يتألق من عمل إلى آخر، يحمل بداخله طاقات إبداعية لا حدود لها، كلما استمعت له تستشعر أنه مازال لديه الكثير بجبعته، بل إن العمل الواحد لديه يحمل عمقًا ووعيًا كبيرًا يجعله مختلفًا عن غيره طوال الوقت.
ولعل هذا العام كان التتويج الأكبر له من خلال تقديمه لعملين مميزين "الفيل الأزرق" و"السبع وصايا" بما يحملانه من صعوبات كبيرة.
هشام نزيه الموسيقي الذي لفت الأنظار بموسيقاه مع حلول الألفية الجديدة، ليقدم باقة متنوعة من الأعمال التي حققت نجاحًا وتواصلاً كبيرًا مع الجمهور من خلال أفلام "السلم والثعبان" و"تيتو" وغيرها من الأعمال الموسيقية والأغاني التي جذبت الجميع إليها مثل أغنية فيلم "ميكانو" الشهيرة "نص حالة" للنجمة أصالة، ومؤخرًا بمسلسلات "شربات لوز"، و"نكدب لو قلنا مبنحبش" وغيرها.
في هذا الحوار يتحدث نزيه عن تفكيره في استخدام موسيقى الحاضرة في مسلسل "السبع وصايا"، وكيف أنه كان يحلم بتقديمها، ويرد على هجوم أهل الصوفية عليه، كما يتحدث عن تجربته في موسيقى فيلم "الفيل الأزرق" التي يعتبرها أصعب أعماله الموسيقية. تفاصيل أخرى في هذا الحوار..
- فكرة تتر "السبع وصايا" كانت جريئة ومختلفة إلى حد كبير، من أين جاءت ولماذا اخترت الصوفية لتكون موسيقى هذا العمل؟
= الأمر بدأ مع قراءتي للسيناريو حتى أحصل على رؤية ومضمون العمل، وعند وصولي للحلقة 11 كان المخرج خالد مرعي بدأ التصوير بالفعل، وكان هناك يوم سيقوم من خلاله بتصوير مشهد "الحضرة في منزل سيد نفيسة" وطلب مني الحضور، والحقيقة أننى طوال حياتى كنت أحلم بتقديم هذه الموسيقى، التي يكون أغلبها قائمًا على أصوات بشرية، وبالفعل بعدها تناقشت مع مرعي بشأن تقديم موسيقى "السبع وصايا" بهذا الشكل، ووجدت ترحابًا كبيرًا منه.
- هل كانت هناك صعوبة في تجميع الأشعار الصوفية المستخدمة في الأحداث؟
= أنا أعرف كثيرًا من أشعار جابر بن برهوم، ومحيي الدين بن عربي، وقد تحدثت مع كثير من أصدقائي وطلبت منهم مجموعة من أشعار الصوفية بالإضافة إلى أن مؤلف العمل محمد أمين راضي قام بإرسال نسخة لي من كتاب لأحد الأشخاص قام فيه بتجميع الأشعار الصوفية، ثم بدأت بعدها في اختيار بعض الكلمات المناسبة للأحداث وتحديدًا ما ليس له علاقة بتوجيه رسائل مباشرة بحيث يكون أكثر شمولية ولا بقصد معين.
- إلى أى مدى كانت هناك صعوبة في تلحين هذه الأشعار خصوصًا أن موسيقى العمل تميل إلى الشكل العصري إلى حد كبير؟
= الألحان التي اخترتها لم أكن أريدها أن تسرق الوزن في الأشعار أو تخطف المشاهد من الحوار، وفي نفس الوقت لا تظهر على أنها أغان دينية وهذا ما جعلني أختار أفكارًا فلفسية وروحانية، وكان لا بد أن تكون كل حضرة مختلفة عن الأخرى. والحقيقة أننى كان لدي مناطق معينة ممنوع أن أدخل فيها حتى لا تصبح المزيكا سيئة، وكل ما كنت أقصده هو أن أوصل صوت الأحداث بهذه الموسيقى، لأن نوع الحكي جعلني محتارًا إلى حد كبير بالإضافة إلى إحساس العفوية في الأداء الذي أكدته عليه كثيرًا مع مهندسي الصوت، فكانت هناك طريقة معينة لوضع "المايكات".
- لكن مشايخ الطرق الصوفية والمنشدين أبدوا اعتراضهم على استخدام "الموشحات الصوفية" في عمل يغلب عليه أفكار السحر أو أعمال القتل بحسب وصفهم؟
= لم أقصد أى إهانة لأصحاب الصوفية لأن المسلسل في الأساس لا يتحدث عن عقيدة معينة أو عن السنة، وأنا لم يكن في بالي "الصوفية" تحديدًا في هذا العمل، وفي النهاية كل ما أردت تقديمه نوع معين من الموسيقى التي حلمت بها كثيرًا وكان لدي انبهار بها لكونها عاشت لسنوات طويلة وتحتفظ بمكانة كبيرة لدى الجمهور.
- كم من الوقت أخذت في تنفيذ تتر "السبع وصايا"، وهل كانت هناك صعوبة في تنفيذه؟
= استغرقت شهرين كاملين، والصعوبة الحقيقة في "السبع وصايا" لم تكن في تنفيذ حضرة بعينها لكن في أن تخرج جميعها بهذا الشكل لأننى لم أكن أريد أن تخرج مجرد "فذلكة والسلام" على أن تكون مختلفة وتظهر كأنها "لحمة واحدة".
- أشعر في موسيقى فيلم "الفيل الأزرق" كأنك توحدت مع الشخصيات جميعها، ودخلت في دراستها بعمق لتقدم أكثر من شكل موسيقي يحمل انفعالات مختلفة داخل المشهد الواحد؟
= بداية، رواية "الفيل الأزرق" مؤثرة جدًا، والفيلم عندما رأيته شعرت بأننى "تحت أمره"، وكان مطلوبًا أن تكون الموسيقى جزءًا من ما يحدث بالفيلم، الذي يحمل كثيرًا من التعقيدات ومافيه من ردود أفعال متعددة للممثل في المشهد الواحد، وهو من أصعب الأشياء، وبما أن الفيلم خرج بشكل غير تقليدي كان لا بد أن ينطبق ذلك على موسيقاه أيضًا، بالإضافة إلى أن كثافة الموسيقى كانت عالية جدًا وكان هناك ضرورة في أن يمر ذلك دون أن ينزعج المشاهد بل ويستمتع بها.
- هل تعتقد أن موسيقى "الفيل الأزرق" بما تحمله من عمق وجاذبية للجمهور من الممكن أن تقودك نحو العالمية في العمل في أفلام بهذا الشكل؟
= أتمنى أن يصل شغلي إلى العالم، فالفيل الأزرق فيلم مصنوع بقياسات مرتفعة وجودة عالية في جميع التفاصيل ستجعل هناك اهتمامًا من قبل صناع الأعمال فيما بعد بجميع عناصر العمل.