تصاعدت أزمة حزب المصريين الأحرار فى الأسابيع الأخيرة، ولم يكتف طرفا الصراع بخلافهما السياسي بل قررا تحويله إلى صراع قانونى عبر ساحات القضاء وبلاغات النائب العام ومحاضر الشرطة، ناهيك عن التراشق الإعلامى المتبادل بين جبهتى حزب الأكثرية مما انعكس سلبياً على صورة الحزب فى الشارع.
موضوعات مقترحة
فبعد انقسام الحزب لجبهتين إحداها تضم قيادات الحزب الحالية وعددًا كبيرًا من كتلته البرلمانية بقيادة رئيسه الحالى د. عصام خليل، والآخرى بقيادة مؤسسه والممول الأساسي السابق له رجل الأعمال نجيب ساويرس ومعه مجلس الأمناء الذى تم حله والأعضاء المؤسسون للحزب وبعض الأعضاء السابقين الذين تركوا الحزب اعتراضا على سياسات خليل؛ استمرت الاتهامات المتبادلة بين الطرفين بمحاولة تخريب الحزب والابتعاد عن مبادئه الفكرية والسياسية التى تأسس عليها.
وبدأت الأزمة منذ بداية العام المضى بعد استقالة عدد كبير من قيادات الحزب وأعضائه اعتراضا على سياسات رئيسه الحالى د. عصام خليل فى إدارة الحزب منذ أن كان قائما بأعمال رئيس الحزب ومسئول ملف الانتخابات البرلمانية به، وتفاقمت الخلافات بينه وبين الأعضاء والقيادات المستقيلة بعد أن أصبح خليل رئيسا شرعيا للحزب بالانتخاب خلال المؤتمر العام الذى عقد فى ديسمبر 2015.
وكان خليل وقتها يحظى بدعم مباشر من مؤسس الحزب ومموله الرئيسي المهندس نجيب ساويرس، خاصة بعد نجاح خليل فى إدارة ملف الانتخابات وحصول الحزب على 65 مقعدا بالبرلمان.
خلال مؤتمر ديسمبر 2015 تم اختيار د. صلاح فضل، رئيسا لمجلس الأمناء خلفاً للدكتور أسامة الغزالى حرب الذى تقدم باستقالته من الحزب بسبب اعتراضه على سياسات خليل رغم أن حرب كان أحد مهندسي اندماج حزبي المصريين الأحرار و"الجبهة الديمقراطية" الذى كان يرأسه.
ويمكن القول بأن شهر العسل الذى كان بين ساويرس وخليل يوشك على الانتهاء مع قرب انتهاء دور الانعقاد الأول لجلسات مجلس النواب حيث أعرب ساويرس وقتها عن عدم رضائه عن أداء نواب الحزب ومواقفهم تجاه عدد من القضايا والملفات تحت القبة، وهو موقف اعتبره مؤسس الحزب أنه يميل للابتعاد عن المبادئ الأساسية التى تأسس عليها الحزب ويسعى فى الوقت نفسه للتقرب من مؤسسات الدولة .
مع انتهاء دور الانعقاد الأول تعمقت الخلافات أكثر بين خليل وساويرس بسبب أداء الكتلة البرلمانية للحزب الذى اعتبره ساويرس "مؤيدا للدولة والحكومة على طول الخط حتى ولو جاء ذلك بالمخالفة لمبادئ الحزب الليبرالية، بالإضافة إلى إدارة خليل للحزب بشكل منفرد عن طريق ضمه أقاربه وأصدقائه فى نفس الوقت الذى أغلق فيه باب العضوية فى وجه الآخرين لضمان احتفاظه بكتلة تصويتية لصالحه" ، فقرر قطع تمويله ودعمه للحزب منذ 7 أشهر.
على جانب آخر تتهم جبهة خليل ساويرس بأنه كان يريد استغلال الكتلة البرلمانية للحزب لفرض أجندته الخاصة التى تخدم مصالحه السياسية والاقتصادية لذا كان يريد للحزب أن يكون على جانب المعارضة، ولم يعجبه التقارب بين الحزب والدولة، برغم أن ذلك يتنافى مع ما سبق وصرح به رئيس الكتلة البرلمانية للحزب علاء عابد خلال حوار أجرته معه إحدى الصحف فى 16 مارس 2016 ونشره موقع الحزب.
نفى عابد خلال هذا الحوار تدخل ساويرس فى إدارة الحزب قائلا: "اجتماع الهيئة البرلمانية يحضره الدكتور عصام خليل، رئيس الحزب، فقط، وهو لا يفرض رأيه على أحد، ولكن هناك تصويتاً، نكن التقدير والاحترام لـ«ساويرس»، ويعتبر الحزب الذى أسسه من مكتسبات الثورة، ولكن إدارة الحزب لـ«خليل»، ونحن حزب مؤسسى شغال، و«ساويرس» علاقته بالحزب، وكيل مؤسسيه فقط، ولا يتدخل فى القرارات السياسية داخل حزب المصريين الأحرار".
وبحسب تصريحات صحفية لأمين الإعلام بالحزب نصر القفاص فإن من بين أسباب الخلاف أيضا رفض ساويرس لانتقاد علاء عابد، رئيس الكتلة البرلمانية للحزب للإعلامى إبراهيم عيسي تحت القبة لأن الأخير أحد أصدقاء ساويرس لذا طالب ساويرس بإقصاء عابد من رئاسة الكتلة البرلمانية ورفض خليل ذلك.
وانفجرت الأزمة مع الانقلاب على ساويرس فى 30 ديسمبر الماضي عبر دعوة د. عصام خليل الرئيس الحالى للحزب لعقد مؤتمر عام ، وتم خلاله التصويت بالأغلبية بالموافقة على تعديلات اللائحة، والتصويت بالموافقة رسميًا على إلغاء مجلس أمناء الحزب والإطاحة به نهائيا، ويضم مجلس أمناء الحزب: المهندس نجيب ساويرس، والدكتور فاروق الباز، والدكتور إبراهيم عويس، محمد سلماوى، ونديم إلياس.
وفوجىء مجلس الأمناء وعدد من أعضاء الحزب بما حدث فأعلنوا رفضهم له، وخرج مجلس الأمناء ببيان أكد فيه أن ما تم كان مخالفا للائحة فى نص مادتها 59 التى تشترط عدم جواز تعديل اللائحة دون عرضها على المجلس، فيما أكد خليل وجبهته أن جميع الإجراءت كانت قانونية وأن التصويت على تلك القرارات كان بالأغلبية لرفض أعضاء الحزب ونوابه ما وصفه بـ"الوصاية" التى يمارسها مجلس الأمناء على الحزب.
وأعلن نجيب ساويرس اعتزامه وعدد من الأعضاء ومجلس الأمناء اللجوء إلى القضاء، فى المقابل خرج الحزب بقيادة خليل ببيان يهدد مجلس الأمناء ويلوح بفتح "ملفات مؤلمة للذين سقطت عنهم آخر أوراق التوت، ويمارسون قلب الحقائق".
وخرج خليل ليعلن أنه الممول الرئيسي للحزب فى الوقت الحالى وأن الحزب سيترك مقر قصر محمد محمود الذى كان أهداه ساويرس للحزب لينتقل إلى مقر جديد بمصر الجديدة اشتراه خليل ليكون مقرا جديدا للحزب.
فيما أعلن ساويرس أن قصر محمد محمود سيظل مقرا للحزب وأنه سيخوض معركة لاستعادة الحزب وأن القصر سيكون مقر مجلس أمناء "المصريين الأحرار" وسيستقبل الأعضاء المؤسسين والقدامى من كل المحافظات ممن يحملون عضوية عاملة، أو الذين لم يتمكنوا من تفعيلها أو تجديدها خلال الفترة الماضية، بسبب ممارسات إدارة الحزب الحالية. كما قام بعض أعضاء الحزب بتحرير محاضر ضد الإدارة الحالية للحزب لرفضها تجديد العضوية لهم.
وتم تقديم شكوى إلى لجنة شئون الأحزاب فى 14 يناير أوضح خلالها مجلس الأمناء وعدد من الأعضاء المؤسسين أن ما حدث مخالف للمبادئ القانونية للحزب ولائحته.
وأعلن ساويرس أنه سيعقد مؤتمرا صحفيا ظهر اليوم بحضور مجلس الأمناء يكشف من خلاله عن الأسباب الحقيقية التى أدت إلى الأحداث الأخيرة بـ"المصريين الأحرار"، والخبايا والملابسات المريبة التى أدت إلى الوضع الراهن.
وعلى إثر ذلك خرج علاء عابد، رئيس الكتلة البرلمانية للحزب ببيان هدد فيه ساويرس مباشرة بفضح ما وصفه بـ"فساد" و"مؤامرات" نجيب ساويرس على الوطن، مهددا بإذاعة مكالمات له ونشر مستندات تكشف تورطه بقضايا فساد؛ فجاء رد ساويرس على عابد، مؤكدا أنه سيلجأ للقضاء وسيرفع قضية سب وقذف ضده .
وقبل ساعات من انعقاد المؤتمر أصدر حزب المصريين الاحرار برئاسة عصام خليل بيانًا أعلن فيه تقدمه ببلاغ للنائب العام يتهم فيه مؤسس الحزب نجيب ساويرس بشخصه بإثارة الفوضى والإساءة للوطن، مؤكدا أنه ليس له أى علاقه بالمؤتمر المزمع عقده، متهما ساويرس وجبهته باللعب بالنيران على طريقة جماعة الإخوان !.
لاشك أن فصول الأزمة ستستمر لفترة مقبلة، وربما سيتوقف ذلك على ما سيكشفه نجيب ساويرس فى مؤتمره اليوم، وردود فعل جبهة عصام خليل على ما سيعلن عنه ساويرس، وما سينتهى إليه الصراع السياسي القانونى بين الجبهتين.