فلاحة فقيرة من محافظة الدقهلية والدها كان مؤذنا لمسجد القرية ومنشدا، دينيا وكان يمكن أن يقتصر دورها فى الحياة على إحياء حفلات الزفاف بقريتها طماى الزهايرة، ولكنها أصبحت أسطورة الغناء العربى ومعشوقة الجماهير من المحيط للخليج.
اسمها الحقيقى فاطمة إبراهيم البلتاجي، أما شهرتها فأم كلثوم.. أو كوكب الشرق.. أو سيدة الغناء العربى، ويحل بعد أيام وتحديدا يوم 31 ديسمبر ذكرى ميلادها الـ 122. أم كلثوم كانت تملك حنجرة ذهبية لا مثيل لها، ولكن ذلك لم يكن كافيا لتحقق ما وصلت إليه من مكانة رفيعة لولا وجود كوكبة من المؤلفين والملحنين المتميزين إلى جوارها أدركوا قيمتها وقدراتها الفنية وارتفعوا بها لعنان السماء.
سر أم كلثوم هو أنها لم تكن فردا بل مؤسسة فنية كبرى تضم شعراء بحجم أحمد رامي، وملحنين كبارا منهم أبوالعلا محمد ومحمد القصبجى والعبقرى رياض السنباطى أعظم من لحن الأغنية العربية فى العصر الحديث.
لولا رامى الذى درس فى السوربون وتعلم الفارسية فى فرنسا لما غنت رباعيات الخيام التى ترجمها رامى من الفارسية وربما ما كانت لتسمع عن محمد إقبال الشاعر الباكستانى العظيم الذى غنت له حديث الروح. ولو كان السنباطي، المتصوف موسيقيا، غير موجود فى عصرها فمن كان سيلحن لها الأطلال وقصة الأمس وثورة الشك ونهج البردة ورباعيات الخيام، وهى قصائد من العيار الثقيل وبها من المشاعر العميقة والفلسفة والتراكيب اللفظية ما لا يقدر على تلحينها سواه. هذه رسالة لكن من يظن أنه وحده قادر على تحقيق النجاح الكبير.