Close ad

من البلازما إلى الأكسجين .."التجارة الحرام" في مرضى كوفيد ١٩

7-1-2021 | 14:58
من البلازما إلى الأكسجين التجارة الحرام في مرضى كوفيد ١٩أسطوانات أكسجين
داليا عطية

شبكة متوحشة نشأت عقب انتشار جائحة كوفيد19 للتجارة في مستلزمات الوقاية من الفيروس التي باتت منتجات إستراتيجية ونسجت تلك الشبكة خيوطها القاتلة للمرضى المصابين بالعدوى في كافة محافظات الجمهورية لتقيم صفقات مُحرمة "بحسب تأكيدات الأزهر لـ"بوابة الأهرام" علي حساب أرواح الناس تحتكر مستلزمات المرضى الطبية التي تمكنهم من استعادة الحياة لتساومهم بعد ذلك :"إما الدفع أضعاف الثمن أو الوفاة ".

موضوعات مقترحة

المرضى رأس المال

لم يكن مرضى "كورونا" أمام خيار آخر فالعدوى أصابت صدورهم وأعلن الفيروس هجمته الشرسه علي رئتهم فمنعها استنشاق الهواء بالشكل الطبيعي ولكي يتمكنوا من الحياة عليهم توفير سعر أسطوانة الأكسجين الطبي الذي فرضته السوق السوداء حتى لو اضطرهم ذلك إلي الاقتراض أو الاستدانة أو بيع كل ما هو نفيس لديهم .. كل هذا لا يهم فسماسرة كوفيد19 لا تردهم آلام المرضى ولا يهزهم موتهم إن هؤلاء يرددون في قساوة :"كم سنجني من الأرباح قبل أن تنجلي الجائحة".

الصفقة الأولى .. الكمامة والكحول

بدأت أولى صفقاتهم المحرمة عقب انتشار الموجة الأولي للفيروس فاحتكروا المستلزمات الوقائية بعد أن طالبت الدولة المواطنين بالتزام الكمامة والكحول للوقاية من العدوى ونبهت علي ذلك وسائل الإعلام لتثير تنبيهات الدولة ووسائل الإعلام شهية أولئك السماسرة :"ولما لا وقد يتزايد الطلب علي هذه المستلزمات خلال الفترة المقبلة"! فذهبوا نحو احتكارها من الأسواق وطرحها بعد ذلك للمستهلك بأسعار مضاعفة تخطي مكسبها 500% لتصبح "الكمامة والكحول" صفقتهم الأولي .

الدولة تفسد "بيزنس الموت"

ما أن علمت الدولة بذلك إلا وتحركت علي الفور بتوفير المستلزمات عبر خطوط إنتاج مصانع الإنتاج الحربي وضخها في كافة منافذ البيع المخصصة لها علي مستوي محافظات الجمهورية وبسعر التكلفة لتفسد بذلك الدولة "بيزنس الموت" الذي هدد مواطنيها ونشر في نفوسهم الخوف والهلع إلي جانب شعور "كوفيد19" ذلك الفيروس المجهول.

الصفقة الثانية .. البلازما
بعد إعلان وزارة الصحة والسكان نجاح بلازما الدم للمتعافين من كورونا في مد المصابين بالأجسام المضادة التي تعمل علي مكافحة الفيروس ومن ثم تمكنهم من التعافي عاد السماسرة من جديد غير مترددين في الإتجار بها وبيعها بأسعار وصلت إلي 20 ألف جنيه لتصبح البلازما صفقتهم الثانية لتتدخل الدولة علي الفور بتحذير المواطنين من الحصول علي البلازما من غير خضوع المتبرع لتحاليل تحدد ما إذا كانت صالحة للاستخدام أم لا كما قامت بتوفيرها في المستشفيات الحكومي للمرضى.

كر وفر
محاولات كر وفر بين الدولة والسماسرة منذ انتشار الجائحة ففي الوقت الذي تبحث فيه عن اللقاح وتشارك الدول التي سبقتنا بالإصابة تجاربها مع الفيروس وتخطو نحو تأمين احتياجات المواطنين من مستلزمات الوقاية من العدوى تجد نفسها علي النحو الآخر تلاحق سماسرة الأزمة .

الصفقة الثالثة.. أسطوانات الأكسجين

بعد أن دخلت مصر في موجة ثانية للفيروس وارتفع الطلب علي أسطوانات غاز الأكسجين حيث الحالات الحرجة التي تعاني ضيقًا في التنفس عادوا السماسرة محتكرين تلك الاسطوانات لتصبح صفقتهم الثالثة ففي كل مرحلة يحتاج فيها مريض"كورونا" لطوق نجاة يظهرون ويحتكرون ذلك الطوق ليقيمون به صفقاتها غير المنقطعة .

المحضر 39991 جنح يكشف الصفقة

تواصل الدولة بجهد غير منقطع ملاحقة صفقات كورونا وكيف ينقطع جهد الدولة وفي اتصاله حماية أرواح مواطنيها والمحافظة علي أمنها القومى إلا أنه في المقابل تواصل تلك الصفقات اتساعها وتتحول إلي عمل جماعي كشفه المحضر رقم 39991 لسنة 2020 بكفر الزيات فبحسب مديرية التموين والتجارة الداخلية بمحافظة الغربية قام مصنع لتعبئة الأكسجين ببيع الأسطوانات بأسعار أعلي من سعرها المقرر للمرضي لتحقيق أرباح طائلة وتم تحرير محضرا بالواقعة ضد مسئول المصنع حمل رقم 39991 جنح لسنة 2020 .

