حبس المتهمين بسرقة سور حديدي بالطريق الدائري بالجيزة | وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي: القضاء على نصف قادة حزب الله في جنوب لبنان | وزير الخارجية العراقي يؤكد أهمية تحقيق التعاون بين الدول العربية ودعم القضية الفلسطينية بالمحاكم الدولية | الرئيس الموريتاني يتسلم رسالة من رئيس المجلس الرئاسي الليبي تتعلق بالعلاقات الثنائية | مانشستر يونايتد يحول تأخره إلى الفوز برباعية على شيفلد | ليفربول يبتعد عن المنافسة على لقب الدورى الانجليزى بعد الخسارة أمام ايفرتون | المتحدث الرئاسي ينشر صور الرئيس السيسي أثناء افتتاح البطولة العربية للفروسية العسكرية بالعاصمة الإدارية | إشادة دولية.. الهلال الأحمر يكشف كواليس زيارة الأمين العام للأمم المتحدة والوفد الأوروبي إلى ميناء رفح | قرار من النيابة ضد بلوجر شهيرة لاتهامها بنشر فيديوهات منافية للآداب العامة على المنصات الاجتماعية | الهلال الأحمر المصري: إسرائيل تعطل إجراءات دخول الشاحنات إلى قطاع غزة |
Close ad

أحمد خالد توفيق .. موضة قديمة

14-12-2020 | 12:55

كعادته معى دائمًا عندما أبدأ القراءة، يشعرنى العراب " أحمد خالد توفيق" منذ أول جملة يكتبها أنه يذوب ويذيبنى معه فى المعنى والحروف والكلمات.

منذ فترة قريبة قرأت له مقالًا عن العشق والحنين لزمان وأيام زمان، وكيف أنه قد وجد ضالته فى بعض القنوات التليفزيونية التى تعرض فقط أفلام ومسلسلات وبرامج الماضى، الذى يراه الجيل الحالى موضه قديمة.

الحقيقة أن العراب قد لمس جانبًا أراه دومًا شديد الحساسية عندى ولطالما أضنانى التفكير فيه.

سؤال مهم والإجابة عنه أهم: هل الماضى كان بهذه الروعة التى نتحدث عنها دومًا؟ هل كان كل ما فيه جميلًا وهادئًا؟ هل كانت المتعة والفرح والسعادة تحيط بنا من كل جانب؟ ألم نحزن؟ هل كنا نبكى؟ هل فقدنا أحبة؟ هل فشلنا؟ هل عانينا؟

لا أدرى كيف شعرت فجأة بعد قراءة هذا المقال أن العراب قد ارتدى ثوب السوبرمان وحملنى فى ذراع ثم فرد الأخرى وطار فى السماء وأنا معه، وكأنه يريد أن يأخذنى فى جولة أرى فيها الإجابة عن تساؤلاتى.

وكلما نظرت إليه متسائلًا: إلى أين؟ لا أجد إلا عينين عميقتين وابتسامة محيرة تجتمع فيها كل المعانى والأحاسيس لكاتب مرهف شديد العمق.

ولم لا؟ قررت أن أصمت وأرى، انطلق العراب بعيدًا بعيدًا، وشاهدت طفلًا صغيرًا يدخل استديو للتصوير ثم يخرج فرحًا وعينيه تلمع وكأنه قد ملك الدنيا وما فيها، لقد التقطت له صورة سوف يضعها فى استمارة شهادته الابتدائية.

كان الطفل يرتدى بدلة وكرافتة كبيرة جدًا ألوانها كثيرة ومختلطة بشكل عجيب، موضة السبعينيات - وما أدراك ما هى - وكانت تحيط بصدره كله.

كان وجه الطفل مألوفًا لى، إنه أنا! وهذه كرافتة أبى أتذكر عندما أخذتها دون أن يدرى لأرتديها فى الصورة، ورغم أن شكلى كان مضحكًا جدًا، لكن كمية السعادة التى رأيتها تعلو وجهى فى تلك اللحظة حيرتنى بشدة.

ماذا لو رأى أطفال جيل البراندات ذلك الصبى يسير فى الشارع الآن؟ وبحثت عن إجابة ولم أجد إلا ابتسامة العراب أمامي تزيد من حيرتى.

وانطلق العراب وأنا معه، ومن بعيد رأينا صبيًا يبدو فى المرحلة الإعدادية، عرفته هذه المرة، هو أنا أيضًا.

كان يسير خائفًا وربما مرعوبًا، حاولت أن أتذكر السبب ولم أفلح، طلبت من العراب السوبرمان أن نرافق الصبى قليلًا لأعرف سبب هذا الرعب الذى يعلو وجهه.

اتجه الصبى إلى المدرسة ووقف بين زملائه الذين بدا عليهم نفس الرعب، دخلوا الفصول وجاء أستاذ اللغة العربية، وعندئذ عرفت سبب رعبه.

ما زلت أتذكر هذا الأستاذ وأردد اسمه أمام أولادى دومًا بكل فخر واعتزاز، نعم الأستاذ "محمد الشعراوى"، ومن ينساه أو ينكر فضله؟!

كان اسمه كفيلًا أن يبقيك مستيقظًا فى سريرك طوال الليل تدعو الله ألا يأتى الصباح، كان أستاذًا بمعنى الكلمة ولا أبالغ إذا قلت إن ما تعلمناه على يديه ما زال فى عقولنا حتى الآن، له فضل كبير على كل من درس على يديه.

كان له أسلوبه الخاص، جاء فى وقت احترام التلميذ للأستاذ وحرص الأستاذ على مصلحة تلاميذه إلى أقصى درجة، آه لو رأى أستاذنا ما يحدث الآن بين الطلبة والأساتذة، ربما مات بالسكتة القلبية.

ثم رأيتنى بوضوح هذه المرة أسير فى الشارع وشكلى غريب جدًا، أسير وفى قدمى شبشب وأرتدى فانلة واسعة، أضع يديَّ فى جيوبى وأنظر إلى الأرض مرة وحولى مرة، باحثًا عن شيء ما.

كانت ذكرى هذا الموقف قريبة ولا تزال عالقة فى ذهنى، ابتسمت وتمنيت الهبوط لأطمئن هذا الشاب الحائر وأخلصه من قلقه وأخبره بما سيكون.

كان الشاب قد تخرج من الجامعة، وتم تعيين بعض زملائه فى الأجهزة القضائية والآخرون عملوا فى المحاماة، وهو ما زال يبحث عن نفسه ويصر أن يجدها.

كانت رحلته طويلة وشاقة، ربما يتعجب منها الجيل الحالى ويسألونه دومًا لماذا كل هذا التعب؟

الماضى دائمًا يأتى ومعه ابتسامة لا ندرى سببها، لذكرى ربما كانت شديدة الوطأة على النفس فى وقتها؛ لكنه "الحنين" إلى تلك الذكريات التي عشناها ونعلم تفاصيلها ونستطيع أن نحكيها ونتفاخر بها أمام أبنائنا بحلوها ومرها، رغم نظرتهم لها واعتبارها موضة قديمة.

وأكيد أن الصندوق يحوى ما لا نريد أن نتذكره؛ بل ربما نريد أن نمحوه محوًا.. ربما.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: