ماذا يحدث فى روسيا؟ هل هى بداية النهاية لبوتين أم أضغاث أحلام الغرب الذى يلجأ لتضخيم أى مشكلة واعتبارها العد التنازلى لحكمه المستمر منذ 21 عاما؟. الساسة والصحافة بالغرب يؤكدون أن الاحتجاجات الحالية هى الأخطر على الإطلاق، وأن عنف السلطات الروسية فى مواجهتها يعنى إدراكها أنها تهدد سلطة وطموح ساكن الكرملين.
قبل أيام، أصدرت قاضية روسية حكما بتنفيذ حكم سابق بسجن المعارض البارز أليكسى نافالنى 3 سنوات ونصف السنة، لانتهاكه شروط المراقبة القضائية. استخف الكرملين لسنوات بنافالنى واعتبره مجرد مدون لا وزن له. لكنه فوجىء خلال الأسبوعين الماضيين بعشرات الآلاف فى 100 مدينة يحتجون على المعاملة السيئة التى تلقاها بداية من تسميمه العام الماضى ثم المعاملة القاسية له بعد عودته من العلاج بألمانيا. أظهر نافالنى شجاعة وجلدا شديدين، ليصبح الرمز المعارض الأهم. هنا، شعر الغرب أن شيئا ما مختلفا يجرى، فانتهز الفرصة ليصفى ثأرا طويلا مع بوتين، ولتنطلق الإدانات والمطالبات بعقوبات جديدة.
ليس هذه أول مرة يواجه فيها بوتين العاصفة. اندلعت الاحتجاجات ضد عودته للرئاسة 2012 وتعرض لعقوبات غربية ثقيلة بعد ضم شبه جزيرة القرم 2014، كما تفجرت الصيف الماضى احتجاجات شعبية على تزوير الانتخابات المحلية. لكن الفارق بين ما حدث بالسابق والآن، أن هناك زعيما واضحا للمعارضة، والأهم تصاعد الاستياء الشعبى من تدهور المعيشة، فقد أجبرت العقوبات وتدنى أسعار البترول الحكومة على تبنى إجراءات قاسية، فانخفظت الأجور وتدهورت أحوال أصحاب المعاشات.
عول بوتين على نجاحاته الخارجية وفرضه روسيا رقما صعبا بالمعادلات الدولية لصرف الأنظار عن المشاكل الداخلية، لكن معاناة المواطنين أنستهم الإنجازات. نجاح السياسة الخارجية له بريق ولمعان، إلا أن الاختبار الحقيقى هو مدى رضا الناس عن السياسة الداخلية.
هل يعنى ذلك أن رهان الغرب على بداية أفول عصر بوتين سليم؟. لا أعتقد، فرجل المخابرات السابق أدمن مواجهة التحديات والنجاة منها. حتى الآن الاحتجاجات محدودة وأمكن احتواؤها، وبالتالى، ليس هناك خطر حقيقى على سلطة بوتين، لكن من يدرى كيف ستتطور الأمور خلال الفترة المقبلة؟.