السعر يقفز 350 جنيها

بسبب السماسرة ارتفعت أسعار الأكسجين بنحو 350 جنيهًا عما كانت عليه من قبل ففي سلاسل الصيدليات تبلغ قيمة أسطوانة الأكسجين الطبي بحجم 3 أمتار مكعبة 1700 جنيه، وحجم 4 أمتار مكعبة 1990 جنيهًا، وقد كانت تلك الأسعار قبل أشهر منخفضة عن ذلك بنحو 350 جنيهًا في كل أسطوانة، أما أسعارها في السوق السوداء فتبلغ أضعاف ما سبق.

محدودو الدخل
تفوق تلك الأسعار طاقة المرضى محدودي الدخل، وفي الوقت ذاته لا غني لهم عن توفير أسطوانة الأكسجين فهي المنقذ الوحيد من اختناق رئتهم والسبيل الوحيد لعدم مفارقة أبنائهم وذويهم والفرصة الأخيرة لإنهاء الألم واستعادة الحياة من جديد فماذا إذن يفعلون؟!.

"حميات شنتنا" تستغيث

شبكة السماسرة تخطو نحو تجارتها المُحرمة غير مباليه إلا للمكسب فقط وما زالت تنسج خيوطها أينما وُجد مريض بـ "كورونا" ففي قرية شنتنا التابعة لمركز بركة السبع يستغيث الأهالي بـ"بوابة الأهرام" من نقص أسطوانات الأكسجين الطبي بمستشفى حميات "شنتنا الحجر".

مفيش أكسجين للمرضى

يقول شبل محمد، يعانى المستشفى نقصا في أسطوانات غاز الأكسجين الطبي، مما يجعل المستشفى عاجزا عن استقبال الحالات الحرجة لعدم قدرته على توفير الأوكسجين لهم، مناشدًا سماسرة كوفيد19 :"ارحموا من يبحثون عن فرصة للحياة ويتشبثون بأسطوانة أكسجين ليعودوا من جديد إلى أحضان أطفالهم وذويهم".

من يشق على الناس آثم

وعن هؤلاء يقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر في حديثه لـ"بوابة الأهرام": من شق علي الناس في حجب أسطوانات الأكسجين الطبي وما يماثل ذلك فهو آثم، مستشهدًا في ذلك بقول الرسول، صلي الله عليه وسلم :"اللهم من رفق بأمتي فارفق به ومن شق على أمتي فاشقق عليه".

المحتكر ملعون
يشير أستاذ الشريعة الإسلامية إلي قول الرسول، صلي الله عليه وسلم :"المحتكر ملعون" وفي رواية :"خاطئ وتوعده الله تعالي بالأمراض والإفلاس" مؤكدًا أن احتكار السلع التي يحتاجها الناس في معايشهم كالقمح والذره والزيوت والألبان، كذلك ما تتوقف عليه حياة المرضي مثل أسطوانات هواء الأكسجين والأدوية الضرورية للأمراض المستعصية والمزمنة والمعدية، فإن التجارة في هذه السلع لرفع أسعارها وحجبها عن ذوي الحاجات من المعاملات المُحرَّمة المُجرَّمة .

حماية المستهلك

ويحظر قانون حماية المستهلك في المادة (8) حبس المنتجات الإستراتيجية المعدة للبيع عن التداول وذلك عن طريق إخفائها أو عدم طرحها للبيع أو الامتناع عن بيعها أو بأية صورة أخرى، وبحسب المادة (71) يعاقب محتكر السلع بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه، أو ما يعادل قيمة البضاعة موضوع الجريمة .

تدخل مطلوب لمجلس الوزراء

رغم جهود الدولة غير المنقطعة في حماية المرضى وتأمين احتياجاتهم الطبية التي فرضتها جائحة كورونا إلا أن الصفقات المحرمة التي تقيمها سماسرة كوفيد19 تتطلب اتساع دائرة المسئولين عن ضبطها وألا يقتصر ذلك علي وزارة الصحة والسكان فحسب، خاصة أننا أمام مستلزمات استراتيجية وأرواح تفقد حياتها وقد أعطى قانون حماية المستهلك تفويضًا لرئيس الحكومة بالتدخل لضبط هذا المشهد إذ تمنحه المادة (71) صلاحية تحديد المنتجات الإستراتيجية لفترة زمنية محددة وضوابط تداولها والجهة المختصة بذلك، إضافة إلي ذلك تنص المادة علي أن يصدر رئيس الحكومة قرارًا بما سبق وينشر القرار في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار، ويلتزم حائزها لغير الاستعمال الشخصي بإخطار الجهة المختصة بالسلع المخزنة لديه وكمياتها، ومن ثم تمتد يد الدولة لتحيط أكثر بأولئك السماسرة الذين يغتالون مرضى كورونا في كل مرة يحتكرون فيها منتجًا بات ضروريًا لحياتهم واستراتيجيًا للأمن الدوائي.
 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة