Close ad

فيتنام تقود أكبر تكتل للتجارة الحرة

23-11-2020 | 10:20

أليست هذه واحدة من تجليات ومعجزات العصر، التي سيتوقف التاريخ عندها بالدراسة والتأمل، وكذلك تشغل نظريات العلوم السياسية، وهي: أن دولة آسيوية ناهضة، يحكمها حزب شيوعي، هي جمهورية فيتنام الاشتراكية، تقود وتحتضن في عاصمتها هانوي قمة التوقيع على تدشين أكبر تكتل للتجارة الحرة في العالم؟!

أليس الأكثر إثارة ولفتًا للنظر، أن دولة كبرى أخرى تحتل المرتبة العالمية الثانية اقتصاديًا، ويحكمها حزب شيوعي، هي جمهورية الصين الشعبية، كان أحد قادتها من أوائل الموقعين علي الاتفاقية، بهدف إعلاء شأن التعددية والتجارة الحرة، ومناهضة سياسة الحمائية والأحادية، والتنمر الاقتصادي والتجاري لبعض الدول؟!

ففي يوم الأحد الموافق 15 نوفمبر الحالي، وبعد 8 سنوات و30 جولة من المفاوضات المضنية، وفي قمة افتراضية عبر رابط الفيديو، وقع زعماء 15 دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادي علي اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، وتشكل هذه الدول- الـ 15- نحو 30 في المائة من سكان العالم (2.2 مليار نسمة) و30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و28 في المائة من التجارة العالمية.

قائمة الموقعين علي اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، RCEP، تضم 10 أعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا، آسيان، وهي: فيتنام- رئيس الرابطة لعام 2020- وبروناي- رئيس 2021- وكمبوديا، وإندونيسيا، ولاوس، وماليزيا، وميانمار، والفليبين، وسنغافورة، وتايلاند، بالإضافة إلى الصين واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلاند.

تحليلات المراقبين تشير إلى أن الولايات المتحدة هي الخاسر الأكبر من توقيع هذه الاتفاقية نتيجة لسياسات الرئيس دونالد ترامب، الذي رفع شعار"أمريكا أولًا" عكس السياسة المحورية لسلفه باراك أوباما تجاه آسيا، وقد حاول البيت الأبيض حتى آخر لحظة منع حلفائه في طوكيو وسول من الانضمام للاتفاقية دون جدوى.

مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، أونكتاد، ومقره جنيف، أكد أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة ستعطي دفعة كبيرة للاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة، وأن بنود الاستثمار الواردة في الاتفاقية تعزز الوصول إلى الأسواق علي النحو الوارد في الاتفاقيات الثنائية، التي لا حصر لها، أيضا، تتعلق البنود بالوصول إلى الأسواق وضوابط التجارة والخدمات، والتجارة الإلكترونية وثيقة الصلة بسلاسل الاستثمار الباحثة عن الأسواق.

وفقًا لوصف تقرير، نشره أونكتاد عقب توقيع الاتفاقية، فإن كتلة التجارة الحرة الجديدة تستأثر بـ 16 في المائة من مخزون الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي، وأكثر من 24 في المائة من التدفقات، ورغم ركود هذا الاستثمار طيلة العقد الماضي، أظهرت الدول الموقعة علي الاتفاقية زيادة مطردة في العام الماضي.

من وجهة النظر الصينية، تعتبر الاتفاقية خطوة ملهمة جاءت في الوقت المناسب، وهي لن تخلق – فقط - قوة دفع جديدة للتعاون الإقليمي، وتعزيز التعاون متعدد الأطراف، بل ستساعد – أيضًا - على التعافي الاقتصادي العالمي، بعد خسائر وباء كورونا الجديد، كما أن الاتفاقية تأتي في لحظة حرجة مليئة بالشكوك، يشهد فيها العالم تصعيدا في الحمائية والأحادية، التي تهدد بناء اقتصاد عالمي مفتوح.

