حين اتجه الأثري أوجست مارييت لسقارة عام 1850، لم يكن طريق صحراء الجيزة، المتجه للأهرامات وسقارة ممهدًا حيث سلك مثل كافة الأثريين الذين سبقوه صحراء الجيزة مستخدمًا نفس أدوات النقل فى القرن التاسع عشر، وهى الحمير والدواب والأبل، وقرر عام 1852م أي قبل تمهيد الطريق الذي يوصل لأهرامات الجيزة بأكثر من ربع قرن، أن يستمر فى الحفر فى سقارة والإقامة فى مصر.
موضوعات مقترحة
اكتشف مارييت فى سقارة السرابيوم، وعشرات الاكتشافات الأثرية الآخرى التى توصف حتى الآن بالعظيمة لأهميتها، منها تمثال كاعبر الخشبى، الذي يطلق عليه تمثال شيخ البلد، وقد تم تعيين مارييت مديرا للمتحف المصري ومديرا لمصلحة الآثار، حتى وفاته عام 1881م، ودفن فى تابوت خاص أمام المتحف المصري بناء على وصيته.
وفى 30 نوفمبر عام 1869م، أى منذ 151 سنة، قرر الخديوي إسماعيل تعميد طريق للاتجاه من القاهرة الخديوية حتى منطقة الأهرامات بالجيزة، حيث تم الانتهاء من الطريق الذي تم شقه بالسخرة، لتسير عليه عربات الدواب التى تقل الضيوف الأجانب والزائرين فى افتتاح قناة السويس، فيكون الطريق ممهدا نحو أهرامات الجيزة، ليكون راحة للأثريين والزائرين.
يؤكد على عاشور الجابري، فى كتابه الذي ضم رحلاته لأهرامات الجيزة وسقارة في خمسينيات القرن الماضي، أن الطريق الذي تم تمهيده فى عهد الخديو إسماعيل نحو منطقة الأهرامات، استمر حتى عام 1933م حيث تم تهذيبه، وانتشر على جانبى الطريق المنازل التى حجبت رؤية الأهرامات، وفى عام 1958م قررت الحكومة المصرية تجميله وصار من أحسن الطرق، مؤكدا أن فى القرن التاسع عشر كانت محطة بداية الوصول للأهرامات ميدان الأوبرا، حيث يجتمع عدد كبير من الدواب والخيل والحمير يقودها شباب أشداء، لحمل الزائرين ومنهم أثريون.
وكان الشباب يتفنون فى تزيين الدواب والسراج ويطلقون عليها أسماء مختلفة مثل: جونسن، وجورج ،وجيمس، وماكس، وجاك، وهى الدواب المخصصة للأصحاء، أما العجائز وغير الأصحاء فكانوا يفضلون ركوب العربات التى تجرها الأحصنة، وكانوا يطلقون مسميات مثل: دبلن، لندن، إكسبريس المريخ على هذه الجياد، وبعد السيارات تم تقسيم الأجرة بين الأهرامات لوحدها، وبين سقارة ومنفيس لوحدها.
ويوضح الجابرى فى رحلاته، أن أجور الدواب استمرت فى سقارة ومنطقة الأهرامات حتى خمسينيات القرن الماضي، حيث كان يقبل عليها السياح، بأجرة زهيدة فكان الحمار ب10 قروش أجرة، و15 قرشا للجمل ،و15 قرشا للحصان فيما كان أجرة المرشد اليومى هو 2 جنيه، أما الدليل فأجره اليومى 1 جنيه فقط.
ويقول الخبير الأثري نصر سلامة فى تصريحات لــ"بوابة الأهرام" أن مارييت استمر يعمل فى سقارة بجد ونشاط فى نهايات القرن التاسع عشر، وقام بعمل استراحة دائمة له فى المنطقة تبعد 100 متر عن مقبرة السرابيوم، مؤكداً أن مارييت اكتشف فى نوفمبر 1581م توابيت عجل أبيس المحنط بعقود الذهب والأحجار النفسية ، كما اكتشف تمثال كاعبر التمثال الخشبى المحفور على خشب الجميز الذي تم إطلاق مسمى شيخ البلد عليه.
ويوضح سلامة أن العمال الذين كانوا يعملون مع مارييت فى سقارة اكتشفوا التمثال الخشبى، الذي كان كأنه تدب فيه الحياة لدقته وروعته، وقد يقال أنه كان قريب الشبه من شيخ البلد الذي ينتمى له العمال، فأطلقوا عليه شيخ البلد، وهو الاسم الذي صار شائعا على الألسنة، خلاف كاعبر كبير الكهنة وكاتب جيش الملك، مضيفاً أن التماثيل الخشبية انتشرت كثيراً فى مصر منذ عهد الدولة القديمة ،وقد كان يتم وضعها حتى تتعرف الروح عند عودتها على صاحبها ،حسب الاعتقادات الفرعونية القديمة.
الجدير أن اكتشاف سقارة الأخير الذي يوصف بأنه أعظم كشف أثري حدث عام 2020م، وتم اكتشاف عدد من التماثيل الخشبية، حيث عرض الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، لحظة اكتشاف التمثال الخشبي داخل مقبرة "بنو مس" القاضي وهو لشخص يدعى "حتب كا" وكان يشغل وظيفة المبجل لدى الملك.
قصة الأثري مارييت بصحراء سقارة
قصة الأثري مارييت بصحراء سقارة
قصة الأثري مارييت بصحراء سقارة