Close ad

"عندما تغيب لن يُسمع صوتك".. هل "يذوب الجليد" بين مصر و"حوض النيل" بعد "النهضة"

26-1-2017 | 17:02
عندما تغيب لن يُسمع صوتك هل يذوب الجليد بين مصر وحوض النيل بعد النهضةوزير الري المصري اثناء حضوره اجتماع مجلس وزراء النيل بعنتبي يوليو الماضي "مبادرة حوض النيل"
باسم أبوالعباس

تقوم مبادرة "حوض النيل" حاليًا بتحضير وفد لإرساله للقاهرة لمناقشة احتمالات استئناف مصر أنشطتها في الرابطة الإقليمية بعد سبع سنوات من تجميد العلاقات، وفقًا لما قاله المدير التنفيذي للمبادرة "انوسنت انتبانا".

"نتمنى أن تكون الزيارة في مارس إذا نجحنا في تشكيل الوفد، والمباحثات الناجحة ستعتمد على السلطات المصرية" قال ذلك انتبانا خلال اتصال هاتفي مع "الأهرام أون لاين".

تجمد مصر مشاركتها الكلية في مبادرة حوض النيل منذ عام 2010، حتى تخلت عن ذلك في يوليو الماضي عندما قام وزير الري محمد عبدالعاطي بحضور الاجتماع السنوي رقم 24 لمجلس وزراء النيل التابع للمبادرة والذي انعقد في مدينة عنتيبي الأوغندية.

الخطوة تم اعتبارها عودة جزئية للأنشطة المصرية، وفقًا لمسئولي المباردة إلا أن خطوة الوزير أو زيارة الوفد المنتظر لا تعني الكثير على الأقل شعبيًا.

أطلقت المبادرة في فبراير 1999 بين تسعة دول إفريقية بهدف إنشاء شراكة حكومية إقليمية ومنتدى للتشاور والتنسيق بين دول الحوض للإدارة والتنمية المستدامة لمياه النيل المشتركة والموارد ذات الصلة لتحقيق المنافع، وفقًا للموقع الرسمي للمبادرة.

الدول التي وقعت على المبادرة هي بوروندي-الكونغو الديمقراطية-مصر-إثيوبيا-كينيا-رواندا-السودان-تنزانيا-اوغندا- ثم انضمت جنوب السودان بعد إعلانها دولة مستقلة في 2011.

اعضاء مبادرة حوض النيل

متابعة الإعلام المصري تكشف بسهولة ضعف التغطية وربما التجاهل لدول المبادرة وأنشطتها، إذ يقتصر الحديث على مصر والسودان وإثيوبيا في معرض تناول "سد النهضة" ونقاط الخلاف حوله بين الدول الثلاث، وهو الأمر الذي كان محط اهتمام تقارير إعلامية كثيرة طوال السنوات الماضية.

ويشير ضعف التغطية بالتبعية إلى قلة معرفة المصريين عن المبادرة ودولها، وهو الأمر الذي لم يكن جديدًا بالنسبة لـ"انتبانا" الذي يعترف "أنا غير متفاجئ بهذا، وأيضا غير متأكد من ثقافة بقية سكان الحوض ومعرفتهم بالنيل".

وينتقد المدير التنفيذي للمبادرة تركيز الإعلام على النزاعات "الإعلام لا يركز على التعاون والمنافع المترتبة على المبادرة".

مخاوف مصر من اتفاقية التعاون الإطارية

في 2010 قام خمسة من دول المبادرة - وأصبحوا 6 - في 2012 بالتوقيع على اتفاقية التعاون الإطارية والتي عرفت "باتفاقية عنتيبي" في حين رفضت مصر والسودان التوقيع عليها بسبب الخلاف على المادة (رقم 14 - الفقرة ب) وقد نصت على التزام الدول الأعضاء بعدم التأثير "بشكل كبير على الأمن المائي لأي من دول حوض النيل." وكان هذا معناه إعادة التفاوض حول ما تعتبره مصر والسودان "حقوقًا تاريخية" ما أدى لتعليق القاهرة والخرطوم مشاركتهم الكاملة في مبادرة حوض النيل.

"القاهرة تجادل لوضع حقوقها التاريخية -في استخدام مياه النيل- موضع اعتبار في مواد الاتفاقية الجديدة" وفقًا لجون نياورو- المدير التنفيذي السابق للمبادرة في مقابلة خلال التدريب الإعلامي الذي نظمته مبادرة حوض النيل الشهر الماضي بكيجالي.

يقر الموقع الإلكتروني للمبادرة بأن 95% من سكان مصر يعيشون على ضفاف النيل الذي يعتمد عليه بشكل أساسي لتوفير "كل مياه الشرب والزراعة" تقريبًا.

ويلمح "نياورو" أن مصر طلبت أيضًا عبارة واضحة عن "الإشعار المسبق" من الأعضاء إذا أراد أي منهم التخطيط لاتخاذ إجراء أو القيام بأي مشروع من شأنه التأثير على حصة أي عضو في مياه النيل.

"جميع شركائنا في التنمية-المانحين- يرغبون في مبادرة شاملة لمشاركة جميع دول الحوض، وإذا خرج عضو واحد قائلا إنه غير راض عن شأن معين، فينبغي على البقية بحث ونظر هذه المسألة، وهذا الأمر لا يتعلق بمصر فقط " وفقًا لـ"نياورو".

ومن ناحيته يرى "وليد حقيقي" المتحدث باسم وزارة الرى المصرية لـ"الأهرام أون لاين" إن موقف مصر بتجميد المشاركة قانوني وستظل الأنشطة مجمدة حتى يتم حل ما أثارته مصر من نقاط تتعلق بالحقوق التاريخية والإشعار المسبق، وكذلك اتخاذ القرارات بالإجماع وليس بالأغلبية.

"ما يهمنا هو طمأنة الشعب المصري على أمنه المائي" يؤكد "حقيقي"، موضحا أن الموقف الحالي لم يؤثر على علاقات مصر الثنائية مع أعضاء حوض النيل.

وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد أكد الشهر الماضي لعدد من وزراء المياه والري بدول حوض النيل - في اجتماع بالقاهرة- على أهمية التوصل إلى توافق في الآراء بشأن "الاتفاقية الإطارية"، بهدف ضمان أمن وحقوق كل الدول المطلة على نهر النيل.

ويقوم الرئيس السيسي بمحاولات لتعزيز علاقات مصر مع الدول الأفريقية خاصة خلال الأشهر الأخيرة؛ حيث قام بزيارة أوغندا، ورواندا، كما استقبل رئيس جنوب السودان "سيلفا كير" في القاهرة.

وتعليقًا على زيارة وفد المبادرة قال "وليد حقيقي" إن الوزارة لم تتلق إخطارًا رسميًا من مبادرة حوض النيل بشأن زيارة وفدها إلى القاهرة، لكن مصر ترحب بأي خطوة قد تحل مشكلة الاتفاقية الإطارية، وهذا ما قاله الوزير عندما حضر الاجتماع الأخير.

خلال اجتماع مجلس وزراء النيل في يوليو الماضي أعاد وزير الري التأكيد على ما وصفه بـ"الفرصة لإعادة تأكيد إرادة مصر الصادقة لمواصلة وبناء ما بدأناه في عام 1999" داعيا إلى أن "نضع جانبًا كل التحديات وسوء الفهم التي قد يعيق تعاوننا الإقليمي". 

من ناحيتها قالت "آنا كاشكاو"، مدير البرامج في معهد ستوكهولم الدولي للمياه أن مصر تحتاج إلى تنويع مطالبها على الطاولة لجعل القضية أسهل للتفاوض، لأنه مع بند واحد فقط، ستصبح المحادثات "متصلبة جدًا".

على هامش ورشة عمل عقدت في السودان الشهر الماضي، دعت "كاشكاو" القاهرة أن تعود لعائلة مبادرة حوض النيل وذلك بـ"أن تظهر بعض الانفتاح للوصول لحلول وسط" مؤكدة أن ذلك يمكنه أن يؤثر أيضا على استعداد الآخرين لتقديم الحلول.

اتفاقية التعاون الإطارية والمعاهدات الثنائية

يعتقد سلمان سلمان، مستشار
موضوعات مقترحة
قانون المياه السابق لدى البنك الدولي أن "مخاوف مصر والسودان على الحقوق التاريخية في استخدام مياه النيل مبالغ فيها".

في عام 1929وقعت مصر اتفاقية ثنائية مع بريطانيا، نيابة عن السودان، واستكملت باتفاق آخر في عام 1959 بين مصر والسودان بعد استقلالها.


بموجب هذه المعاهدات فإن القاهرة لديها الحق في حصة من مياه النيل مقدارها 55.5 مليار متر مكعب سنويا وهو "نصيب الأسد" من كل مياه النهر التي تبلغ حوالي 84 مليار متر مكعب، في حين تتمتع السودان بالكمية المتبقية.

يعتقد سلمان أنه لا يوجد أي تناقض بين الحقوق التاريخية لدول المصب ومبدأ الاتفاقية الإطارية من الاستخدام المنصف والعادل للمياه مبررًا رأيه بأن أكثر من 95% من مصادر المياه التي تعتمد عليها مصر تأتي من خارجها (نهر النيل)، كما أن مستنقعات جنوب السودان هي العامل الذي يحدد معدل تدفق مياه نهر النيل وليس شيء آخر.

تتدفق مياه النيل الأبيض عبر مستنقعات جنوب السودان، وتفقد الكثير من الماء للتبخر، وكانت هناك محاولات سابقة لبناء قناة لتحويل النيل الأبيض بعيدا عن المستنقعات الشاسعة، لزيادة تدفق النهر، لكنها لم تكتمل لاعتماد القبائل في هذه المناطق على هذه المستنقعات.

ويتساءل سلمان "لقد قبلت مصر سد النهضة نفسه، فلماذا ترفض الاتفاقية الإطارية".

سد النهضة الاثيبوبي "تصوير: باسم ابو العباس"

في عام 2015، وقعت مصر وإثيوبيا والسودان إعلان المبادئ في الخرطوم حول تقاسم مياه النيل وسد النهضة، وتشمل إعطاء الأولوية لدول المصب في الاستفادة من الكهرباء المولدة من السد وكذلك تقديم التعويض عن أية أضرار.

وفي سبتمبر الماضي ، وقعت الدول الثلاث في الخرطوم عقدا مع شركة الاستشارات الهندسية الفرنسية Artelia وBRL لدراسة آثار السد على الدول الواقعة "أسفل النهر".

عودة السودان إلى المبادرة 

"استأنفت السودان مشاركتها في مبادرة حوض النيل في أوائل عام 2012، مقتنعة بالتزامها القوي تجاه التعاون وفوائده كونها جزءا من "أخوية مبادرة حوض النيل،" كما يقول سيف الدين حمد، الوزير السابق للموارد المائية في السودان.

وكان حمد قد أعد ورقة – تم الكشف عنها الشهر الماضي في العاصمة الرواندية كيجالي - تلخص فوائد السودان من استئناف أنشطتها مع المبادرة الأفريقية و"حث شركاء التنمية للعب دور رئيسي وفعال في سد الفجوة بين مصر ودول حوض النيل الأخرى".

الورقة التي حصلت عليها "الأهرام أون لاين"، قامت بإدراج ثلاثة عشر نقطة لشرح التجربة السودانية في رفع التجميد عن مشاركتها في مبادرة حوض النيل.

من بين هذه النقاط:"عندما تغيب لن يسمع صوتك، في حين إذا كنت حاضرًا ستراقب وتتعرف على مصالح الآخرين والآخرين سيراقبون ويتعرفون على المصالح الخاصة بك".

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة