Close ad

ترامب يتنمر بـ"كوبا" قبيل رحيله "المهين"

18-1-2021 | 11:18

كوبا دولة نامية مسالمة، لا تشكل تهديدًا اقتصاديًا ولا أمنيًا ولا حتى أيديولوجيًا - لا من قريب أو من بعيد - ضد الولايات المتحدة، باعتراف الرئيس السابق أوباما.

لذلك بادر أوباما بزيارة كوبا، في عام 2015، قبل مغادرته البيت الأبيض بوقت قصير، وأعلن عن بدء تصحيح سياسات لإدارات متعاقبة بواشنطن، ممتدة لستة عقود، أملا في إغلاق صفحة العداء السافر، والحصار الأمريكي الظالم، ضد هافانا.

قبل تسعة أيام من الرحيل "المهين" للرئيس دونالد ترامب، وبهدف وضع عقبات أمام أي إعادة تشكيل مستقبلية للعلاقات بين هافانا وواشنطن، في عهد الرئيس المنتخب جو بايدن، أدرجت الحكومة الأمريكية جمهورية كوبا، في القائمة أحادية الجانب لـ "الدول الراعية للإرهاب"، والتي كان أوباما قد أخرجها منها عام 2015.

وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، غير المأسوف على رحيله هو ورئيسه، قال في بيان منسوب له نصًا: "بهذا الإجراء، سنحاسب الحكومة الكوبية، مرة أخرى، ونرسل رسالة واضحة: يجب على نظام كاسترو إنهاء دعمه للإرهاب الدولي وتخريب العدالة الأمريكية".

كوبا ليست دولة راعية، بل ضحية للإرهاب، تلك حقيقة مثبتة يعرفها - بكل تأكيد - الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، ووزير خارجيته، والمسئولون عن إنفاذ القانون وتطبيقه.

تاريخيًا، مثبت - أيضًا - أن كوبا تعرضت لقائمة طويلة من الهجمات الإرهابية، وقد تواطأت إدارات البيت الأبيض المتعاقبة في تمويلها ورعايتها، مع أفراد وتنظيمات مناوئة لهافانا، مما تسبب في مقتل 3478 شخصًا، وخلف 2099 معاقًا، بما فيها الهجوم الإرهابي على رحلة الطائرة الكوبية رقم 455، في عام 1976، وبلغ عدد ضحاياها أكثر من 70 قتيلا.

يعرف القاصي والداني أن القائمة الأمريكية لتصنيف الدول بالإرهاب، تفتقر إلى الاعتراف الدولي، لأنها تستهدف - بالأساس - التشهير بالبلدان التي توجد للولايات المتحدة خلافات أو تناقضات معها، وبالتالي، تتذرع واشنطن - وحدها دون غيرها - باتخاذ تدابير اقتصادية قسرية لمعاقبة دول، مغلوبة على أمرها، كما هو حال كوبا.

طوال عهد ترامب الأسود، وصلت اللوائح والأحكام العديدة التي أصدرتها حكومة الولايات المتحدة ضد كوبا إلى مستويات غير مسبوقة من العداء، ومن أبرز الأمثلة: تزايد اضطهاد التعاملات المالية والتجارية في كوبا؛ حظر الرحلات الجوية من الولايات المتحدة إلى جميع المقاطعات الكوبية، باستثناء هافانا؛ اضطهاد وترهيب الشركات التي ترسل إمدادات الوقود إلى كوبا، والحملة المنظمة لتشويه سمعة برامج التعاون الطبية الكوبية.

المثير للقلق - بشكل خاص - يتلخص في حزم الإجراءات الخمس التي تبنتها إدارة ترامب في عام 2019، من أجل مراقبة وفرض تدابير عقابية ضد الشركات والسفن وشركات الشحن البحري التي تنقل الوقود إلى كوبا، وجميعها يستهدف التدخل في الشئون الداخلية لكوبا، والتقويض الصريح لحرية التجارة والملاحة الدوليين.

في هذا السياق، جرى فرض عقوبات غير مشروعة على 27 شركة و54 سفينة و3 أفراد مرتبطين بالقطاع، ولم يكن أي منهم من أصل الولايات المتحدة أو خاضع لولايتها، مما يعد انتهاكًا جديدًا وصريحًا وقاسيًا للقواعد والمبادئ التي يقوم عليها نظام العلاقات الدولية، بما في ذلك معايير التجارة الدولية.

هذه التدابير الأمريكية المشددة، في عصر ترامب، ترتب عليها تأثير قوي على الأنشطة الاقتصادية لكوبا، ولا سيما تلك المتعلقة بعمليات التجارة الخارجية والاستثمارات الأجنبية.

أجبرت هافانا على اتخاذ تدابير اقتصادية طارئة ومؤقتة، تستهدف التخفيف من آثار الحصار، وتدعيم الشركات الحكومية، وممكن اتخاذها - فقط - في بلد منظم، مع شعب متحد وداعم، ومستعد للدفاع عن نفسه من العدوان الأجنبي، والحفاظ على العدالة الاجتماعية المحققة والمكتسبة.

بداية من شهر أبريل عام 2019 وحتى مارس 2020، تسبب الحصار في خسائر لكوبا في حدود 5570.3 مليون دولار، ويمثل هذا زيادة بنحو 1226 مليون دولار عن الفترة السابقة.

في هذا السياق، شكلت آفة الوباء العالمي كوفيد-19 تحديات ملحوظة أمام كوبا، وكانت جهود الحكومة لمكافحتها محدودة بشكل كبير بسبب لوائح الحصار الأمريكي.

بدا واضحًا من تشديد الحصار الأمريكي لكوبا تغول طابع الإبادة الجماعية، في خضم المواجهة مع فيروس كورونا المستجد، حيث استخدمته حكومة الولايات المتحدة، ولا سيما لعنصر تجاوز الحدود الإقليمية، لحرمان الشعب الكوبي عمدًا من أجهزة التنفس الصناعي، الكمامات، أدوات التشخيص، النظارات الواقية، البدل الواقية، القفازات، الكواشف وغيرها من المستلزمات الضرورية لإدارة هذا المرض، ويمكن أن يعني توافر هذه الموارد بكوبا الفرق بين الحياة والموت للمرضى الذين يحملون الفيروس، وكذلك للعاملين الصحيين الذين يعتنون بهم.

في تصريحات سابقة، وصف وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، السياسات الأمريكية بأنها غير إنسانية وغير شرعية، وتخرق بشكل صارخ المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة، وتؤجج الهستيريا المعادية والحقوق المطلقة لمواطني كوبا.

أما المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو لي جيان، فقد أكد معارضة بكين بشدة القمع السياسي والعقوبات الاقتصادية التي تفرضها واشنطن على هافانا بذريعة محاربة الإرهاب، مؤكدًا أن الولايات المتحدة - في عهد ترامب - هي أكبر عنصر مزعزع للسلام والأمن العالميين، بتقويضها للتعاون متعدد الأطراف، واتباع طريق الأحادية، والانسحاب باستهتار من المعاهدات والمنظمات، واللجوء بشكل تعسفي لاستخدام العقوبات أو التهديد بفرض عقوبات.

حسب صحيفة نيويورك تايمز، قد تعيد إدارة بايدن النظر في قرارات ترامب الجائرة ضد كوبا، غير أن هذه العملية قد تستغرق عدة أشهر.

الرئيس الكوبي ميجيل دياز كانيل كان قد أعلن استعداده للتحدث مع الرئيس الأمريكي المنتخب بشأن أي موضوع، قائلًا: "ما لسنا على استعداد للتفاوض بشأنه وما لن نتنازل عنه هو الثورة والاشتراكية وسيادتنا".

أضاف الرئيس الكوبي: "نعترف بأن الشعب الأمريكي اختار نهجًا جديدًا خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، نؤمن بإمكانية إقامة علاقات ثنائية بناءة تستند لاحترام الاختلافات".

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: