Close ad
17-12-2020 | 02:28

فجأة بين عشية وضحاها؛ أمسى هناك علاج لكثير من الأمراض؛ فنحن في طور التقدم العلمي الذي لا يتوقف لحظة واحدة؛ وكل ما عليك أن تعرفه عن ذلك التقدم هو مشاهدة الإعلانات التي تقطع ما تقدمه عشرات الفضائيات؛ لتُبهر به مشاهديها مما تقدمه من منتجات رائعة؛ تُخفف ما ألم بهم من أمراض!

فإن كنت تعاني من السمنة تلك الإعلانات ستدلك على العلاج اللازم؛ وهو بدوره سيخفض وزنك للدرجة المثالية في غضون أيام أيا كان عددها ولكنها أيام، وعندما تنظر لحالك وتحسب عدد الشهور والسنين التي قضيتها وأنت تحمل كل هذا الوزن الزائد؛ وإذ فجأة؛ تجد أمامك الحل السحري لإنقاص الوزن؛ وكل ما عليك هو الاتصال الآن؛ هكذا يقول الإعلان؛ ليصلك المنتج السحري الذي يعالجك من السمنة وتداعياتها فورًا.

فماذا تفعل؟

هل تتصل لتنال شرف المحاولة التي قد تنجح في تقليل وزنك؛ أم تتغاضى عنها؛ ثم تقضي أياما عديدة في تأنيب نفسك لماذا لم تفكر في تجربة ذلك المنتج؟

وهنا لا نتحدث عن الخلفية العلمية أو الثقافية للمشاهد؛ والتي قد تصل لحد الأمية في أحايين مختلفة؛ فعدة ملايين من أفراد الشعب يعانون من أمية القراءة والكتابة حتى اليوم؛ ولكن من يقرر الاتصال غالبا يرغب في الوصول لحل سهل ورخيص وغير مُجهد؛ كل تلك الصفات موجودة في منتج واحد؛ والأهم أنه سيصل لي دون أن أذهب إليه.

كل ما سبق ذكره عناصر للاحتيال؛ ولكنها مكتملة الأركان؛ وهنا أُذكر القارئ على كل مستويات مسئوليته؛ وصولًا للأب باعتباره المسئول عن الأسرة؛ هل هناك علاج بكل هذه الصفات الجميلة؛ لا يتوافر إلا من خلال الاتصال؟

هل الدولة تبخل به على مواطنيها؟ "فلا تعرضه في جميع الصيدليات؛ وتحث المواطن على شرائه"؛ وكثير من الأسئلة التي تؤكد أن الأمر يخرج عن طور المنطق؛ وأنه يعني أن هناك خدعة مؤلمة؛ فتخيل أن بعد معاناة كبيرة من تجربة الدواء؛ الذي يُخسس؛ فلا تصل لنتيجة مرضية؛ فتكتشف أن هناك خداعًا.

فيكون من الغريب ترك مثل هذه الإعلانات تستمر بكل هذا الفجور دون إيقافها، فقد بدأت بالمثل السابق؛ فما بالك عزيزي القارئ بأمثلة أخرى؛ من عينة علاج تأخر الإنجاب؛ وعلاج منع الحمل؛ وعلاج آلام العمود الفقري؛ وعلاج اضطرابات المعدة؛ والجيوب الأنفية؛ وكثير من الأمراض؛ كل ما هو مطلوب منك فقط الاتصال الآن.

لتبدأ رحلة علاجك من ما تعانيه من أمراض؛ وبعد شرحنا لطريقة الاحتيال التي تلعب على وتر الحاجة الشديدة لتحقيق أمل الشفاء؛ من خلال تصوير العلاج على أنه الشافي الناجز للمرض؛ ولأن الطريقة التي يتم بها عرض المنتج الدوائي جاذبة؛ ومبهرة؛ وخادعة ومُدلسة؛ لأنها تصور وضعًا غير دقيق.

فمثلا؛ تأتي بشخص تبدو عليه مظاهر السمنة؛ وبعد قليل تأتي بنفس الشخص وقد أضحى بوزن أقل بكثير؛ ثم يُرجعون الفضل لمنتجهم؛ ومع تكرار الإعلان؛ تتكرر مشاهدته؛ والأمر هنا بمثابة حصار المشاهد؛ ثم الإلحاح عليه؛ وما بين الحصار والإلحاح؛ الذي يظهر في بث إعلان المنتج الدوائي في عدد كبير جدًا من الفضائيات؛ ومع عدم توقفه؛ لا سيما مع تذيله بعبارة الحاصل على موافقة وزارة الصحة المصرية؛ تبدو قوة المنتج متوهجة؛ وتلك أخطر الوسائل التي يقتنع بها المشاهد.

ولأن طريقة الوصول للمنتج سلسة للمواطن البسيط؛ فمن المؤكد أنها أكثر سلاسة للمسئولين.

فالسكوت على استمرار بث الإعلان؛ إنما يحمل بين جنباته احتمالين؛ الأول؛ سلامة المنتج؛ أما الثاني؛ عدم قدرة الجهات المعنية على الوصول للمعلن ومن ثم محاسبته.

فأي الاحتمالين أصوب؟

سؤال أتمنى أن يجد إجابة شافية؛ فـاللعب بأحلام المرضى مهين وغير مقبول؛ والسكوت عن جرائمهم غير مقبول؛ وأيضا غير مفهوم.

أما إذا كانت تلك المنتجات الدوائية سليمة؛ فأرجو أن يتم بيعها في الصيدليات مثل باقي الأدوية المرخص بتداولها.

فهل من كاشف لهذا الأمر بشكل يحمي الناس ويحافظ على حياتهم؟

،،، والله من وراء القصد

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الرحمة

أيام قلائل ويهل علينا شهر رمضان المبارك؛ وأجد أنه من المناسب أن أتحدث عن عبادة من أفضل العبادات تقربًا لله عز وجل؛ لاسيما أننا خٌلقنا لنعبده؛ وعلينا التقرب لله بتحري ما يرضيه والبعد عن ما يغضبه.

الأكثر قراءة