"هناك فرق كبير جدا بين الإخوان المسلمين في الأربعينيات في عهد حسن البنا وإخوان الآن.. (حسن) كانت له طموحات لم تكن سياسية.. هو جعل الإسلام كمنهج حياة." تلك هي رؤية جمال البنا شقيق حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، ولذى يرى أن الأفضل لمصر أن يقودها زعيم علماني لأن الخلط بين السياسة والدين مآله الفشل.
موضوعات مقترحة
وقال الباحث الإسلامي الذي تنتصب أرفف الكتب في مكتبه بالقاهرة من الأرضية إلى السقف والذي يبلغ من العمر 91 عاما: إن شقيقه لم يكن ليقر جماعة الإخوان المسلمين بالصورة التي هي عليها الآن حيث توشك على قيادة الحكومة.
وقال لرويترز في مقابلة "هناك فرق كبير جدا بين الإخوان المسلمين في الأربعينيات وفي (عهد) حسن البنا والآن." وأضاف "(حسن) كانت له طموحات لكنها لم تكن سياسية... (هو جعل) الإسلام كمنهج حياة."
وتشغل الجماعة التي ظلت محظورة طوال سنوات حكم الرئيس السابق حسني مبارك 43 في المئة من مقاعد مجلس الشعب الذي يمثل حزبها حديث التكوين وهو الحرية والعدالة أكبر كتلة فيه بعد أكثر الانتخابات نزاهة في مصر منذ نحو 60 عاما.
ويدعو الحزب إلى تشكيل حكومة ائتلافية بقيادته وهو ما يقربه من السلطة التنفيذية على نحو لم يكن ممكنا تصوره خلال حكم مبارك.
وأثار هذا النجاح للجماعة القلق من برنامجها المحافظ اجتماعيا. وتقول الجماعة التي تركز حتى الآن على الاقتصاد والإصلاح السياسي إنها لا تعتزم فرض الشريعة الإسلامية لكن المصريين القلقين على حرياتهم الشخصية لا يزالون غير مقتنعين بذلك.
وزاد من تلك المخاوف مجيء السلفيين وهم أكثر محافظة كثاني أكبر كتلة في مجلس الشعب.
وقال جمال البنا "فعلا هناك تخوفات حقيقية لأن هذه الرءوس التي ترأس الإخوان الآن والسلفيين الذين دخلوا المجلس كلهم ليس لدى هيئاتهم ولا أفكارهم رجل يحيا حياة العصر ويفهم كيف تنهض دولة في هذا العصر. ليس لديهم أبدا."
ولم يسبق لجمال الذي يشتهر بآرائه الإسلامية المتحررة مثل معارضته لخلط الدين بالسياسة أن انضم لجماعة الإخوان المسلمين وقاطعها كلية بعد اغتيال شقيقه. وقال إن جماعة الإخوان صارت أكثر تشددا بمرور السنين في شأن حقوق المرأة بسبب انتشار الفكر الوهابي المتشدد من السعودية.
وأضاف أن السعودية حولت النساء إلى "شبح أسود" مشيرا إلى النقاب والقفازات السوداء التي ترتديها النساء في المملكة. وركز كثير من مؤلفات البنا وعددها بالمئات على قضايا المرأة. ويقول إن الحجاب ليس من الإسلام وإنه تراث خليجي.
ويقول البنا الذي يضع نظارة ويرتدي ملابس غير رسمية ولا يطلق لحيته إنه يرفض خلط الدين بالسياسة وهو يخالف في ذلك جماعة الإخوان المسلمين التي ترفع شعار "الإسلام هو الحل". وقال "أي دولة تقوم على الدين لا بد وأن تفشل. وتجربة ذلك موجودة في الإسلام والمسيحية."
وحول أداء الجماعة في الانتخابات التشريعية الأخيرة قال البنا إن حزب الحرية والعدالة حقق النجاح بدعم من السخط على عشرات السنين من الاستبداد وليس بسبب تأييد شعبي لبرنامجه. وقال "ناس كثيرون انتخبوا الإخوان المسلمين قالوا جربنا الاشتراكية وجربنا الناصرية وجربنا القومية العربية فلماذا لا نجرب الإخوان؟"
ويعتقد البنا أن من مصلحة مصر أن يحكمها رئيس ليبرالي. وقال إن المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي كان الأنسب لرئاسة البلاد لكنه أعلن انسحابه من السباق.
وقال "على المدى البعيد رجل مثل البرادعي سينجح في مصر هو أصلح مرشح إن لم يكن المرشح الوحيد الصالح لأن تلتف حوله حركة الاحتجاج الشبابية."
ويدير المجلس الأعلى للقوات المسلحة شئون البلاد منذ أطاحت بمبارك انتفاضة شعبية في مطلع العام الماضي. ويقول المجلس إنه سيسلم السلطة للمدنيين مع انتخاب رئيس جديد قبل نهاية يونيو حزيران. ولم يتحدد حتى الآن تاريخ عقد انتخابات الرئاسة.
وقال البنا: إن حركة الإصلاح ما زال أمامها شوط طويل. "هذه كانت انتفاضة شعبية تنجح في القضاء على النظام وتعجز عن بناء نظام جديد." وتحدث البنا بشغف عن طفولة سعيدة عاشها مع شقيقيه وشقيقتيه في مدينة المحمودية القريبة من مدينة الإسكندرية الساحلية.
وكان والدهم فني إصلاح ساعات قضى سنوات في كتابة شروح لكتابات الإمام أحمد بن حنبل.
ويذكر جمال أن حسن وأصدقاءه كانت لعبتهم وهم أطفال المعارك بين جيش المسلمين وجيش الكفار. وقال إنه وشقيقه تأثرا بشدة "بجذر إسلامي عميق".
وأسس حسن البنا جماعة الإخوان في مدينة الإسماعيلية إحدى مدن قناة السويس خلال عمله فيها مدرسا في العشرينيات ونشر أفكاره بين رواد المقاهي وأنشأ فروعا لها في شمال البلاد قبل أن يجعلها جماعة شاملة لكل مصر.