الإخفاق الجديد للاجتماع السداسى الذى ضم وزراء خارجية ومياه كل من مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة أمس الأول لم يكن مفاجئا لأحد.. فالمفاجأة - فى تقديري- كانت ستحدث لو تحقق أى اختراق أو تقدم ملموس أو طفيف..لأنه ببساطة لم يكن هناك تغيير فى المواقف أو مؤشرات تدل على أن انفراجة يمكن أن تحدث!!
لكن اللافت خلال الجولات الأخيرة لتلك المباحثات هو موقف السودان الذى أصبح أكثر تشددا وضجرا وضيقا من المفاوضات بعد إعلانه مرة مقاطعته لها.. ووصفه أمس الأول المباحثات بأنها (دائرة مفرغة) لا يمكن للخرطوم أن تستمر فيها إلى ما لا نهاية بالنظر لما يمثله السد من تهديد مباشر لخزان الروصيرص الذى تبلغ سعته التخزينية أقل من 10% من سعة سد النهضة إذا تم الملء والتشغيل دون اتفاق وتبادل يومى للبيانات. وأضاف وزير الرى السودانى أن بلاده قدمت احتجاجا شديد اللهجة إلى أديس أبابا والاتحاد الإفريقى بشأن إرسال إثيوبيا خطابا إلى الاتحاد والقاهرة والخرطوم فى 8 يناير الحالى أعلنت فيه عزمها الاستمرار فى ملء السد للعام الثانى فى يوليو المقبل بمقدار 13.5 مليار متر مكعب بغض النظر عن التوصل إلى اتفاق من عدمه.. محذرا من أن هذا الأمر يشكل تهديدا جديا للمنشآت المائية السودانية ونصف سكان بلاده!!
الآن فقط أدرك السودان الشقيق الخطر الحقيقى للسد وأصبح يكرر عبارات كثيرا ما رددتها مصر وطالبت بضرورة كبح جماح إثيوبيا خاصة عندما وقعت منفردة اتفاق واشنطن الذى تخلفت عنه أديس أبابا فى اللحظات الأخيرة وتحفظت الخرطوم رافضة التوقيع.. وربما لو كان موقف السودان مغايرا حينذاك ومنسجما مع موقف مصر لكان الأمر مختلفا!!
على أى حال نحن لا نبكى على لبن مسكوب.. ولكننى فقط مازلت غير متفهم إعلان جميع الأطراف تمسكهم بمفاوضات فاشلة عرجاء.. فى وقت تؤكد فيه إثيوبيا أنها ماضية فى خطتها الشريرة لملء سد قد يؤدى لإغراق السودان، والإضرار بـمصر!!