أثارت مساعى د. كمال الجنزورى، رئيس الوزراء الأسبق، لتشكيل قائمة وطنية موحدة، لخوض الانتخابات البرلمانية، موجة من الجدل فى الشارع السياسي، بخاصة بعد تداول تصريحات مغلوطة، نفاها الجنزورى لاحقا، بشأن اتفاقه مع بعض الأحزاب والكيانات على عدد معين للمقاعد.
موضوعات مقترحة
وقد شهدت الأيام الأخيرة جدلا حادا داخل الأحزاب والتحالفات الانتخابية، بعد ما تردد من قيام الجنزورى بوعد حزب المصريين الأحرار بـ12 مقعدا فى القائمة التى يعدها، وهو الأمر الذى أثار غضب عدد كبير من أعضاء الحزب وقياداته، ممن اعتبروا هذا العدد أقل بكثير من إمكانات الحزب، وأنه يستطيع أن يفوز بعدد أكثر من ذلك إذا ما كان منفردا.
كما تصاعد الجدل بعد حوار الجنزورى مع الجبهة المصرية، وتيار الاستقلال، حيث زعم الأخير أن الجنزورى حدد لهم 50% من مقاعد القائمة، مما دفع الجنزورى لحسم ذلك الجدل فى تصريحات صحفية، أكد فيها تفضيله للصمت حاليا، وعدم مسئوليته إلا عن التصريحات التى تصدر منه بشكل مباشر.
إلا أن ذلك الجدل حول عدد المقاعد أثار حفيظة تحالف الوفد المصرى، واعتبره حزب الوفد بشكل خاص إهانة لتاريخه ومكانته؛ فأعلن د. السيد البدوى رئيس حزب الوفد ورئيس المجلس الرئاسى للتحالف، فى تصريحات صحفية مساء أمس، أن التحالف سينافس على 420 مقعدًا فرديًا، بالإضافة للقوائم، وأنه سيشكل قائمة قومية خاصة به تضم الشخصيات الوطنية والحزبية دون إقصاء، شريطة أن تكون هذه الشخصيات ذات كفاءة وشعبية من الأحزاب المختلفة داخل وخارج التحالف، وسيكون عمرو موسى على رأسها، إن أراد ذلك.
ولم يقتصر الجدل على عدد المقاعد فقط، بل وامتد أيضا لبعض الأسماء التى تردد أن الجنزورى سيطرحها ضمن قائمته، والتى اعتبرها البعض وجوها قديمة محسوبة على نظام مبارك، فأثار ذلك غضب عدد كبير من الشباب على مواقع التواصل الاجتماعى، معتبرين الجنزورى والقائمة التى يعدها بمثابة بوابة لإعادة البرلمان تحت سيطرة فلول نظام مبارك، وتطويعه عبر اختيار شخصيات بعينها موالية للسلطة، لضمان خضوعه للرئيس، وعدم معارضته له مستقبلا، ومن ثم تفريغه من صلاحياته الرقابية، والشراكة فى الحكم مع الرئيس، وفقا لما نص عليه الدستور، على حد قولهم.
السبب نفسه دفع تحالف التيار الديمقراطى لاتخاذ موقف معارض من الدخول فى أى مشاورات مع الجنزورى، بشأن تلك القائمة، لتمسكه باستبعاد فلول النظامين السابقين.
كما فجر وجود الجنزورى صراعاً آخر بين الأحزاب على رئاسة البرلمان بينه وبين عمرو موسي رئيس لجنة الخمسين، الذى يحظى بتأييد عدد كبير من القوى السياسية لهذا المنصب، وعلى رأسها تحالف الوفد المصرى، برغم إصدار موسي تصريحات أكد فيها عدم حسمه بعد لمسألة خوضه الانتخابات البرلمانية.
وعلمت "بوابة الأهرام" من مصادر مطلعة أن الجنزورى هو الآخر يحظى بتأييد بعض الكيانات والأحزاب التى ترى أنه الأنسب لقيادة البرلمان المقبل، فضلا عن بعض أجهزة الدولة التى تثمن أداءه خلال توليه رئاسة الوزراء عقب ثورة 25 يناير، والتى رحبت بفكرة قيادته لتشكيل قائمة وطنية موحدة، برغم أن الجنزورى أكد لعدد من الأحزاب خلال مشاوراته معهم عدم رغبته فى الترشح، بخاصة بعد فقدان الأمل فى إمكانية تغيير المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية المؤقت السابق، رأيه بشأن الترشح للفوز بهذا المنصب.
ونفى شهاب وجيه، المتحدث الرسمى لحزب المصريين الأحرار، فى تصريح خاص لـ"بوابة الأهرام"، صحة ما تردد حول وعد الجنزورى للحزب بعدد معين من المقاعد البرلمانية ضمن القائمة الوطنية الموحدة التى يعمل عليها، مؤكدا أن المشاورات مازالت مستمرة بين الجنزورى والحزب، وأن تلك المشاورات لم تتضمن الاتفاق على أسماء بعينها بشكل رسمى، مرجعا ذلك لعدم اتخاذ مؤسسات الحزب قرارا رسميا بعد بشأن خوض الانتخابات على قوائم الجنزورى، فضلا عن عدم صدور قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، الذى يعطل الأحزاب عن حسم مرشحى الكثير من الدوائر.
وأضاف: "هناك توافق فى وجهات النظر بيننا وبين الجنزورى فى ضرورة أن يكون مرشحى البرلمان المقبل من التكنوقراط ذوى الكفاءات، وأن يكونوا إضافة للبرلمان بعيدا عن أى مناصب حزبية، وبالتأكيد نتفق معه فى بعض الأسماء التى طرحها، ونرى ضرورة إعادة النظر فى بعض الأسماء الأخرى، وسنطالب بذلك إذا ما اتخذ الحزب قرارا بخوض الانتخابات على قوائم الجنزورى، وحتى الآن لم يتغير موقفنا بخوض الانتخابات منفردين، وإعداد قائمة تضم شخصيات عامة وكفاءات من داخل الحزب وخارجه".
وحول المنافسة على رئاسة البرلمان المقبل؛ أكد شهاب أن الحزب لم يقرر دعم أحد بعينه، لأنه من الصعب حسم تلك القضية، فى ظل عدم معرفة خريطة البرلمان المقبل، ومن ستكون الأغلبية، مؤكدا أن الجنزورى نفسه فى مشارواته معهم أكد لهم أنه غير راغب فى الترشح لانتخابات البرلمان، وأنه يكتفى بالعمل على إنجاز القائمة الوطنية.
بدوره، قال محمد قاسم المتحدث الإعلامى للحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، المنضم لتحالف الوفد المصرى: إن الحزب كان مؤيدا لمساعى عمرو موسي فى توحيد القوى المدنية، ويؤيد وجود قائمة وطنية، بشرط استبعاد قوى الإسلام السياسي وفلول الوطني منها، وكذلك كل من شارك في إفساد الحياة السياسية في العهد البائد، ويطالب بمؤتمر وطني مع الرئيس السيسي، لتحديد موعد الاستحقاق الثالث من خريطة الطريق، بخاصة أن الدستور لم يتم العمل به بالكامل حتى الآن، لافتا إلى أن الموقف الرسمى للحزب حتى الآن هو التحالف والتنسيق مع تحالف الوفد المصرى على مقاعد الفردى فقط دون القائمة.
وأكد أن الحزب يرى أن عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين هو أبرز الشخصيات المطروحة على الساحة السياسية حاليا، والقادرة على رئاسة البرلمان المقبل، ويدعمه فى ذلك.
فيما اعتبر عبدالغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكى، والقيادى بتحالف التيار الديمقراطى، أنه من المبكر الحكم على نتائج مساعى الجنزورى، نظرا لانقسام معظم التحالفات بين رأيين، أحدهما يرى المشاركة فى قائمة الجنزورى، والبعض الآخر يرى أن التحالف أجدر أن يخوض الانتخابات بقائمته، كما حدث مع تحالف الوفد المصرى، مشيرا إلى أن مدى نجاح تلك المساعى سيتوقف أيضا على طبيعة الأسماء المطروحة على القائمة.
من جهته، أعرب محمود عفيفي المتحدث باسم تيار الشراكة الوطنية، المنضم لتحالف الوفد المصرى، عن عدم تفاؤله بقائمة الجنزورى، مضيفا:" ككيان شبابي نعتقد أنه سيتم تجاهل الشباب بتلك القائمة، وسيكون حضورهم صوريا فقط، وسيتم تصنيفهم خلال الاختيار وفقا للانتماء والموقف السياسي، وبالتأكيد نحن كشباب نرفض ذلك، كما نرفض وجود قائمة تعيد الوجوه القديمة لشخصيات بعينها، فهذا سيكون أشبه بالتعيين"، بحسب قوله، مؤكدا أن التيار ملتزم بخوض الانتخابات ضمن قائمة تحالف الوفد المصرى.