Close ad

الدين والسياسة صناعة غربية المنشأ (1)

15-11-2020 | 00:01

هناك تاريخ طويل لعملية استغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية، وكانت أحداث الرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام تعبيرًا عن ذلك، بداية من تصريح رئيس وزراء فرنسا بأن بلاده لن تتخلى عن حرية الرأي، وسنرفع العلمانية عاليًا، وهو بهذا يخاطب اليمين المتطرف ببلاده.

وبعد أن تسبب في الأزمة بدأ يحذر من خطر تغلغل التيارات الدينية المتطرفة ببلاده وأوروبا بوجه عام، منددًا فيما سماه الجماعات الإسلامية الأصولية المنعزلة، محذرًا من خطورة فكر هذه الجماعات على الغرب والعالم ودورها في الإرهاب على مستوى العالم، وساير هذا الاتجاه بعض الدول الغربية مثل النمسا وغيرها، وبعض هذه الدول مارست ضغوطًا على بعض الدول العربية لإدانة هذه الجماعات مثل جماعة الإخوان، والغريب أن معظم ـ إن لم يكن كل هذه الجماعات المتطرفة ـ صناعة غربية في الأساس، أي هي بضاعة الغرب ردت إليه.

واستغل هذه الظروف الرئيس التركي أردوغان وظهر بموقف المدافع عن الإسلام ورسوله، منددًا بالموقف الفرنسي ومطالباً بالمقاطعة؛ لاستغلال الموقف من عدة جوانب، وكسب تأييد العالم الإسلامي ليدعم موقفه ومصالحه ضد فرنسا في مشكلة ليبيا وغاز شرق المتوسط، والغريب أن كل من استخدم الدين للحصول على مكاسب سياسية انعكس ذلك عليه في النهاية.

وحديثًا نتذكر القاعدة التي قامت بتأسيسها أمريكا بمساعدة دولتين كبيرتين في الوطن العربي لمواجهة تدخل الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، وارتد إليهما السهم حينما انقلبت القاعدة على أمريكا ومن ساعدوها، ولم يتعلم أحد الدرس، وتكرر مع الرئيس السادات، والآن في الشرق الأوسط تمارس تركيا وإيران نفس اللعبة وباسم الدين تتوسع تركيا وتحتل أراضي عدة بلدان عربية، ولها قواعد أو تواجد عسكري في ليبيا وسوريا وقواعد في قطر والسودان وإيران.

أيضًا باسم الدين تتواجد تركيا في سوريا والعراق، ولها أتباع في لبنان واليمن، وهذا يقودنا للبدايات الأولى لظهور الإسلام السياسي في الشرق الأوسط، وهو يرتبط لحد كبير بظهور فكر حسن البنا ومحمد عبد الوهاب في الخليج، وبالنسبة للفكر الوهابي فقد أعلن ولى العهد السعودي بشجاعة في حديثه المنشور بصحيفة الواشنطن بوست بتاريخ 27 مارس 2018 أن بلاده ساعدت في نشر فكر الإسلام المتطرف بناء على رغبتكم وأصدقائنا في الغرب؛ لمواجهة انتشار الفكر الشيوعي وتمدد الفكر الناصري وانتشاره.

وأنها وسيلة سياسية لمساعدة الحلفاء وبناء على طلب الغرب، والآن تغير الحال ويشكو الجميع من التطرف، وبالنسبة لفكر الإخوان فيرجع نشأته أيضًا للغرب، والشواهد كثيرة ومنشورة بداية من مذكرات حسن البنا مؤسس الجماعة الذي يذكر صراحة في مذكراته بأن الإنجليز وتحديدًا شركة قناة السويس الإنجليزية هي أول من تبرع بشيك قيمته تساوى 500 جنيه مصري لتأسيس الجماعة، وهذا مبلغ كبير بمقياس هذا الوقت، وتم به شراء مكان وإجراءات تأسيس الجماعة.

وهنا السؤال لماذا تبرع الإنجليز وهم المستعمر لمصر في هذا الحين؟ ولمصلحة من دفع هذا المبلغ؟ هل لمصلحة نشر الإسلام الذي يرفض الاحتلال والتبعية؟ ما هي مصلحة إنجلترا وهى تحتل مصر في تأسيس جماعة إسلامية؟ إلا إذا كانت هذه الجماعة تابعة لها وتخدم مصالحها هذه بديهة تغيب عن الكثيرين.

وبعد ذلك من هو حسن البنا مؤسس الجماعة؟ وما هي أصوله وجذوره؟ في هذا الشأن تحدث الكاتب الكبير عباس العقاد صاحب عبقرية محمد عليه الصلاة والسلام وعبقرية عمر وعبقرية أبى بكر وعبقرية خالد بن الوليد وغيرها من كتابات إسلامية كتب العقاد في جريدة الأساس عدد يناير 1949 أن حسن البنا جذوره يهودية من المغرب؛ حيث جاءت أسرته إلى مصر في الحرب العالمية الأولى.

وأن حسن البنا عضو في جماعة الماسونية، وهذا كان عام 1949 قبل ثورة يوليو، وهى منشورات موجودة وليست كلامًا مرسلًا وتزيد هذه الشكوك في كتاب الشيخ محمد الغزالي موكب الدعوة عام 1952 قبل الثورة أيضًا؛ حيث تحدث فيه صراحة الشيخ الغزالي عن انتشار الماسونية وسط جماعة وقيادات الإخوان، وأن هناك العديد من أعضائها وقياداتها تتبع الماسونية العالمية، ومنهم تحديدا حسن الهضيبي قائد الجماعة؛ الذى يؤكد الغزالي أن الماسونية نجحت في أن توليه قيادة الجماعة؛ لأنه يتبع الماسونية.

وتمتد الشجرة المثمرة بالخيانة والولاء للغرب والخارج حينما يعترف سيد قطب بنفسة في مقاله الشهير في مجلة التاج المصري بتاريخ 23 أبريل عام 1943 بأنه ماسوني، وكان عنوان المقال لماذا صرت ماسونيًا ويفتخر بذلك، ومن يراجع أدبيات الماسونية وجماعة الإخوان يجد أوجهًا كثيرة للتشابه مثل نظام الرتب داخل الجماعتين والسرية وغير ذلك.

فهل كل ما سبق صدفة من اتهامات العقاد إلى الغزالي إلى اعترافات حسن البنا وسيد قطب، ثم مذكرات هيلاري كلينتون الأخيرة كل ذلك يؤكد أن الإسلام السياسي صناعة غربية صنعها العدو لتدميرنا، ولم يكن يسعى لنشر الإسلام والدين، كيف غابت هذه الحقائق عن أعين الكثيرين؟ ماذا قدمت النظم التي تدعى الإسلام للعالم الإسلامي؛ وهى نظم كثيرة مثل النظام التركي أو الإيراني وغيرهما؟

ثم وبعد ذلك ما هي الأفكار التي تحملها هذه الجماعات وعلاقتها بالإسلام؟ هذا قضية مهمة تحتاج لحوار مجتمعي كبير لأهمية القضية وتأثيراتها الكبيرة على الأمن والاستقرار لعالمنا العربي والإسلامي.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: