Close ad

مسيحيو مصر.. ورقة التكفيريين لمخاطبة الداخل والخارج

9-4-2017 | 16:30
مسيحيو مصر ورقة التكفيريين لمخاطبة الداخل والخارج تفجيرا كنيستي مارمرقس ومارجرجس بالإسكندرية وطنطا
سعيد قدري

تزامن تفجيرا كنيستي مارمرقس ومارجرجس بالإسكندرية وطنطا مع مجموعة من الأحداث السياسية التي تعطي انطباعًا بأن الفترة القادمة ستشهد تغيرات جذرية في شكل العلاقة بين النظام وتيارات الإسلام السياسي ، سواء كان بالإيجاب أو السلب.

فمن ناحية يعكس التفجيران حالة من اليأس والتخبط لدى تيارات الإسلام السياسي نتيجة التضييق عليهم في سيناء بعد نجاح الجيش المصري في تحقيق انتصارات ملموسة على الأرض كان آخرها الاستيلاء على منطقة جبل الحلال التي تعتبر مأوى لتلك الجماعات ونقطة انطلاق مهمة لتنفيذ العديد من العلميات ، وسبقها عملية حق الشهيد "1،2" اللتان حققتا نتائج مرضية شعبيًا ورسميًا في مصر.

ومن ناحية أخرى يتزامن هذا المشهد مع حديث عن مراجعات فكرية داخل تلك التيارت في سياق تصاعد الرغبة لدى أجنحة من الطرفين في إجراء مصالحة شاملة تسمح لها الاندماج مرة أخرى داخل مكونات المجتمع وتعطيهم الحق في أن يكونوا جزءًا من العملية السياسية، وتمنح النظام فرصة التفرغ لممارسة عملية الإصلاح وتثبيت أركانه.

ولا يخلو المشهد من دلالات ذات بعد إقليمي ودولي، فالكونجرس الأمريكي يبحث مشروع قرار بإدراج جماعة الإخوان المسلمين على القوائم الإرهابية، وبصرف النظر عن فكرة عدم التوافق داخل المؤسسات الأمريكية بشأن التعامل مع القرار، إلا أن طرحه يمثل انعطافة مهمة في السياسة الأمريكية حيال تعاملها مع تيارات الإسلام السياسي وخصوصا جماعة الإخوان، كما أن حركة المقاومة الإسلامية حماس أعلنت تعديل وثيقتها الأساسية بما يتماشى مع مقتضيات التحولات الإقليمية، وهو ما يمكن قراءته في سياق المراجعات الفكرية لحركات الإسلام السياسي وفي العمق منها جماعة الإخوان المسلمين ، أضف إلى ذلك زيارة بابا الفاتيكان إلى القاهرة والمقرر لها بعد عشرة أيام من كتابة هذا التقرير، وهو ما يفسر جزء من الصورة من حيث استهداف المسيحيين.

ويشكل المسيحيين مصر 10% من مجموع التعداد السكاني للبلاد، البالغ عدده أكثر من 92 مليون نسمة، ليمثل بذلك الطائفة المسيحية الأكبر في منطقة الشرق الأوسط.
أستاذ العلوم السياسية طارق فهمي -المقرب من دوائر صنع القرار في مصر-، ربط الأحداث بنتائج الزيارة التي قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتي وصفت بالناجحة، مشيرًا إلى أن الجماعات التكفيرية أرادت إرباك المشهد والتغطية على نتائج تلك الزيارة باستغلال أحداث دينية لإظهار تقصير النظام والخلل في المنظومة الأمنية لإعطاء انطباع سلبي عن النظام.

وتوقع فهمي سيناريوهين ، الأول: خاص بالجماعات نفسها وهو لجوء تلك الجماعات إلى المعادلة الصفرية، بمعنى الضغط على الدولة في أقصى درجاتها بما يحقق أكبر قدر من الخسائر، الثاني: خاص بالدولة ، حيث ستراجع الحديث الفترة المقبلة عن الخيارات السياسية ويبرز الخيار الأمني بشكل واضح ، وستدفع الدولة لمزيد من القوة ، ورسائل ملغمة لمجلس النواب لتعديل قانون الإجراءات.

ويبدو أن الجماعات التكفيرية تحاول استنساخ بعض التجارب في المنطقة العربية للوقيعة بين مكونات المجتمع المصري، ويعتبر استهداف المسيحيين دليلا على هذه النوايا ، فقد سبق أن نجحت هذه المحاولة في العراق وسوريا ، من خلال استغلال التنوع الطائفي هناك ، بما أدى في النهاية إلى الصدام المباشر مع النظام.

لواء محمد عبدالمقصود عضو المجلس المصري للشئون الخارجية أكد على فكرة محاولة الجماعات التكفيرية إحداث فتنة بين مكونات المجتمع المصري، مشيرا إلى أن تيارات الإسلام السياسي تنظر إلى المسيحيين باعتبارهم أحد أسباب الإطاحة بحكم جماعة الإخوان، وهم يحاولون الانتقام من المسيحيين لهذه الأساب، مشيرا إلى أن الأقباط في سيناء في مرمى تلك التيارات ، لتصدير فكرة للمجتمع الدولي أن النظام المصري غير قادر على حمايتهم .

جدير بالذكر أن تفجيري كنيستي الإسكندرية وطنطا هي حلقة في سلسلة استهداف المسيحيين وتوظيفهم في سياق الصراع بين الدولة وتيارات الإسلام السياسي ، حيث سبقها تفجير كنيسة العباسية 7 يناير الماضي ، بالإضافة إلى حوادث فردية في بعض المحافظات التي تشهد تمثيلا كبيرا للمسيحيين مثل المنيا وأسيوط وغيرها من محافظات الصعيد.

ونزحت أسر مسيحية من مدينة العريش باتجاه الكنيسة الإنجيلية بالإسماعيلية وعدد من محافظات الجمهورية، خشية على أرواحهم وأسرهم بعد أن وصلتهم رسائل تهديد مباشرة عبر هواتفهم المحمولة تحذرهم من البقاء بالمدينة وتطالبهم بالرحيل عن شمال سمال سيناء، وهو الحدث الذي أعاد إلى الأذهان مسألة توظيف ملف المسيحيين في المواجهة بين الدولة والجماعات الدينيية.

القيادي السابق في الجماعة الإسلامية ماهر فرغلي توقع زيادة العمليات الإرهابية في الفترة القادمة نتيجة التضييق على الجماعات في ليبيا وسوريا والعراق ، مشيرا إلى أنها تتعرض لخسائر كبيرة في الدول المشار إليها، والتي تعتبرها الجماعات أرض لمشروع الإمارة الإسلامية، ولذلك فإن المواجهة بين الجماعات التكفيرية والنظام المصري ستزداد في الفترة القادمة، لافتا إلى أن مسألة عودة الجهاديين أو التكفييرين من دمشق وطرابلس وبغداد أصبحت قضية رئيسية داخل مركز صناعة القرار لهذه الجماعات، وهم يرون في مصر البديل بعد أن انحسارها في الدول السابقة ، معتبرا أن ملف الأقباط سيكون هو الذريعة لهم لإيجاد موطئ قدم في مصر.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة