Close ad

"الفصل من المنبع" تجربة ناجحة لاستخدام الصرف في الري والتسميد.. وبرلماني: التنمية المحلية تقترح التعميم

18-11-2018 | 13:02
الفصل من المنبع تجربة ناجحة لاستخدام الصرف في الري والتسميد وبرلماني التنمية المحلية تقترح التعميممبتكر تجربة الفصل من المنبع لمعالجة الصرف الصحي
أحمد سمير

براءة اختراع حملت رقم 586 / 2017، ظلت تبحث عن طريق ترى فيه النور، هدفها ليس السفر إلى المريخ، ولا الهبوط على سطح القمر، ولكنها فكرة أرادت تخفيف العبء عن كاهل الدولة في التخلص من الصرف الصحي، واستخدام مياهه في الزراعة بدلا من إهدارها، واستخدام الناتج عنه من المخلفات الصلبة الناتجة كسماد.

موضوعات مقترحة

براءة الاختراع تلك ليست حلمًا، ولا نظرية استنفذت أحبار الأقلام على الأوراق، ولكنها حقيقة يمكنك مشاهدتها، في هندسة ري البدرشين، بمحافظة الجيزة، كما فعل وزير المياه الإيفواري، حتى إن إعجابه بالتجربة دفعه للإقبال على شرب المياه الناتجة عنها، وهي نفسها التجربة التي ثمنها وزيرا الري والتنمية المحلية ومحافظ الجيزة، عندما شاهدوها يوم السبت الماضي.


وزير الري الإيفواري يزور التجربة

وزير الري الإيفواري يزور التجربة

بطل التجربة، مهندس زراعي، شاءت الأقدار أن يعمل في هندسة ري البدرشين، يدعى المهندس جمعة طوغان، ويبدو أن القدر كان حليفه، في ري البدرشين، ليجمع بين خبرات مهنة مصر القديمة - الزراعة - ويعيش تحديات الحاضر في توفير المياه، لتُخرج لنا بنات أفكاره تجربة جديدة، لحل مشكلة لطالما أرقت فكر المسئولين في التخلص الآمن منها، إلا أنه لم يرد فقط التخلص الآمن من الصرف الصحي، ولكن أيضا الاستفادة منه في ري الأراضي الزراعية، وصناعة السماد اللازم لزراعتها.

وحدة معالجة مياه الصرف الصحي غير النمطية منخفضة التكاليف بطريقة الفصل من المنبع، هو عنوان تجربته التي سجلها في براءات الاختراع، والتي تعتمد على معالجة مياه الصرف الصحي الناتجة من المنازل معالجة ثلاثية، تصبح بعدها صالحة للاستخدام الزراعي، وفق تأكيدات وزارة الصحة، بعد تحليلها لعينات المياه الناتجة من وحدة المعالجة.


المهندس جمعة طوغان يشرح تجربة الفصل من المنبع

المهندس جمعة طوغان قال لـ"بوابة الأهرام"، إن الماء هو العنصر الحاكم في التنمية، وعلى قدر استطاعتنا تنميته مع الترشيد، ستزداد الرقعة الزراعية، فالماء ليس فقط ضروريا للتنمية بل أيضا لتبقى حياة المصريين نابضة، في مرحلة حرجة، تزداد فيها تحديات توفير المياه النظيفة يوما بعد يوم.

وأوضح أن مياه الصرف الصحي من أكثر مسببات الأمراض انتشارا فهي بيئة مثلى لنمو البكتيريا والفيروسات، وغيرها من المسببات المرضية، لافتا إلى أنه في ضوء ازدياد الحاجة إلى إعادة استخدام كل قطرة من المياه، كان من الضروري البحث عن نظم جديدة، لتطوير طرق معالجة مياه الصرف الصحي، لتصبح أكثر كفاءة وصالحة للاستخدام، وبأقل تكلفة ممكنة، لتناسب الظروف المحلية.

تجربة طوغان، تهدف إلى تطبيق نظام صرف صحي منخفض التكاليف، من حيث الإنشاء والتشغيل، وذو عائد مادي أيضا، يعمل على تحسين جودة مياه الصرف الصحي التي تصل إلى محطات المعالجة الحكومية، بما يسمح بتحسين جودة مياه شبكة المصارف المصرية، لإعادة استخدامها في تربية الأسماك من خلال نظم شبه مغلقة، ليعيد بذلك أمجاد الأجداد من المصريين القدماء، فهم أول من عالجوا مياه الصرف الصحي، لإعادة استخدامها قبل 1450 عاما قبل الميلاد، وفق الرسومات المحفورة على جدار قبر "أمينوفيس الثاني" في طيبة، وكانت الصحراء الغربية مصدرا لـ"الشّبه"، كما كانوا يستخدمون كبريتات الألومنيوم وكبريتات الحديد، أو مزيج منهما، لاستخراج المواد الصلبة من المياه، مستخدمين هذا الجهاز.


الجهاز الفرعوني لمعالجة الصرف الصحي

"تطبيق التجربة في المدن سيعمل على رفع كفاءة محطات المعالجة الحالية"، هذا ما أكده صاحب التجربة لـ"بوابة الأهرام"، مشيرا إلى أن تطبيقها سيقضي على مشاكل الصرف الصحي مثل، الطفح والانسداد وحالات الهبوط الأرضي، خاصة في ظل ارتفاع تكلفة عمليات التطهير، فضلا عن إمكانية رفع وتحسين درجة المعالجة في محطات الصرف الصحي، لجودة المياه التي تدخل إليها؛ نظرا لكونها مياه شرب تمت معالجتها سريعا، وأزيلت عنها الملوثات مما يسهل معالجتها في المحطات، وخفض تكاليف التشغيل، وتحسين نوعية المياه الناتجة منها.

كما يمكن أن تساهم محطة المعالجة -عند تنفيذها في القرى- في إنشاء شركات صغيرة بكل قرية لإدارة المنظومة، يتم بناؤها من خلال اشتراكات الأهالي في الخدمات، ويمكن أيضا إنشاء محطات صغيرة منفصلة على المصارف الزراعية، لتتم بها عمليات المعالجة المعتادة، بحيث تعتبر مصدرا إضافيا للمياه، يمكن استخدامها في الري المطور، الذي يعمل في نظام شبه مغلق، للاستفادة من الخصائص السمادية لهذه المياه العادمة، مع تعظيم الاستفادة من المصارف الزراعية، بتعميقها وزيادة قدرتها الاستيعابية، وتحويلها إلى مزارع سمكية، ترفع المستوى الاقتصادي لسكان القرى، فضلا عن مساهمة هذه المحطات في تحويل مخلفات القرية العضوية والزراعية والحيوانية والبشرية ومخلفات المنازل إلى وقود حيوي.


مخطط تجربة الفصل من المنبع
 

التجربة تم تطبيقها فعليا في هندسة ري البدرشين في محافظة الجيزة، وتم ري الأراضي التابعة لأملاك الري حول مبنى الهندسة بالمياه الناتجة عن هذه المعالجة، بعد تأكيد من وزارة الصحة بصلاحيتها للري، عقب إجراء تحليلاتها عليها.

النائب أشرف شوقي، عضو مجلس النواب عن دائرة أبو قرقاص في محافظة المنيا، أكد لـ"بوابة الأهرام"، أن المشكلات الملحة التي نواجهها حاليا لابد وأن نجد لها حلولا عملية، سهلة التنفيذ بتكلفة اقتصادية، مشيرا إلى أن المهندس جمعة طوغان وجد حلا لمعالجة الصرف الصحي، لتخفيف العبء على محطات الرفع، التي تجمع مخلفات المنازل، باستخدام طلمبات تحتاج لطاقة كبيرة، ثم يتم معالجتها باستخدام طاقة كبيرة، وهو ما يجعل تجربته لـ"الفصل من المنبع" اقتصادية من الدرجة الأولى، نظرا لعدم الحاجة إلى محطات، لتجميع أو فصل المخلفات، مؤكدا أن فكرة تنفيذها لا تتكلف أكثر من 10% من تكاليف الصرف العادي، وفي مدة زمنية بسيطة.


وحدة الفصل من المنبع
 

وكشف نائب أبو قرقاص لـ"بوابة الأهرام"، عن الاتفاق مع وزير التنمية المحلية، اللواء محمود شعراوي، على تنفيذ الفكرة في قرية منسافيس، بمركز أبو قرقاص في محافظة المنيا، لـ 120 منزلا، بمشاركة مجتمعية، تتحمل بموجبها وزارة التنمية المحلية 50% من التكلفة، ويتحمل الأهالي باقي التكلفة، على أن تقام محطة المعالجة وفق النموذج الذي نفذه المهندس جمعة طوغان، للفصل من المنبع، على أملاك الري بجوار مصرف القرية، حيث تصل تكلفة محطة الصرف إلى 700 ألف جنيه.

وأشار النائب البرلماني، إلى أنه وفقا للإحصائيات، يستهلك كل 5 أفراد مترا مكعبا من المياه يوميا، وأن 120 منزلا تستهلك في المتوسط بالنسبة لعدد الأفراد نحو200 م3 من المياه يوميا، فيما يستهلك الفدان الواحد من الأرض الزراعية بالمنيا نحو 10 آلاف م3 مياه سنويا في حالة الري بالغمر، مما يعني أنه يمكن الاستفادة من المياه الناتجة من المحطة التي ستخدم 120 منزلا في ري نحو 35 فدانا، عند اتباع أسلوب الري بالرش أو التنقيط، حيث سيستهلك الفدان حينها نحو 5 آلاف متر مكعب من المياه فقط.


ري بالتنقيط - أرشيفية

يذكر أن، الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، واللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية، واللواء أحمد راشد، محافظ الجيزة، قد تفقدوا وحدة معالجة مياه الصرف الصحي غير النمطية منخفضة التكاليف بطريقة الفصل من المنبع، مطلع الأسبوع الماضي، بمقر تفتيش ري البدرشين في محافظة الجيزة، بعد نجاح تطبيق التجربة، واستخراج مياه وسماد عضوي صالحين للاستخدام الزراعي مباشرة، مما يساهم عند تعميمها، في توفير الطاقة المستخدمة في شبكات النقل ومحطات التنقية، وخفض تكاليف مراحل المعالجة.

المياه الناتجة من تجربة الفصل من المنبع

وزيرا الري والتنمية المحلية ومحافظ الجيزة يستمعون لشرح التجربة

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة