اتفاق أرض توشكي.. بداية جديدة للاستثمارات السعودية فى مصر

8-6-2011 | 09:45
علاء أحمد
أسدل الستار أخيرًا على أزمة توشكي بين الحكومة المصرية والأمير الوليد بن طلال بالتوقيع علي العقد النهائي للاتفاقية، الذي تم إبرامه بين وزارة الزراعة وشركة المملكة للتنمية الزراعية التي يرأسها الأمير، وقد وضع العقد الجديد حلا للخلاف بين الطرفين عقب إلغاء العقد القديم الذي تم توقيعه في عهد النظام السابق، والذي كان يقضي بتخصيص 100 ألف فدان للشركة السعودية لتصبح الصيغة المعدلة بواقع 25 ألف فدان من المساحة السابقة للأمير مع استرداد مصر مساحة الـ 75 ألف فدان المتبقية. وقد ألغى العقد النهائي للاتفاقية شرط التحكيم الدولي واستبداله في حالة الخلاف باللجوء إلي مركز القاهرة الدولي للتحكيم وفقا للقانون المصري.
موضوعات مقترحة

بدأت أزمة توشكي عندما أصدر المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام قرارًا في يناير 2011 بالتحفظ على أراض الشركة المملوكة للأمير السعودي، في منطقة توشكى، والتي حصل عليها بتسهيلات كبيرة، قدمتها حكومة رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري، في نهاية التسعينات من القرن الماضي.
شكل قرار النائب العام أزمة بين واحد من أكبر المستثمرين العرب والحكومة المصرية إلا أن رجل الأعمال قد أبدي منذ البداية تفهما واضحا لطبيعة التغيير التي تمر به البلاد ودخولها مرحلة انتقالية بعد ثورة 25 يناير.
كان الأمير الوليد قد قدم 3 مقترحات للحكومة المصرية، تضمنت التنازل عن كامل المساحة المباعة له بذات القيمة التى اشتراها بها، وهى 50 جنيها للفدان، بالإضافة إلى جميع المصروفات التى تم إنفاقها على المشروع خلال السنوات الماضية طبقا لميزانيات الشركة أو التنازل عن 50 ألف فدان، لصالح شباب الثورة بواقع 50 جنيهًا للفدان مع تبرعه بهذه القيمة من جيبه الخاص مع احتفاظه بالنصف الآخر مقابل ما أنفقه على المشروع من بنية أساسية، ومصروفات خلال السنوات الماضية فضلا عن استعداد الشركة للتفاوض مع الدكتور أيمن أبوحديد، وزير الزراعة، فى بعض الشروط التى ترى الحكومة أنها مجحفة، وبما يضمن حقوقًا متوازنة لطرفى العقد ثم العرض الثالث المتضمن طرح شركة المملكة القابضة للتنمية الزراعية للاكتتاب العام للمصريين فقط .
وقطع الوليد الحديث عن اللجوء إلى التحكيم الدولي برسالة مفادها "لن أقاضى مصر، ولن أفعل ما فعله رجل الأعمال الذى تنازل عن جنسيته لكى يتمكن من اللجوء للتحكيم الدولى، فى إشارة إلى قضية وجيه سياج، مؤكدا سعيه لإنهاء الأمر بشكل ودي مع الحكومة المصرية .
كان مشروع الوليد فى توشكي دائما مثار جدل منذ توقيعه مع الأمير الوليد ممثل المملكة العربية السعودية التي تحتل المرتبة الأولى كأكبر شريك تجاري عربي بالنسبة إلى مصر، ويبلغ إجمالي الشركات السعودية المسجلة في مصر 2355 شركة، وينفق السعوديون نحو 500 مليون دولار سنويًا من خلال الوفود السياحة السعودية لمصر، فيما يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 4 مليارات دولار، أما حجم الاستثمارات السعودية في مصر فتقدر بنحو 10 مليارات دولار، كما أن حجم استثمار السعوديين في سوق الأسهم المصرية يبلغ حوالى 8%.
تم الإعلان عن المشروع فى 9 يناير 1997 كمشروع قومى عملاق يهدف إلي خلق دلتا جديدة جنوب الصحراء الغربية موازية للنيل، تساهم في إضافة مساحة تصل إلي 540 ألف فدان للرقعة الزراعية، يتم ريها بمياه النيل، عبر ترعة الشيخ زايد التي تبلغ حصتها من المياه حوالي 5.5 مليار م3 سنويا.
تلخصت صورته الأولى فى نقل المياه من بحيرة ناصر إلى ترعة عرضها 200 متر -بعرض قناة السويس - لتمر فى طريقها بمنخفض توشكى ثم بواحة باريس ثم بالواحات الخارجة والواحات الداخلة ثم إلى واحة الفرافرة بطول 850 كم تقريبا كمرحلة أولى.. على أن تصل بعد ذلك إلى الواحات البحرية وتستمر فى طريقها لكى تصب فى النهاية بمنخفض القطارة.
وتراوحت تكلفة المشروع التقديرية بين 70 و 100 مليار دولار أمريكى على أن يبدأ التنفيذ عام 1997 وينتهى عام 2017 تحت رعاية وزارة الرى والموارد المائية ، ويهدف المشروع - كما تم طرحه - إلى خلق 2.8 مليون فرصة عمل جديدة وتوطين 16 مليون مواطن وأسرهم.
تكمن الأهمية الإستراتيجية للمشروع بوقوعه في الصحراء الغربية وهذه الصحراء تتضمن مجموعة منخفضات على خط موازى تقريبًا لنهر النيل ويبعد عنة مابين 50 إلى 200 كم. ومنخفض جنوب الوادى يعتبر امتدادًا طبيعيًا لمنخفض الواحات الخارجة ويمتد جنوباً حتى وديان ومنخفضات توشكى جنوب أسوان بحوالى 250 كم، وتبلغ مساحة منخفض جنوب الوادى حوالى 8 ملايين فدان وإلى الغرب منة درب الأربعين الذى يصل السودان بمصر عبر الواحات الخارجة .
ظلت مشكلة تدني قيمة العقد المبرم بين الطرفين والذي بموجبه أصبح الأمير الوليد مالكا لما يقرب من 20% من إجمالي مساحة أرض بمثابة أزمة لم تنته إلا بسقوط النظام السابق وقرار النائب العام بفتح الملف .
كانت شروط التعاقد تتضمن تحديد سعر الفدان بخمسين جنيها والمساحة المباعة للأمير وهي مائة ألف فدان ليست نهائية، حيث يحق له شراء مساحات إضافية بالسعر نفسه. وحدد العقد طريقة سداد قيمة المائة ألف فدان وتبلغ قيمتها الإجمالية خمسة ملايين جنيه بأن يدفع الأمير 20% أي مليون جنيه من قيمة الشراء الإجمالية والباقي يتم دفعه حسب اتفاق غير معلن .
التزمت الحكومة بتقديم ضمانات خطية ضد نزع الملكية أو مصادرة الأرض المذكورة رغم أنه إجراء تفعله الحكومة مع مواطنيها بحجة المصلحة العامة. والتزمت حكومة الجنزوري بألا تخضع أرض الأمير لأية أعباء حكومية مثل رسوم التوثيق أو التسجيل أو ضريبة الدمغة أو الضريبة ولا يحق للحكومة إذا قررت إعادة تخطيط تلك المنطقة أن تخضع أرض الأمير لأي أنظمة تخطيط ولن تخضع لأنظمة التقسيم في الحاضر أو المستقبل مما يعني أن الأمير وأرضه أصبحا دولة داخل الدولة .
من تفاصيل التعاقد أن الحكومة ألزمت نفسها بتوفير المياه لأرض الأمير كما التزمت بصيانة جميع الترع وقنوات الري المائية وعن سعر المياه حددها العقد بأربعة قروش عن كل متر مكعب، وتضمن الحكومة لأرض الأمير إمدادها بالمياه الكافية لري صافي المنطقة المزروعة.
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة