Close ad

التكنولوجيا .. والسعادة؟!

4-2-2021 | 11:32

هل حققت لنا التكنولوجيا السعادة التي كنا نتمناها؟
 
سؤال إن طرحته على أي جماعة من الناس، غالبًا ستتراوح إجاباتهم بين "إلى حد ما" لدى الشباب، و"النفي القاطع" لدى الأكبر سنًا، خاصة لمن أدرك زمنًا من الماضي، حين كانت "عدة التليفون" في المنزل أداة الأسرة للتواصل مع العالم الخارجي، وشاشة التليفزيون "الأبيض والأسود" وميكرفون الإذاعة هما مصدره الوحيد لمعرفة أخبار العالم..
 
صحيح أن التكنولوجيا رفعت مستوى الرعاية الصحية، وزادت من عمر الإنسان الافتراضي، ورفعت من مستوى نوعية الحياة..
 
وأن الذكاء الاصطناعي سيجعل حياتنا أسهل بكثير، وإن كان سيبتلع ويُلغي أغلب وظائفنا.. وإنترنت الأشياء، سيجعلنا نتحكم في كل شيء من حولنا..
 
وأن تكنولوجيا تعديل الجينات تعدنا بإمكانية القضاء على معظم الأمراض المستعصية في المستقبل..
 
وأن العقود المقبلة ستشهد نمو ظاهرة "الأطفال حسب الطلب"، حيث تلبي الهندسة الجينية طلبات "الأثرياء" الراغبين في رفع مستوى السعادة والذكاء والمناعة لدى أطفالهم الذين لم يولدوا بعد.
 
باختصار تعدنا التكنولوجيا بأن العالم سيكون تحت أطراف أصابعنا..
 
لكن رغم كل ما نمتلكه من تكنولوجيا، فهذا كله قد لا يحقق السعادة، فأعلى نسب الانتحار في العالم في الدول الإسكندنافية، الأعلى دخلًا والأكثر رفاهية وتكنولوجية.. وبالتالي لا يمكن ربط سعادة أي شعب بسرعات الإنترنت..
 
ففي أمريكا، بلد الأحلام والأغنى والأكثر تقدمًا، يتراجع معدل السعادة بشكل تدريجي منذ عام 2005؛ وفق تقرير السعادة العالمي، الذي تصدره الأمم المتحدة، بمشاركة عدد كبير من الخبراء، حيث تأتي أمريكا في المرتبة الـ15 وفق تقرير هذا العام!
 
فالتكنولوجيا لم تحقق لنا السعادة فحسب، بل ربما كانت مصدر تعاسة.. كيف ذلك؟
 
التكنولوجيا خلقت نوعًا جديدًا من القلق يصفه العلماء بـ"الخوف على المنزلة الاجتماعية"، بسبب المقارنة التي يجريها الإنسان بين نفسه وبين الآخرين على فيسبوك وانستجرام، وما قد يسببه ذلك من ارتفاع مستويات "الحسد"، وما قد يعقبه من "حزن نفسي شديد"، خاصة بين الشباب.
 
مجرد شعور الناس بأن تفاصيل حياتهم وأفكارهم على شبكات التواصل الاجتماعي يتم مراقبتها من أفراد ومؤسسات وحكومات، خلق نوعًا من القلق، سيزداد بلا شك بمرور الأيام..
 
التكنولوجيا رفعت من حجم توقعات الناس، ما أدى إلى نتائج سلبية، فهناك دراسات كثيرة تؤكد العلاقة وثيقة بين الاستخدام المكثف للموبايل وشبكات التواصل الاجتماعي، وبين ارتفاع مستويات القلق والاكتئاب واضطرابات النوم، خاصة لدى الشباب.
 
ورغم ذلك كله، هناك باحثون ركزوا على الدراسات التي تقول أن أكثر من 50% من السعادة له علاقة بالجينات وليس بتأثير حياة الإنسان، لذلك يتوقعون أن يبحث العلماء في المستقبل عن طرق لتعديل الجينات بحيث يولد الطفل وعنده "استعداد جيني" للسعادة!
 
وعلماء آخرون يبحثون عن طرق لزرع شريحة في الجسم تستطيع ضخ محفزات لهرمونات السعادة في الدماغ بشكل مستمر، وهناك تجارب فعلية في هذا الاتجاه، وهذا يختلف طبعًا عن "شريحة إيلون ماسك" التي ستُزرع في الدماغ لعلاج الأمراض المستعصية، ما يعني أن الدماغ سيكون مستودع "شرائح"!!
 
ومعظم أدوية الطب النفسي تعتمد على التأثير في هرمون الدوبامين في الدماغ، باعتباره المسئول عن التوازن النفسي للإنسان وأساسي في مقاومة الاكتئاب، لذا يوصف بـ"هرمون السعادة"، فهو المسئول عن الشعور الجميل الذي يعترينا عندما يحدث ما يُرضينا..
 
والتكنولوجيا نفسها متهمة بالسعي باستمرار للتحكم في إفراز هذا الهرمون، لتجلب السعادة للإنسان.. لكن؛ لأنه هرمون وناقل عصبي حساس جدًا، يتهم بعض الباحثين شبكات التواصل الاجتماعي بأنها تسبب نوعًا من الإدمان لإنتاج هذا الهرمون في الدماغ، من خلال ردود الأفعال الإيجابية التي يحصل عليها الناس من متابعيهم وأصدقائهم من "ابتسامات وإشادات ولايكات..
 
ويبقى السؤال، هل الإنسانية اليوم أكثر سعادة فعلا بسبب التكنولوجيا؟!
 
باختصار، تعامل مع التكنولوجيا بقواعد صارمة، واستفد منها قدر حاجتك، وإن لم يكن لديك "الكفاءة النفسية" لمقاومة "إغراءاتها الضارة"، فغالبًا ستجلب لك التعاسة أكثر من كونها سببًا للسعادة..

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
قصص إنسانية من الأولمبياد

البطولات الرياضية، وفي الصدر منها الأولمبياد، ليست مجرد ساحة لجني الميداليات، بل قد تكون فيها الكثير من القصص الإنسانية، فوراء كل بطل عظيم قصة رائعة..

الناجي الوحيد بعد "انقراض البشر"!

لم يعد الحديث عن نهاية العالم مقصورًا على تنبؤات السينما العالمية، بل إن كورونا ألهبت خيال البشر أنفسهم ودفعتهم إلى توهم نهاية العالم..

قبل أن تصبح أحلامنا لوحات إعلانية!

ربما يستيقظ أحدنا في المستقبل القريب، من دون مرض أو علة، ولسان حاله يقول: أنا مش أنا ، أو قد يراه أقرب الأقربين له بأنه لم يعد ذلك الشخص الذى نعرفه.. دماغه تغيرت.. أحلامه تبدلت

صيام "هرمون السعادة"!

وصفوه بأنه هرمون السعادة ، باعتباره الهرمون الذي يفرزه المخ بعد الحصول على المكافأة ويكون سببًا للشعور بها، لكنهم يصححون لنا هذا المفهوم اليوم، بأن دوره

أنف وثلاث عيون!

هناك قصة شهيرة للكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس تحمل هذا العنوان، لكننا هنا نتقاطع مع عنوانها في الاسم فقط، فعيون إحسان عبدالقدوس كن ثلاث نساء تقلب بينهن

أول فندق في الفضاء!

ربما يصبح حلم السفر في المستقبل في رحلات سياحية، بالطبع لدى فصيل من أثرياء العالم، ليس إلى شواطئ بالي أو جزر المالديف أو البندقية، بل إلى الفضاء.. نعم إلى الفضاء، هذا الحلم سيضحى حقيقة فى عام 2027!

الجلد الإلكتروني!

يبدو أن عالم تكنولوجيا المستقبل ستحكمه "الشرائح"، لكن شتان بين مخاوف من شريحة زعم معارضو لقاحات كورونا بأنها ستحتوي على شريحة لمراقبة وتوجيه كل أفعالك،

..واقتربت نهاية كورونا!

لم يحظ لقاح من قبل بجدل مثلما حظي لقاح كورونا، لأسباب كثيرة، أولها السرعة التي تم بها التوصل إليه، على عكس لقاحات لأمراض أخرى، ربما مضى على تفشيها مئات

يوم بدون محمول!

هل فكرت يوما التوجه إلى عملك من دون هاتفك المحمول؟ قد يفكر في ذلك من أنفق عمرًا في زمن الهاتف الأرضي، لكن من نشأوا في زمن المحمول سيرون الفكرة ضربًا من

أيهما الأكثر طرافة .. الرجال أم النساء؟!

على مدى التاريخ تحفل حياة الأمم بسير الظرفاء، وتتسع هذه المساحة لتشمل أشخاصًا خلدهم التاريخ، إما لفرط سذاجتهم كأمثال جحا، أو لكثرة دعاباتهم وكتاباتهم و"قفشاتهم"

إلا المخ يا مولاي!

رغم أن المخ كان ولا يزال لغزًا يحير العلماء، فإن الدراسات ما زالت تتوالى لفهم هذا العضو الرئيسي في الجهاز العصبي لدى الإنسان، والذي يتحكم في جميع الأنشطة

عبيد مايكروسوفت!!

في عام 1995 نُشرت رواية بعنوان "عبيد مايكروسوفت" تشبه تمامًا رواية جورج أوريل 1984، غير أن الأخيرة ذات أبعاد سياسية، أما الأولى فهي ذات أبعاد تكنولوجية،

الأكثر قراءة