طالعنا خلال الفترة الأخيرة العديد من الأخبار التي تقشعر لها الأبدان وتحمل تفاصيل ومشاهد مؤلمة بمثابة الجريمة مكتملة الأركان، والموجع بها أن الضحايا «أطفال» والجاني عليهم الأب أو الأم أو هما معا ضد أبنائهما وكأننا عدنا إلى عصر وأد البنات، تفاصيل هذه الأخبار تجدها بعيدة تمام البعد عن الإنسانية والأخلاق والدين.. نرصد أهم عناوين هذه الأخبار المؤسفة وكيف يمكن حماية حقوق الطفل.
موضوعات مقترحة
ومن أبرز العناوين التي طالعناها «زوجان عرضا طفلتيهما للبيع عبر فيس بوك»، وأم تقتل طفلتها من أجل قطعة كيك، أب وأم يختلفان فتركت الأم المنزل والطفل يظل يبكي حتى الموت، وأب يدعي أن ابنه عنده كهربا زيادة ويتسبب في مشكلات فأخذه وذبحه ورمى جثته، ثم جاء صاحب الڨيديو الشهير الذي جرد ابنته الرضيعة في عز البرد من ملابسها وألقى بها في الشارع، لنجد أنفسنا أمام مطالب عاجلة بضرورة حماية الأطفال من أهلهم ذوي الشخصيات الشاذة، كل
هذه الأخبار أثارت غضب المتابعين لها بمختلف أعمارهم.
رفض مجتمعي لحوادث انتهاك الطفل
قالت مها المواردي «مطلوب عاجلا قانون يعاقب الأهل الذين يعذبون أولادهم كما هو مطبق ببعض الدول وما يفعله هؤلاء الآباء جريمة واضحة ضد أبنائهم تحتاج إلى عقاب عاجل».
وقالت مي الفضالي «لابد من اتخاذ الإجراءات كافة لحماية الطفلة وطمأنتها نفسيا ومعاقبة الأب على ما تسبب لها من ترويع، ويجب أن نرى عقوبة رادعة وفورية ليكون عبرة لمن لا يعتبر ولأي أب يستغل أبناءه ويضرهم لأن هذا الشخص تجرد من كل مشاعر الإنسانية والأبوة».
وقال محمود فتحي «هذه الأخبار والڨيديوهات جريمة في حق المجتمع كله ويجب معاقبة الأبوين والأب المجرم، لأن عدم معاقبته سيزيد من العنف ضد الأم والطفل وستكون جريمة قتل لو لم يتم معاقبته».
رحيمة شريف تقول: «مثل هذه الجرائم تحدث يوميا لكن لم تجد من يسجلها ڨيديو والعقاب الرادع الفوري هو ما سيوقف أمثاله عن ارتكاب هذه الجرائم».
الطفولة والأمومة يحيل القضايا إلى النائب العام
أكدت الدكتورة سحر السنباطي - أمين عام المجلس القومي للطفولة والأمومة - أن المجلس يتابع هذه القضايا ويتصدى لها بكل الطرق واتُخذت جميع الإجراءات القانونية اللازمة بشأن الڨيديو المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي والذي يظهر فيه أب يقوم بحمل طفلته الرضيعة ووضعها على الأرض بالطريق وتجريدها من ملابسها مهددا بحرقها، موجهة على الفور بإحالة الواقعة إلى مكتب حماية الطفل بمكتب المستشار النائب العام وبالفعل قُبض عليه.
وأضافت السنباطي أن المجلس يتابع القضايا كافة التي تنتهك حقوق الطفل وفور رصد الواقعة بعد تداولها بمواقع التواصل الاجتماعي سُجل البلاغ من خلال الإدارة العامة لنجدة الطفل 16000، وبمتابعة الواقعة والتحري عنها كان هناك تواصل مع والدة الطفلة لتقديم الدعم اللازم والتي أفادت بأن الطفلة لم تبلغ العامين وأن والدها قام بهذا الفعل نتيجة لنشوب خلافات أسرية بينهما، وأنه ممتنع عن قيد الطفلة بسجلات المواليد واستخراج أوراق ثبوتية لها.
وأشارت السنباطي إلى أنه أبُلغتْ وحدة الحماية العامة بمحافظة الدقهلية لتقديم الدعم اللازم للطفلة ووالدتها حيث تباشر اللجنة العامة لحماية الطفولة بمحافظة الدقهلية واللجنة الفرعية بمركز ومدينة طلخا بتقديم جميع سبل الدعم للطفلة وتقديم تقريرها إلى النيابة العامة بشأن حالة الطفلة، مشيرة إلى أنه بعد إبلاغ مكتب حماية الطفل بمكتب النائب العام أُحِيلت الواقعة على الفور إلى نيابة استئناف المنصورة حيث تباشر نيابة طلخا الجزئية تحقيقاتها فيها.
وأكدت السنباطي أن هذه الواقعة تشكل تعريض الطفلة للخطر وتهديد حياتها وسلامتها وأمنها كما تتضمن واقعة هتك عرض للطفلة بتجريدها من ملابسها بالطريق العام، طبقا للمادة 268 من قانون العقوبات، فضلا عما قد تشكله من جريمة شروع في قتل حال ثبوت قيامه بمحاولة إشعال النيران بها.
