سيناء، أرض الفيروز، تلك الأرض التي عانت سنوات طويلة حروبًا متواصلة، وما زالت تكافح أمام الجماعات الإرهابية المتطرفة، فهي درع مصر الواقية، والحيز الإستراتيجي في خريطة التوازنات الدولية والإقليمية منذ فجر التاريخ نظرًا لموقعها المتميز.
موضوعات مقترحة
أولت الحكومة سيناء اهتمامًا عظيمًا مؤخرًا على الأصعدة والمجالات التنموية كافة، كما تستضيف مصر نهاية العام، مؤتمر الأطراف للتنوع البيولوجي، للمرة الأولى، بعد مفاوضات صعبة في المكسيك.
يشارك في مؤتمر التنوع البيولوجي 7 آلاف وافد من مختلف أنحاء العالم، مما يضع مسئولية كبيرة على عاتق الدولة في تأهيل "شرم الشيخ" لاستقبال الزائرين، ويضع مسئولية أكبر على وزارة البيئة المعنية بتأهيل المحميات الطبيعية لاستقبال الوافدين إليها.
محميات جنوب سيناء
تقع شبه جزيرة سيناء في الجزء الشمالي الشرقي من مصر، مثلثة الشكل، حيث تطل على البحر الأبيض المتوسط من الشمال، وعلى البحر الأحمر من الجنوب، في حين يحدها من الغرب خليج السويس وقناة السويس، أما من الشرق فيحدها خليج العقبة وقطاع غزة وصحراء النقب.
تعد سيناء من أهم الأماكن السياحية المميزة في مصر، لما تمتاز به من خصائص طبيعية، يتوافد إليها الزائرون للاستجمام والاستمتاع بالطبيعة الساحرة، فبها أهم المدن السياحية المصرية "شرم الشيخ، دهب، رأس سدر، نويبع، طابا، دير سانت كاترين، ومدينة طور سيناء عاصمة محافظة جنوب سيناء".
محميات جنوب سيناء
محميات جنوب سيناء تمتلك أهمية بيئية وسياحية نادرة، لما تحتوية من تنوع بيولوجي فريد وموارد طبيعية مهمة، وبخاصة الشعاب المرجانية والبيئة الصحراوية الفريدة، فيما تضم من كائنات ونباتات نادرة، بعضها طبي والآخر له صفات نادرة يبحث فيها علماء الجيلوجيا. ويبدو أن الدولة باتت تولي لجنوب سيناء اهتمامًا بالغًا على الأصعدة كافة، لذا نجد المناطق السياحية ومحمياتها الطبيعية على رأس أولويات التنمية لإعادة الرونق للملف السياحي المصري من جديد.
تعد المحميات الطبيعية أداة الحفاظ على الثروات الطبيعية في مصر، فهي الضامن الرئيس للاستخدام المستدام لهذه الموارد المتركزة بداخلها بمثابة ثروة قومية تتطلب تضافر جميع الجهود الوطنية للعمل على صونها وإدارتها بشكل مستدام. يقوم مشروع الاستدامة المالية للمحميات الطبيعية بخطة واضحة لإعادة تطوير المحميات الطبيعية وعلى رأسها محميات جنوب سيناء، حيث يعمل المشروع على تطوير خدمات الزوار ووضع لوائح إرشادية لتوجيه المتجولين بأراضي المحميات، وتطوير ساحات انتظار السيارات والمطاعم والكافتريات والمرافق، بالإضافة إلى رفع معدلات التأمين.
محميات جنوب سيناء
قال الدكتور خالد فهمي وزير البيئة، إن تطوير جنوب سيناء بمثابة تطير منظومة متكاملة، "فلا يعني تحمل كل وزارة مسئولياتها منفصلة أنها لن تساهم في دعم الملفات الأخرى"، مشيرًا إلى أن تطوير المحميات سيصب في صالح دعم منظومة السياحة ودمج السكان المحليين في المجتمع وتوفير فرص عمل للشباب.
وأضاف وزير البيئة أن التكلفة المالية لتطوير محميات جنوب سيناء بلغت حتى الآن 70 مليون جنيه، وتشمل تطوير محميات: "سانت كاترين، رأس محمد، ومحمية نبق".
فيما أوضح الدكتور أحمد سلامة، رئيس قطاع حماية الطبيعة بوزارة البيئة، أن مصر تتميز بعدد كبير من المحميات الطبيعية التي تختلف كل واحدة منها عن الأخرى من حيث التنوع البيولوجي، مشيرًا إلى أن المرحلة الجديدة لتطوير المحميات الطبيعية "ستركز على جنوب سيناء"، مشددًا على ضرورة التعاون مع المنظمات المهتمة بتطوير المحميات الطبيعية، مع محاولة خلق فرص استثمارية بها، مع مراعاة البعد البيئي.
محميات جنوب سيناء
وأكد سلامة أهمية التعاون مع بدو سيناء "من خلال تدريبهم ودعمهم وتوفير الحماية لهم"، قائلًا: قديمًا كانت المحميات الطبيعية مناطق للحماية فقط، ولكنها تحولت الآن إلى كونها منطاق حماية قابلة للاستثمار والاستغلال الاقتصادي، بما يخدم المواطنين ولا يضر بالطبيعة البيئية للمكان.
وأشار محمود سرحان، مدير مشروع الاستدامة المالية للمحميات الطبيعية، إلى أن وزارة البيئة، بالتعاون مع العديد من الجهات الوطنية والدولية، قامت بوضع وتنفيذ برامج فعالة لصون المحميات وتنميتها وتطويرها، و"ذلك ضمن إطار الأهداف البيئية لرؤية مصر 2030، بما يضمن جودة الحياة للأجيال الحالية والقادمة ورفع الوعي بشأن حماية الموارد الطبيعية والحد من تأثير التغيرات المناخية، كما تطبق حاليًا إستراتيجية طموحة لتطوير منظومة المحميات بما يمكنها من القيام بدورها المهم في الحفاظ على ثرواتنا الطبيعية".
وحول فلسفة العمارة البيئية، أوضح سرحان، أن هناك خطة واضحة لتطوير البنية الأساسية وخدمات الزوار بمحميات جنوب سيناء، "تعتمد تصميماتها على عناصر تتماشى مع طبيعة المكان، كما يتم استيحاء التصميمات الهندسية بشكل يعكس الطبيعة الجغرافية والطبوغرافية بالموقع، ويتم التنفيذ بمكونات وأساليب بناء محلية طبيعية، ويأخذ في الاعتبار تقليل استهلاك الطاقة والمواد والموارد وتقليل تأثيرات الإنشاء والاستعمال على البيئة من خلال الانسجام مع الطبيعة".
محميات جنوب سيناء
ويشرح سرحان لـ"بوابة الأهرام" مراحل العمل التي يقوم بها مشروع الاستدامة المالية بالتعاون مع وزارة البيئة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتطوير المحميات الطبيعية، قائلًا: "تركيزنا الأساسي على تطوير خدمات الزوار وخاصة، ونحن بصدد استقبال مؤتمر التنوع البيولوجي نهاية العام الجاري، وهذا يضع على عاتقنا ضرورة تطوير المحميات الطبيعية لتستقبل الوافدين من العالم أجمع وتحولهم إلى ممثلين عن مصر في دولهم، لتصبح رسالتنا واضحة للعالم أجمع: مصر دولة الأمن والأمان".
وأضاف سرحان أن مشروع الاستدامة أوشك على الانتهاء من تطوير محمية سانت كاترين وجبل موسى ورأس محمد، فيما تتم الآن دراسة موقع "البلوهول"، وهو موقع يتميز بأكبر تجمع للدولفين في العالم، وذلك بالإضافة إلى بدء العمل في محمية نبق، التي يتوقع مدير مشروع الاستدامة أنها تملك ملفات عديدة وجب الآن العمل عليها.
محميات جنوب سيناء