يتميز القطن المصري بأنه "طويل التيلة- فائق النعومة" كما أنه يتميز بالنعومة التي تؤهله للاستخدام في صناعة المنسوجات العالية الجودة، بخلاف الفصائل الأخرى من القطن المنتشرة في بقاع العالم التي تزرع القطن، تواجه صناعة القطن المصري تحديات، إذ تم بشكل تدريجي استبدال نوعية القطن المصري الطويل التيلة بأنواع أخرى أقل جودة، بالإضافة إلى خسائر التي تواجه شركات القطاع العام التي تقوم بصناعة منسوجات القطن المصري.
وقد وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال اجتماعه مع وزيري قطاع الأعمال والزراعة،قبل أيام بتطوير محاور منظومة القطن المصري من زراعة وإنتاج وصناعة.
"بوابة الأهرام" حاورت المختصين والخبراء لكيفية استعادة القطن المصري إلى سابق عرشه .....
.مصر تنتج 60% من أجود أقطان العالم
في البداية، يقول الدكتور محمد عبد المجيد رئيس مجلس القطن المصري ومدير معهد بحوث القطن الأسبق، نحن دولة لها تاريخ وحضارة ويشهد العالم بجودة القطن المصري، حيث إن مصر كانت تنتج 60% من أجود أقطان العالم، و يتميز القطن المصري منذ أن دخلت زراعته في عهد محمد علي بأنه فائق الطول والنعومة ومن أجود أقطان العالم، ولكن في الواقع أننا دولة غير منتجة للقطن ولكننا نحن أحد أهم الدول بل رواد في إنتاج أجود أنواع القطن على مستوى العالم فينتج العالم 24 مليون قنطار قطن شعر، موضحًا إلى أننا نقوم بإنتاج 750 ألف طن قطن، ففي السابق كنا نقوم بزراعة مليون فدان وكان آنذاك عدد السكان 20 مليون نسمة، أما الآن تقلصت مساحات القطن المزروعة نظرًا للنمو السكاني.
ثلاثة قوانين منظمة للقطن
وتابع: كانت زراعة القطن في الستينيات وحتى السبعينيات كانت الدولة مسئولة عن القطن المصري من حيث الجمع والتسليم والتصنيع والتصدير حتى عام 1994، حيث تم إصدار ثلاثة قوانين خاصة بالقطن وهى:
- القانون رقم 141 والخاص بإنشاء بورصة للأقطان -بورصة البضاعة الحاضرة- وحتى الآن لم تنشأ.
- القانون رقم 210 لسنة 1994 والخاص بتنظيم تجارة القطن بالداخل، من خلال لجنة تنظيم تجارة القطن بالداخل".
- القانون رقم 211 لسنة 1994 والخاص بإنشاء اتحاد مصدري الأقطان وهو موجود ومقره بالإسكندرية.
لافتًا الى أن بعد إصدار تلك القوانين جعلت تجارة القطن تجارة حرة بعد أن خرجت تجارة وزراعة القطن من تحت مظلة الدولة وأدى إلى تصدير القطن خامًا كما هو من خلال التجار وليس من خلال الدولة، الأمر الذي أدى إلى اضطرار تلك الشركات القابضة لاستيراد الأقطان الأمريكية.
تعظيم القيمة المضافة للقطن المصري
وطالب عبد المجيد، بسرعة تعظيم القيمة المضافة للقطن المصري، فضلا عن تطبيق نظام الزراعة التعاقدية وإعلان سعر ضمان للمحصول حتى تشجع الفلاح على زراعته وتضمن له هامش ربح مجزيا، مشددًا على عدم تصدير محصول القطن كمادة خام، بالإضافة إلى الحفاظ على نقاوته من الغش وعدم خلطه مع الأقطان الأخرى.
توجيهات الرئيس
ومن جانبه، أشاد حسين أبو صدام نقيب الفلاحين، باستمرار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي المستمرة بالنهوض بالقطن المصري تعيد للذهب الأبيض مكانته، وتطوير منظومة القطن في مصر والتوجه لزيادة المساحات المنزرعة منه لتلبية الاحتياجات الصناعية والتجارية، لافتًا إلى اهتمام الرئيس بهذا المحصول الاستراتيجي والذي يحظي بمكانة كبيرة في قلوب المصريين وظل سفيرا فوق العادة للمنتجات المصرية لعقود طويلة في معظم أنحاء العالم.
تحفيز المزارعين
ولفت إلى، ضرورة عودة زيادة المساحات المنزرعة من القطن تستوجب تحفيز وتشجيع الفلاحين علي زراعته مرة أخري، حيث بدأت تتناقص المساحات المنزرعة من القطن بعد الانتعاشة التي حدثت عقب توجيه الرئيس قبل زراعة موسم 2018، ووضع الحكومة سعر ضمان لقنطار القطن بوجه بحري 2700جنيه وسعر2500لقنطار القطن لوجه قبلي، والذي زادت عقب ذلك مساحة زراعة القطن إلي 336 ألف فدان بعد سنوات عديدة من تقلص المساحات المنزرعة منه، مضيفًا تلي ذلك ردة أخرى ونقصت المساحة المنزرعة نحو 100الف فدان عام2019 فوصلت 236 ألف فدان فقط نتيجة لعدم وفاء الحكومة بالشراء بسعر الضمان، وعدم الالتفات لما حذرنا منه من عزوف الفلاحين عن زراعة القطن لتدني أسعاره وتعرضهم لخسائر كبيرة جراء بيعهم المحصول بأسعار تقل عن ثمن تكلفة زراعته وتحقق لهم هامش ربح مجزيا، فضلا عن تقلص المساحة المنزرعة للعام الثاني على التوالي بموسم2020 الي180 ألف فدان فقط نتيجة لنفس الأسباب مع اتجاه وزارة قطاع الأعمال لاتباع نظام المزايدة الذي ثبت فشله لارتباطه بالسعر العالمي لمتوسط سعر القطن انديكس A الأقل سعرا و تجاهله نص المادة 29من الدستور التي تلزم الدولة بشراء المحاصيل الأساسية بهامش ربح.
فوائد مذهلة
واستكمل: أن محصول القطن أحد المحاصيل الهامة والإستراتيجية لما وله فوائد مذهلة، حيث يساعد علي خفض نسبة البطالة لأنه محصول كثيف العمالة متعدد الاستخدامات، بالإضافة إلي انه المحصول الأهم عالميًا ومحليًا في إنتاج المنسوجات، كما أنه يساعد في إنتاج الأعلاف من سيقانه و أوراقه وكسبة بذرته بعد عصرها و إنتاج الزيت من بذوره، موضحًا أن القطن يضخ مبالغ ضخمة من العملة الصعبة لخزينة الدولة في حالة تصديره لأنه يتمتع بسمعة عالمية جيدة.
جهود الحكومة
وأكد، أن الحكومة بذلت في الفترة الأخيرة بعض الجهود لعودة زراعة القطن منها:
استنباط أصناف جديدة من التقاوي عالية الإنتاجية ومبكرة النضج، تصل إنتاجيتها الي10قناطير للفدان مع بعض الجهود لإدخال الماكينات الآلية لجني المحصول حيث يلتهم الجني اليدوي أكثر من ثلث عوائد المحصول، ففدان القطن يحتاج نحو 50عاملا لجمعه بمبلغ يصل إلى 5آلاف جنيه، كما تتجه الحكومة لتطوير محالج ومغازل القطن وتشجيع المصانع المحلية لاستخدام القطن المصري بديلاً عن المستورد الذي حل محله في السنوات الأخيرة، مطالبًا بتوفير احتياجات مزارعي القطن من تسويق ووضع سعر ضمان مناسب وتوفير المبيدات اللازمة بكميات كافيه وأسعار مناسبة وتوفير آلات الجني الآلي بكميات كافية وأسعار مناسبة، مع الاهتمام بالعلماء والباحثين ماديا ومعنويا في مجال استنباط أصناف جديدة من الأقطان عالية الإنتاجية والمتطورة، لتشجيعهم علي الاستمرار في جهودهم الكريمة بهذا المجال مع تعديل التشريعات والقرارات التي تعرقل نجاح منظومة تطوير زراعة القطن.
ميزات تنافسية
ومن الناحية الاقتصادية، يقول الدكتور علي الإدريسي الخبير الاقتصادي، إن الدولة تعمل على تطوير منظومة القطن في مصر، بهدف تحقيق أفضل استغلال لما تمتلكه مصر من ميزات تنافسية في إنتاج القطن على مستوى العالم في ظل ما يحظى به من جودة وسمعة عالمية في الأسواق الدولية، وبمواصلة خطة الدولة للنهوض بمنظومة القطن المصري وإعادته إلى سابق عهده واستعادة مكانته العالمية، من خلال التطوير المتكامل لمنظومة القطن بجميع محاورها الزراعية والتجارية والصناعية، إلى جانب زيادة المساحات المنزرعة لتلبية الاحتياجات الصناعية وتعظيم القيمة المضافة للقطن المصري على المستوى الدولي، وكذلك لإقامة صناعات وطنية تعتمد على القطن المصري توفر منتجات قطنية عالية الجودة بأسعار ملائمة للمواطنين، و التحرك لتذليل كافة العقبات أمام صناعة الغزل و النسيج و تطوير محالج القطن و استخدام الوسائل الإنتاجية الحديثة لزيادة القيمة المضافة و تحقيق عوائد اكبر للاقتصاد المصري.