وتناشد السنباطي المواطنين ضرورة التواصل مع المجلس القومي للطفولة والأمومة حال العلم بتعريض أي طفل للخطر من خلال آلياتنا وهي خط نجدة الطفل 16000 والذي يعمل على مدار 24 ساعة ومن خلال تطبيق الواتس آب على الرقم 01102121600 أو من خلال الصفحة الرسمية للمجلس على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، لافتة إلى أن ذلك التزام إنساني في المقام الأول، والتزام قانوني أيضا طبقا للمادة 98 من قانون الطفل المصري رقم 126 لسنة 2008 وطالبت رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعدم تداول مثل هذه الڤيديوهات التي تنتهك حقوق الطفل ووقف بثه حرصا على حقوق وكرامة الأطفال.
قانون عاجل للعنف المنزلي
«هو ده أبو لهب من عصر الكفار» بهذه الكلمات وصفت المحامية نهاد أبو القمصان ڨيديو تجريد الأب لطفلته الرضيعة من ملابسها في الشارع وسجلت ڨيديو على صفحتها الرسمية قالت فيه« لم أنم طول الليل بعد مشاهدتي للڨيديو شخص يمسك طفلة في عز البرد ويجردها من ملابسها والناس تقف تتفرج على البنت دون أي تحرك وصوت الأم تقول يا حبيبتي يا بنتي».
وفي تحليلها للحادث تقول «نحن أمام قضية شروع في قتل وحزمة جرائم في الشارع والسبب في عجز هذه السيدة وغيرها هو العائلات التى ترمى بناتها ويعتبرون الزواج سترة للبنت بصرف النظر عن أخلاقه ودينه، بالإضافة إلى عدم عملها وعدم قدرتها على الإنفاق على نفسها وبنتها التي جعلتها بهذا العجز».
وقدمت نصائح مهمة لأي بنت لحماية نفسها وأبنائها تحت أي ظرف فقالت «الشغل للست سترة» لتكون سندا لزوجها ولما تتزوج رجلا بهذه الأخلاق لا تكون بهذا الضعف والأكيد أن أهلها وعدم وجود داعم لها السبب وراء ضعفها بهذه الطريقة».
وتساءلت «أين القانون ضد العنف المنزلي؟ وأين تدخل أهل الزوجة لوقف العنف ضد بناتهم؟ فالفتاوى غير معلومة المصدر هي التي تبيح ضرب الزوجة بغطاء شرعي يضعنا أمام هذه الجرائم، ومثل هذا الرجل لو تم التصالح معه ستصل به الحال يوما إلى قتل البنت أو أمها لذلك يجب أن يشرع البرلمان الحالي قانونا ضد العنف المنزلي وأن تكون هناك آليات حماية للزوجة مع عدم وجود عمل أو عائلة تحميها».
التضامن وأقسام الشرطة يحميان النساء
من يحمي هؤلاء السيدات؟ قدمت نهاد أبو القمصان سبلا يمكن لأي سيدة حماية نفسها ضد العنف المنزلي فقالت «هناك 8 منازل تابعة لوزارة التضامن تستضيف المرأة المعنفة تعمل بكفاءة والسيدات اللاتي يصلن إلى مرحلة العجز الذي يجعلهن لا يتمكن من الدفاع عن أمومتهن عليهن التوجه إلى هذه المراكز، وهناك بكل قسم شرطة وحدة لمواجهة العنف ضد المرأة فالبيت الذي تتعرض فيه الزوجة للإهانة والعجز والضعف ليس بيتا» .
وأضافت «أطالب كل محافظ أن يخصص بيوتا آمنة بكل محافظة لاستيعاب أكبر عدد من السيدات، ويجب أن تكون هناك حماية للسيدات حتى لا يتم الضغط عليهن للتنازل في حالة تقديم بلاغ، وقضايا العنف المنزلي حق عام لا يمكن التنازل عنه، لو لم نجد قانونا رادعا وعائلة تقف أمام مثل هؤلاء الأزواج سنجد كل يوم فرعونَ هذه ليست بيوتا بل جرائم».
أمراض نفسية تتسبب في تصرفات شاذة
هل معاناة هؤلاء من أمراض نفسية هي السبب وراء ظهور هذه الحوادث؟ بالفعل هذا ما أكده الدكتور عبد الهادي عيسي أستاذ الطب النفسي بأن إصابة هؤلاء الأشخاص بأمراض نفسية تكون غالبا من الصغر السبب وراء انتشار هذه الحوادث فنجدهم متخلين عن عاطفة الأمومة أو الأبوة وهي عاطفة غريزية عدم الإحساس بها يكون لأسباب نفسية ومشكلات في النشأة، ومهما تكن حاجتهم إلى المادة أو غيرها فلا يدفع ذلك شخصا طبيعيا إلى مثل هذه التصرفات الشاذة.
ويوضح أن انتشار هذه الحوادث يجعلها ظاهرة مجتمعية خطيرة تحتاج إلى التصدي بالقانون الصارم لأن أغلب هؤلاء لا يعرفون أمراضهم النفسية ولن يقبلوا على دكتور لحل مشكلاتهم فسيكون الحل بالقانون، ولكن هذا ينبهنا إلى تربية الأبناء من الصغر والحرص على نشأتهم في جو مستقر وآمن بعيدا عن العنف لينشأوا نشأة طبيعية وسوية.