دعا الكاتب الروائي محمد المنسي قنديل، العالم العربي إلى دعم علاقاته مع قارة آسيا، حيث قال في ورقة بحث قدمها أمام ندوة "العرب يتجهون شرقا"، التي تقيمها مجلة العربي، وتختتم أعمالها غدا: لو كان العرب جادين في عملية التحديث، وتحويل الاقتصاد العربي من اقتصاد هامشي مستهلك إلى اقتصاد فعال ومنتج، فليس لنا بديل إلا الاتجاه شرقا.
موضوعات مقترحة
واستعرض المنسي في الورقة تجاربه في كتابة "أدب الرحلة إلى آسيا" خلال سنوات عمله في مجلة "العربي"، والتي امتدت لنحو 15 عاما، وأشار إلى أن هناك عدة حوافز تدفع بالعالم العربي باتجاه الشرق الآسيوي، منها أن العرب ليس لهم تاريخ عدائي مع دول آسيا.
مشيرا إلى أن الآسيويين يدركون العقد التي تحكمنا ونقاط الضعف التي نعانيها في علاقتنا مع الغرب، بسبب الإرث الاستعماري، بينما لم تقم آسيا بأي مغامرات عسكرية في أراضينا.
وشدد قنديل على وجود ما سماه "تجاوب" بين الآمال العربية والآسيوية بدءا من الخمسينيات في القرن الماضي، مع بزوغ حركة عدم الانحياز التي ولدت في إحدى الدول الآسيوية، وهي إندونيسيا.
وتحدثت الورقة عن قدرة البلاد الآسيوية المتقدمة على الوصول إلى درجة من المواءمة بين هذا الماضي وعملية التحديث التي تخوضها، وهي المشكلة نفسها التي نعانيها -على حد قوله- مؤكدا أننا نضع تراثنا المادي والروحي على طرفي نقيض مع عملية التحديث، ولدينا مخاوف شديدة من ضياع هويتنا في خضم ذلك الهوس بالعولمة، وآسيا تقدم لنا درسا متواضعا في عملية المواءمة الشاقة، فهي لم تبق خانعة لتقاليد الاستبداد الآسيوي القديم، ولم تتحول إلى دول شبه غربية.
وعرض المنسي قنديل تجارب آسيوية في عملية التنمية والتحديث، وقال: "نجحت هذه التجارب في بلاد مكتظة بالسكان الفقراء، يعانون ظروفا معيشية صعبة، ومستوى متدنيا من التعليم يصل إلى درجة الأمية، الأمر الذي يمثل عائقا لأي عملية للتنمية، ولكنها أجادت استغلال تلك القوى البشرية ودربتها جيدا، وحولتها إلى قوى منتجة، بدلا من أن تكون عبئا استهلاكيا، وهي المشكلة نفسها التي نعانيها في دولنا العربية، والتجربة الآسيوية تقدم لنا نموذجا قابلا للتطبيق وسط هذه الظروف الصعبة.
وانتهى المنسي إلى الإشارة لحافز جديد من حوافز التقدم باتجاه آسيا، وهو أن إسرائيل ليست طرفا في المعادلة في علاقتنا مع آسيا، كما هى الحال مع الغرب، ووصف إسرائيل بالفزاعة الحقيقية لكل الطموحات الوطنية وهي الكفيلة بجعل العرب أكثر طاعة وولاء لمصالح الغرب، وعلى العكس من ذلك فالعديد من الدول الآسيوية تنتقد النزعة العدوانية عند إسرائيل، وتراها جزءا من حركة الاستعمار العالمي الذي تخلصت منه منذ زمن.
وأوضحت الورقة التي قدمت في جلسة أدارها الكاتب فهمي هويدي، وشارك فيها الكاتب محمد المخزنجي لتجربة الدول الآسيوية في التحديث.. مؤكدا أنها جديرة بالاحتذاء، فهي لم تعتمد في نموها على تراكم الثروات التي استولت عليها من الآخرين، إبان الفترة الاستعمارية كما فعل الغرب، ولكنها اعتمدت بالأساس على تنمية مواردها الخاصة، وقد استخدمت في عملية التحديث أسرع الطرق وأنجعها، حيث أتت ثمار التحديث سريعة ومؤثرة.