العدوية والعثور على جثة عمرو مجدي كمال سمك والاعتداء على أحد المارة بسبب حمله لصورة السيسي والاعتداء على شخص وقطع أصابعه والعثور على جثتين وثلاثة مصابين بميدان النهضة، كما شهد يوم 26 يوليو وقوع اشتبكات القائد إبراهيم، حيث وقعت مناوشات واحتكاكات ما بين المئات من المشاركين بإحدى المسيرات المتجهة إلى ميدان سيدي جابر أثناء مرورها في طريقها بميدان القائد إبراهيم الذي احتشد فيه المئات من أعضاء الجماعة المؤيدين للرئيس المعزول، وأثناء مرور المسيرة المؤيدة لثورة 30 يونيو قام أعضاء الجماعة بترديد هتافات مضادة ورد عليهم المشاركون بالمسيرة وسرعان ما تحولت الاشتباكات الكلامية إلى اشتباكات بالأيدي والأسلحة النارية، واحتمى عدد من جماعة الإخوان بداخل المسجد واعتلى بعضهم مآذنه وأطلقوا النيران التي أصابت عدداً من أهالي المنطقة، وأسفرت الأحداث عن وقوع خمسة قتلى و72 مصاباً".
وقال التقرير أيضا "شهدت سيناء مجموعة من الأحداث التي تمثلت في هجوم على أقسام الشرطة وبعض النقاط العسكرية، راح ضحيتها العديد من أفراد الشرطة وجنود القوات المسلحة، بدأت هذه الأحداث متزامنة مع بيان القوات المسلحة وإمهاله جميع القوى بما فيها مؤسسة الرئاسة ثمانيا وأربعين ساعة للتوافق، وقد تزامنت هذه الأحداث أيضاً مع تصريحات بالعنف من بعض قادة التيار الإسلامي، واعتراف ضمني من د.محمد البلتاجي القيادي في جماعة الإخوان المسلمين بمسئولية جماعته عن أحداث العنف التي تجري في سيناء، حيث قال البلتاجي "إن ما يحدث في سيناء سيتوقف في اللحظة التي سيتراجع فيها الجيش" عما وصفه بالانقلاب، وعودة مرسي إلى مهامه.
وأشار التقرير إلى إعلان الإخوان انضمام عناصر من تنظيم القاعدة، وتشكيل مجلس حرب في يوم 29 يوليو 2013، حيث أعلنت المنصة الرئيسية لاعتصام أنصار مرسي، في ميدان نهضة مصر، عن انضمام عناصر من السلفية الجهادية وتنظيم القاعدة وحزب النور السلفي، رافعين أعلام القاعدة، وقد يشير ذلك إلى انتواء الإخوان استخدام العنف على نطاقات واسعة لا سيما في وجود مثل هذه العناصر الإرهابية، حسبما ذكر التقرير.
وأضاف التقرير "زاد تصعيد العنف من قبل الإخوان إلى التصريح به علناً من على منصة رابعة العدوية، ففي يوم الثلاثاء 31 يوليو 2013، اُعلن من على المنصة الرئيسية برابعة العدوية تشكيل مجلس حرب، وترديد هتافات "لا سلمية بعد اليوم"، كما هددت بعصيان مدني في شمال سيناء بالكامل، كما هددت الجيش والشرطة بسحب قواتها من شمال سيناء بترديد كلمات "أقول لقوات الجيش والشرطة، ارحلوا من سيناء".
كما رصد التقرير "تعذيب أحد الأطفال على أيدي المعتصمين في رابعة العدوية وواقعة الاعتداء على شاب في العشرين من عمره وتقييده في شجره، وقال التقرير: "لم تكن كل هذه التحريضات على العنف، والمصحوبة بحالات عنف حقيقية من قبيل الصدفة، بل كانت من قبل جماعات تطلق على نفسها تجاوزاً (حسب وصف التقرير) الجماعات الإسلامية، دون أن تعرف أبسط معاني الإسلام، علما بأن هناك عشرات الوقائع الأخرى لجرائم قتل وتعذيب ارتكبها الإخوان في بعض المدن خارج القاهرة وأهمها المنصورة والتي لم نستطع ذكرها بسب عدم توفر أدلة التوثيق الكافية".
وأشار التقرير إلى الأعداد الهائلة التي زج بها الإخوان المسلمون في الأحداث ولقوا مصرعهم، كأحداث الحرس الجمهوري (والتي وقعت يوم 8 يوليو، وراح ضحيتها 51 قتيلاً، و435 مصاباً، ثم وفاة 3 مصابين ليكون هناك 54 قتيلاً )، وأحداث طريق النصر (التي وقعت يوم 26 يوليو، وراح ضحيتها 65 قتيلاً، و269 مصاباً)، وأعداد القتلى والمصابين في جميع محافظات مصر، وهو ما يصنف تحت بند الجرائم غير المباشرة للإخوان، ويتحمل مسئوليته كاملة المحرضون على العنف من القيادات الإخوانية، حسب وصف التقرير.