على عكس الدول التى استقرت فيها مهنة الصحافة، وأصبح فيها أشكال محددة للصحف وأدوارها وتوجهاتها، تبدو صحافتنا، خاصة الالكترونية، لا هوية لها. هل هى رصينة أم شعبية أم تجمع بين الأمرين؟ ما علاقتها بالقارئ وهل تعرفه حقا؟
مناسبة ذلك الاحتفاء المبالغ فيه بأخبار أقل وصف لها أنها تافهة تخص فئة قليلة جدا بالمجتمع. من أجل التريند، يتم نفخ هذه النوعية واستدعاء أخبار مماثلة من الماضى لتنتقل الضجة للسوشيال ميديا، فتصبح حديث الناس. ولو فكرنا قليلا وتساءلنا: ما القضية؟ ربما لن نجدا شيئا ذا قيمة.
قبل أيام، «تفجرت» ما سميت التورتة الجنسية بعد تداول نشطاء التواصل صور سيدات بنادى الجزيرة، يتداولن تورتة على شكل أعضاء جنسية. سريعا، بثت المواقع الخبر «الكبير» وتحدثت الفضائيات. أدان البعض وتعاطف آخرون. قبل ذلك، اندلعت معركة فستان إحدى الفنانات، ثم تصريحات مثيرة للفنانة نفسها. مجددا، ما القضية؟. فى وقت يشكو فيه الإعلام والصحافة أزمات مالية خانقة تفاقمت مع كورونا ونتج عنها تسريح عشرات الصحفيين، يتم إفراد المساحات لأحداث كتلك؟
ما هى أولويات صحافتنا، وهل نأكل من نفس المعين.. البحث عن الشعبية والتريند وتجنب قضايا تحتاج جهدا حقيقيا ومعلومات؟ للمفارقة، بنفس الفترة، ظهرت قضايا جماهيرية كمشكلة اللقاحات ومصنع الحديد والصلب، ولم يكن لمثل هذه المواقع والفضائيات إسهام كبير بمعالجتها صحفيا. فقط نشر بيانات رسمية ومقالات.
ليس معنى ذلك أن صحافة العالم لا تهتم بهذه القضايا «الحراقة». العكس صحيح. هناك من يتابع، لكنه ينتمى لفئة الصحافة الشعبية أو الصفراء، ولها جمهورها بالمناسبة. أما الصحافة الرصينة، فلديها أجندة محددة تعصمها من الانسياق وراء التريند وفزاعة «الجمهورعايز كده».
قبل 60 عاما، استخدم الرئيس عبدالناصر هذا التلهى بقضايا لا تهم المجتمع كأحد مبررات تأميم الصحافة قائلا: «المجتمع الذى نريد بناءه ليس مجتمع النادى الأهلى والزمالك والجزيرة ولا سهرات الليل. بلدنا هى كفر البطيخ والناس اللى لابسة برانيط قش وبيجمعوا الرز. بلدنا ما هياش أبدا فلانة اتجوزت وفلانة اتطلقت».. وبالتأكيد بلدنا مش هوانم التورتة ولا فنانة الفستان.