أطلَّ علينا العام الجديد ليصفعَنا فى ثانى أيامه بخبر وفاة الكاتب والسيناريست المبدع «وحيد حامد»، الذى أثرى المسرح والسينما المصرية والإذاعة والتليفزيون بأكثر من 80 عملا فنيا.
ولد «وحيد حامد» فى أول يوليو عام 1944 بمحافظة الشرقية.. هو برج السرطان والرقم 1 فى ميلاده هو رقم الشمس، أما الكوكب المسيطر على برجه فهو «القمر».
العنصر المُعبّر عن برج السرطان هو الماء، والماء فى الأبراج يرمز للإحساس والبصيرة. كما أن الرمز المعبر عن هذا البرج هو سرطان البحر، لذلك يجد هذا المخلوق نفسه فى العيش على ضفاف البحار والأنهار. قد يفسر لنا ذلك عشق «وحيد حامد» لنهر النيل.. إذ كان النيل الذى تتناوب عليه أشعة الشمس والقمر هو مصدر الإلهام له. يُعرف عن كاتبنا الراحل أنه لا ينجز كتاباته إلا فى مكان مخصص له فى أحد الفنادق المطلة على النيل، وعلى صفحة النهر الخالد ولدت كتابات وإبداعات «وحيد حامد». مولود السرطان القمرى لديه كل وجوه القمر، بداخله كل المشاعر.. يتحول من شكل لشكل، مرة هلال ومرة بدر وعندما يكون فى المحاق يكون مظلما فلا نراه. الشخص السرطانى عاشقٌ أيضا لوجه «القمر» فهو كوكبه الذى يمده بالعاطفة ويساعده أن يشعر بالانفعالات المختلفة للبشر.
الغريب أن أول مجموعة قصصية تصدر لوحيد حامد كانت تحمل اسم «القمر يقتل عاشقه» وقد بدأ مشواره الأدبى بكتابة هذه المجموعة من القصص القصيرة، ذلك قبل أن يتجه لكتابة الدراما بناءً على توجيه من الأديب الراحل «يوسف إدريس» الذى اكتشف فيه هذه الموهبة.
الكاتب وحيد حامد لم يتأثر فقط بصفات القمر، لكنه يمتلك أيضا صفات الشمس التى تمنحه جاذبيتها ليعرض دائما أفكاره بأسلوب شيّق وجذاب. «الشمس» ذلك النجم الثابت منحت هذا الكاتب المختلف ثباتا فى الأفكار والمواقف، وعلى الرغم من قدرته على التعبير عن كل الانتماءات وإحساسه بكل شخص، فهو واضح وضوح «الشمس» فى مواقفه وآرائه. قد ينتقده البعض بأن أعماله تفرض وجهة نظره على المتلقي، لكن هكذا هو النظام الشمسى صارم وعنيد. هذا النظام يجعله يتمسك بطقوس غريبة فى الكتابة، إذ كان يكتب أعماله على أوراق ملونة وبأقلام ملونة وفقا للشخصيات التى تدور فى خياله، وبما أن أمامنا كاتبا يملك صفات الشمس والقمر معا فبالتأكيد هو قادر على إنارة العقول والأفكار والطرق. نعم كانت كتاباته وإبداعاته مصدرا للمعرفة على كل المستويات التاريخية والنفسية والمجتمعية والسياسية.. كانت مصدرا للضوء المُسلّط على أشكال الفساد المختلفة فى فيلم «طيور الظلام» و«كشف المستور» و«اللعب مع الكبار»، وعلى عقول البسطاء فى فيلم «البريء» و«الإرهاب والكباب».
وحيد حامد هو النبراس لإرساء معنى الحرية والأخلاق فى «سوق المتعة»، هو «طائر الليل الحزين» المهموم بقضايا وطنه، هو الباحث عن الكرامة والضحكة الصادقة كى «تطلَع الصورة حلوة».