يقول رئيس مجلس الدولة الصيني، لي كه تشيانج: "مشاركة أكبر عدد من سكان العالم، وأكثر الأعضاء تنوعًا، وأعظم الإمكانات التنموية، في هذه الاتفاقية، تمثل القاطرة لدفع التنمية الاقتصادية العالمية، وانتصار للتعددية والتجارة الحرة".

في الوقت نفسه، يقول رئيس مجلس وزراء فيتنام، نجوين شوان فوك: "الاتفاقية ستسرع في بناء المجموعة الاقتصادية لـ آسيان، وبالتالي، السماح لأعضائها بأن يكونوا شركاء ديناميكيين وأقوياء في تعزيز التعاون من أجل الرخاء المشترك".

يضيف السيد نجوين شوان فوك: "مرت ثلاثة أرباع قرن منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبالرغم من ذلك لا نزال نفتقر إلى سلام وأمن عالميين مستدامين استدامة حقيقية، وبالتالي، تأتي الاتفاقية كأمر مشجع للغاية لإبراز الالتزام القوي والإصرار علي تعزيز التحرير الاقتصادي والاندماج بين رابطة آسيان وشركائها".

وفقًا لبنود الاتفاقية، ستقوم الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة بالتخلص التدريجي من 90 في المائة من التعريفات الجمركية علي الواردات بين الموقعين، وتنص على وضع قواعد مشتركة للتجارة الإلكترونية والتجارة والملكية الفكرية، مما سيعزز الاستثمار إلى حد كبير، ويزيد تكامل سلاسل الصناعة والتوريد، ويوفر حماية أفضل للمستثمرين، ويسهل حركة البضائع والأموال والأشخاص بالمنطقة.

بقيت الإشارة إلى المعني والمغزي من استضافة جمهورية فيتنام الاشتراكية لما يمكن وصفه بـ قمة القمم التي سيتوقف عندها التاريخ بتدشين أكبر كتلة للتجارة الحرة في العالم، وقد تلقيت إجابة مكتوبة من سعادة سفير فيتنام بالقاهرة، تران ثانه كونج، قال فيها:

"علينا أن نؤكد أن نجاح فيتنام في استضافة القمة السابعة والثلاثين لرابطة دول جنوب شرق آسيا (أسيان) واجتماع قمة شرق آسيا الـ 15 في هانوي ساعد في رفع مكانة فيتنام وهيبتها ودورها في الساحة الدولية، خاصة في عام 2020، عندما تولت فيتنام رئاسة الرابطة، وتمكنها من الحصول علي العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

أضاف السفير الفيتنامي قائلًا: "ناقشت القمة الـ 37 لرابطة أسيان، التي يبلغ تعداد سكانها نحو 630 مليون نسمة، قضايا عملية للغاية، أهمها أفضل الحلول اللازمة للوقاية من وباء كورونا الجديد، كما ناقشت إجراءات أحياء اقتصاد دول الرابطة لتحقيق الهدف المزدوج، المتمثل في منع الأوبئة وتطوير الإنتاج والأعمال، وخلق فرص عمل، وأيضًا، ناقشت القمة قضايا الأمن والسلم، ولا سيما في المنطقة البحرية للرابطة، بغية التوصل لتأمين مناخ أفضل، يرتكز علي القوانين الدولية مع الشركاء، ولتوفير التعاون والتنمية المتبادلة وتحقيق السلام والازدهار مستقبلًا".

وحول اجتماع قمة شرق آسيا الخامسة عشرة، يختتم السفير تران ثانه كونج قائلًا:

"خلال اجتماع القمة، أكد جميع القادة أنه في الفترة الصعبة لوباء كورونا الجديد أصبحت مسألة التعاون من أجل السلام والاستقرار أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، وقد حددت القمة هدف الحوار كأداة، وروح التعاون كشعار، واتفقت علي رفع مستوي التبادل في القضايا المتعلقة بالسلام والاستقرار في أكبر منطقة في العالم".

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: