في أخر تصريحات له، وفى أثناء زيارة "بوابة الأهرام" لفنان البادية علي حميدة في معهد ناصر بمحافظة القاهرة، قال: إنه فور نشر القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية خبر مرضه، تلقى العديد من العروض للعلاج في الخارج، لكنه فضّل البقاء في وطنه، بعد الرعاية التي أولتها إليه الدولة المصرية.
موضوعات مقترحة
عروض العلاج
وكشف علي حميدة لـ"بوابة الأهرام"، إنه بعد تحدثه عن مرضه لأول مرة مع القنوات الفضائية، تلقى العديد من الدعوات للعلاج في الخارج، من مؤسسات في كل من دول الإمارات، والكويت، والسعودية، وتونس، وكذلك عرضت عليه الجالية المصرية في ألمانيا العلاج.
علي حميدة
أغرب دعوة
وأفصح عن أغرب الدعوات التي تلقاها، كانت دعوة للعلاج في دولة اليمن، رغم الظروف الصعبة التي تعانيها، ولكنه فضل البقاء في مصر، خاصة بعد الرعاية التي لمسها من الدولة المصرية.
ونُقل فنان البادية، في سيارة إسعاف مجهزة من مقر إقامته بمدينة مرسى مطروح إلى الجناح 57 بمعهد ناصر، تحت رعاية مباشرة من الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، والدكتور أشرف زكي، نقيب الفنانين، واللواء خالد شعيب، محافظ مطروح، الذي كان يتابع حالته، ويتواصل معه يوميًا للاطمئنان عليه طوال مدة إقامته، التي استمرت نحو 20 يوما.
علي حميدة
صدمة الفحوصات
جميع الفحوصات الطبية التي أُجريت لفنان الراحل أكدت انتشار مرض السرطان في جسده، خاصة في الرئة والكبد، وتأكد للفريق الطبي الذي كان يتابع حالته، أن حياة مطرب البادية لم يتبق منها سوى بضعة أيام قليلة، فكان قرار أسرته، العودة إلى مسقط رأسه، مرسى مطروح، حيث بيت العائلة في منطقة الريفية.
ينتمي الفنان علي حميدة عبد الغني جميعي إلى عائلات "أشتور"، التي تنتمي لقبيلة الجميعات الممتدة جغرافيا من محافظة البحيرة شرقاً، حتى مدينة طرابلس في ليبيا غرباً، وكان والده يعمل موظفاً في هيئة البريد المصري.
ولد الفنان عام 1965 في مدينة مرسى مطروح، وكان له 6 أشقاء، بينهم 3 ذكور، وكان ترتيبه الرابع بين أشقائه.
علي حميدة
شغفه بالموسيقى
أتم علي حميدة جميع مراحل تعليمه الأساسية في مطروح، ثم غادر إلى القاهرة ليلتحق بالمعهد العالي للموسيقى العربية، دون علم أسرته بدراسته في معهد الموسيقى، بجانب دراسته في معهد إعداد المعلمين.
وكان علي حميدة شديد الولع بالموسيقى منذ طفولته، خاصة العزف على العود، والذي تخصص فيه فيما بعد، وعُين معيدًا ثم مدرسًا مساعدا ثم مدرسًا في معهد الموسيقي العربية.
نجاح من بعد الفشل
اُعتمد فنان البادية بعد ذلك في الإذاعة المصرية كمطرب، وفي بداية الثمانينيات أنتج أول ألبوم غنائي له، ولكن التجربة فشلت ولم يكتب لها النجاح.
في نهاية عام 1987، قرر الفنان علي حميدة المحاولة مرة أخرى، ولكن بشكل جديد مع موسيقى أطلق عليها -وقتئذ- "موسيقى الجيل"، واتفق على إنتاج البوم غنائي، من توزيع الفنان حميد الشاعري، وبمشاركة الملحن سامح الحفناوي، ووقع الاختيار في اللحظة الأخيرة -بالصدفة- على أغنية "لولاكي"، التي ألفها عزت الجندي، كأغنية وطنية في حب مصر.
"لولاكي" أغنية وطنية!
كلمات أغنية " لولاكي" كانت في الأصل: "لولاكي يا مصر ما غنيت وحبيت.. ولا دقيت على إيدي وشمات.. لولاكي يا مصر ما غنيت.. ولا هز الوتر كياني"، إلا أن فريق عمل الألبوم، المؤلف عزت الجندي والملحن سامي الحفناوي، كان هو ثالثهما استقروا على تغييرها إلى أغنية عاطفية، تكون ضمن أغاني الألبوم.
بعد تلحين "لولاكي" وتوزيعها وغنائها، قررت الشركة المنتجة تغيير اسم الألبوم من "بنت بلادي زينة" إلى "لولاكي"؛ نظراً لكونها تعبر بقوة عن موسيقى الجيل -وقتها-، وتتضمن شكلاً جديداً للأغنية الشرقية، لاسيما البدوية الشعبية، وطرح الألبوم في الأسواق، في صباح يوم 11 يوليو 1988.
انتشار "لولاكي"
انتشر الألبوم في ربوع مصر في ساعات معدودة، وبحسب وصف علي حميدة -وقتها- قبل 12 من ظهر نفس يوم طرح الألبوم في الأسواق، قال "جميع المحال والسيارات تردد أغاني الألبوم"، وأكد: "الألبوم حقق مبيعات في أول أسابيع 6 ملايين جنيه داخل مصر فقط".
بلغ حجم النسخ التي بيعت من الألبوم في مصر والوطن العربي والعالم 80 مليون نسخة، وجعل هذا الانتشار الألبوم يحصد المركز الثالث عالمياً في الانتشار عام 1988، بعد كل من المطرب العالمي الأمريكي مايكل جاكسون، الذي حصل على المركز الثاني -وقتها- والمطرب بون جورج في المركز الأول.
على حيمدة مع مبارك والقذافي
بعد الانتشار الواسع والكبير غير المسبوق لألبوم "لولاكي"، علق -وقتها- الرئيس الأسبق حسني مبارك في إحدى خطابته السياسية قائلاً: " كلكم -يقصد الشعب المصري- اشتريتوا الشريط بـ4 جنيات.. جت علي البطيخ يعني"، وكانت وقتها المعارضة توجه انتقادا للحكومة على ارتفاع أسعار فاكهة البطيخ.
وأنتج علي حميدة بعد "لولاكي" ثلاثة ألبومات، هي "كوني لي" و"ناديلي" و"احكيلي"، ولكنهم لم يلقوا نفس نجاح ألبوم لولاكي.
وشارك حميدة في بطولة فلمين سينمائيين، 4 مسلسلات ومسرحية، بالإضافة إلى مشاركته في العديد من الأعمال الغنائية الجماعية خاصة الوطنية.
كما رفض المشاركة في بطولة فيلم يسخر من شخصية العقيد "القذافي"، نظراً لعلاقة الصداقة التي كانت تربط بينهم.
وكان علي حميدة يتميز بعدة سمات، هي خفة الظل، ولديه روح الدعابة، فضلا عن تواضعه وإلمامه بتراث وتاريخ القبائل البدوية، وكذلك إجادته لطهي المأكولات البدوية.