Close ad

سفراء بالقرآن .. وقف لهم العالم إجلالًا..!

27-2-2021 | 17:27

ليس من العيب أن يتقاضى مقرئ القرآن أجرًا عن قراءته في مناسبة ما، أو وسيلة إعلامية كالإذاعة أو التليفزيون، فقد قرأ معظم من عرفوا بأجاويد القراءة في الإذاعة المصرية نظير مقابل عن الجهد المبذول في القراءة، لكنها لم تكن يومًا وسيلة تربح، ولم يصبح الشيخ محمد رفعت ثريًا من وراء قراءته في الإذاعة، أو السرادقات، حتى إنه بعد رحيله خصص له معاش عشرة جنيهات، ولم تصرف لأسرته آنذاك، ولم يكن يعلم بأن ما يقوم بقراءته يسجل على أسطوانات حتى فوجئ بأكبر محبيه وهو زكريا باشا مهران أحد أعيان مركز القوصية في أسيوط وعضو مجلس الشيوخ المصري، قام بتسجيل وحفظ تراث الشيخ محمد رفعت الذي كان يقرأه في الإذاعة يوميًا مرتين.

ولحبه للشيخ رفعت اشترى اثنين من أجهزة الجرامافون من ألمانيا، وعندما علم بمرض الشيخ رفعت أسرع إلى الإذاعة حاملًا الأسطوانات، وأهداها للإذاعة.

قراءة القرآن ترتيله وتجويده وحتى تعليمه، لم تكن وسائل تربح، ولم يقل يومًا شيخ من مشايخنا الأجلاء إنه إن أراده أحد في بلد عربي أن يحي له حفلًا، أن يستقبل استقبال الكبار، وأن يسكن في فيلا، أو تكون درجته في الطائرة أولى، قد يحدث هذا من دولة ما كما حدث مع الشيخ عبدالباسط عبدالصمد في كل زياراته لدول العالم.

وكان يستقبل استقبال الفاتحين، أو أن يحدث مع الشيخ محمد متولي الشعراوي، أو الشيخ الدكتور أحمد الطيب، وحدث مع محمد صديق المنشاوي، والشيخ أحمد الرزيقي الذي رافق عبدالباسط عبدالصمد في رحلات كثيرة، كانوا يستقبلون لأنهم أهل القرآن، وليسوا لشهرتهم، او حتي لأن لهم أجورا مرتفعة.

قرأت تصريحات لأحد المشايخ المعاصرين، يقول إنه يجب أن يستقبل استقبال الكبار، وأن يسكن في فيلا، وأنه رأى رؤيا فسرها بالصعود إلى السماء، هو حر في تصريحاته، لكن قارئ القرآن له هيبته، ووقاره، لا يبحث عن صور مع نجوم تمثيل، أو يبحث عن سكن ووسيلة مواصلات فارهة، حتى وإن كان ذلك خارج مصر، لأنه يمثل البسطاء، ذهب ليقرأ عن التواضع، والزهد.

عندما كان يقرأ الشيخ مصطفي إسماعيل في حضور الملك فاروق ضمن احتفالات شهر رمضان، حيث كان يحضر الملك فاروق حفل "ليلة القدر" يعلو مقعد الشيخ الجليل عن مقعد كل الحاضرين، بما فيهم الملك فاروق الذي يجلس بجانبه وهو مستمتع منصت، ولم يجامله أحد، لأنهم يعلمون مكانة قارئ القرآن، هذه المكانة لم تكن لشخصه، بل لما يحمله من كتاب الله، لم تكن على أيامهم صفحات للفيس بوك، ولم يكن إنترنت، ولكنهم كانوا مشهورين، معروفين، بجمال أصواتهم، بحفظهم للقراءات السبع، بتواضعهم، ولم ينتشروا هذا الانتشار سوى لأنهم زهدوا في الدنيا، وكانوا خير رسل لكتاب الله، فقد زار الشيخ عبدالباسط عبدالصمد كل دول العالم، وأحيا ليالي شهر رمضان في معظم الدول الإسلامية، وفي الهند احتشد الآلاف خلعوا الأحذية ووقفوا حفاة يستمتعون بقرآته، لم يشر عليهم بذلك، لكنهم عبراوا عن تقديرهم له، وقدر بما يليق به إذ تم تكريمه حيًا عام 1956 عندما كرمته سوريا بمنحه وسام الاستحقاق ووسام الأرز من لبنان والوسام الذهبي من ماليزيا ووسام من السنغال وآخر من المغرب وآخر الأوسمة التي حصل عليها كان قبل رحيله من الرئيس مبارك في الاحتفال بليلة القدر عام 1987، وكان للشيخ المنشاوي حضور كبير، قال عنه الشيخ محمد متولي الشعراوي قبل رحيله: "إنه ورفاقه المقرئون الأربعة، الآخرون يركبون مركبًا ويبحرون في بحر القرآن الكريم، ولن يتوقف هذا المركب عن الإبحار حتى يرث الله -سبحانه وتعالى - الأرض ومن عليها".

هذه مكانة مقرئ القرآن الكريم ومجوده، لا تضاهيها مكانة، يصل إليها بحبه لكتاب الله، وبتواضعه، وبإخلاصه له.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة