الطريقة التي يتعامل بها غالبية الناس مع كورونا؛ محبطة؛ لاسيما أن الموجة الجديدة من الفيروس شديدة التأثير والانتشار؛ بما يعني أننا على شفا الولوج لكارثة لا نعلم مداها؛ فعدد الإصابات الذي تعلنه وزارة الصحة يتزايد يومًا بعد يوم؛ وأتذكر تصريحًا لوزير التعليم العالي قاله أثناء الموجة السابقة للفيروس؛ أنه من المنطقي ضرب الرقم المعلن في خمسة أضعاف.
وأنا أزيد؛ فالأرقام المعلنة هي الخاصة بوزارة الصحة؛ فهل نعرف عدد المصابين بكورونا الذين تم عمل مسحة لهم في جهات خاصة؛ وثبتت إيجابياتها؛ أضف أيضًا الحالات المشتبه حملها للفيروس؛ ويتم خضوعهم للعزل المنزلي؛ نسبة ليست بالقليلة منهم تكون حاملة للفيروس؛ كل ذلك يؤكد أن أرقام الإصابات أكبر مما نتخيل!
مما يؤدي ذلك إلى خروج الوضع عن السيطرة بشكل مفجع؛ نعم مفجع؛ فأعداد الإصابات في دول أكثر تقدمًا مرعبة؛ ومنهم من اضطر لإعلان الغلق الكامل؛ لمحاولة حصار الفيروس؛ أما اللافت للنظر؛ فهو رد فعل الناس في هذه البلاد؛ فقد التزمت تمامًا بكل إجراءات الحظر؛ خوفًا على حياتهم وحياة ذويهم.
فماذا نحن فاعلون في مصر؟
الحقيقة نسبة قليلة أراها تلتزم بالإجراءات الاحترازية؛ تحافظ على ارتداء الكمامة؛ تطبق قواعد التباعد الاجتماعي كما ينبغي؛ في المقابل النسبة الأكبر عكسها تمامًا؛ بما يحيلنا إلى انتظار السيئ في ارتفاع معدل الإصابات.
نظرة سريعة إلى وسائل المواصلات العامة؛ تكفي أن تُبين مدى الاستهانة بالوضع الحالي؛ وتومئ بأن تلك المقدمات المستهينة بالأمر؛ ستحيلنا إلى وضع كارثي في النهاية؛ لذلك لابد من السير في طريقين متوازيين.
الأول؛ تطبيق الإجراءات الاحترازية بمنتهى الشدة والحزم؛ فمشاهدة الناس لحسم التطبيق من شأنه أن يبث في نفوسهم القلق؛ لأن عددًا كبيرًا منهم يربط الأمر بتشديد أو تخفيف الإجراءات؛ ولنكون صادقين؛ هناك تراخٍ في تطبيق الإجراءات الاحترازية يشاهده العامة بوضوح شديد.
الثاني؛ تقليل الكثافات والتكتلات البشرية؛ وتعزيز التعامل عن بعد؛ سواء في العمل أو إنهاء الإجراءات البيروقراطية؛ فـتخفيف العمالة يعني تقليل أعداد الناس في مكان واحد؛ وكذلك تخفيف أعداد مستخدمي المواصلات العامة؛ مما سيكون له أثر إيجابي في تطبيق مفهوم العزل الاجتماعي بشكل عملي.
مع التوعية الإعلامية اللازمة بخطورة كورونا؛ فقد سمعت أحد الناس يقول إن الأعمار بيد الله؛ ليدلل على أن الموت قادم في موعده؛ وأنا أقول له؛ إن الله سبحانه وتعالى خلق الداء؛ كما خلق الدواء؛ وأمرنا بالأخذ بالأسباب؛ لذلك التوعية وخاصة الدينية لها مردود أكثر من رائع.
وأخيرًا؛ فرض بعض الإجراءات التي من شأنها تقليل أعداد الإصابات بكورونا؛ أفضل؛ أم الوصول لـقرار الغلق التام بآثاره السيئة على الاقتصاد المصري؛ ولماذا دائمًا تكون قراراتنا كرد فعل؛ ألم يحن أوان أن نسبق بخطوة؛ فعلى سبيل المثال؛ إجازة منتصف العام قاربت؛ لماذا لا نُفٌعل نظام التعليم عن بعد حتى نهاية هذا الفصل الدراسي؛ ولنتخيل جلوس هذا العدد الكبير من أبنائنا الطلاب؛ وكذلك مدرسوهم ؛ وما يمكن أن يؤدي ذلك إلى خفض أعداد الإصابات.
هذا أفضل أم تكرار سيناريو العام المنقضي بويلاته؟
إنه مجرد اقتراح يهدف بشكل ما إلى محاولة تقليل أعداد المصابين بكورونا؛ ذلك الفيروس اللعين القاتل؛ فمشاهدة آثار الإصابة به؛ كفيلة بوضع كل السبل المتاحة لحصاره؛ ولنا في ضحاياه عبرة لمن يعتبر.
،،، والله من وراء القصد
[email protected]