منذ افتتاح التليفزيون المصري مطلع الستينات، لم تغب البرامج الدينية التي كان يقدمها كبار العلماء، ولم تكن برامج للتعريف بالكتاب والسنة فقط بقدر ما كانت برامج لسكينة النفس، والتعريف حتى بـأصول اللغة العربية، كما كان يقدم العلامة الشيخ أحمد حسن الباقوري في برنامجه الشهير "لقاء الإيمان" به حلقات شارحة لمعان جميلة، وبصوته الدافئ فسر الكثير من المعاني التي نحتاج حاليا لمن يعيد مثل هذه التفسيرات.
نفتقد برامج علمائنا الأجلاء، ممن أجادوا لغة الكلام، وكانوا يمتلكون "كاريزما" قربتهم إلى الناس مثل فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي ، وشيخنا الجليل، فضيلة الشيخ الدكتور عبد الحليم محمود ، وغيرهم.
نفتقد برامج السكينة التي كان التليفزيون المصري يختتم بها برامجه عندما كان آخر ساعات البث في الثانية عشرة، أو بعد منتصف الليل مثل بنامج "دلائل القدرة" الذي كان يقدمه الإعلامي الراحل أمين بسيوني ، ويبث في عدد من الدول العربية مع مصر، غابت مثل هذه البرامج التي تبعث على صفاء النفس، وسط هذا الكم من برامج التوك شو، والإعلانات، والأعمال الدرامية.
لم يعد لدينا من يقدم برنامجا رسالته مخاطبة الروح، لا بحثا عن سباق مع برامج وفضائيات أخرى، ومن هنا أخاطب القائمين على برامج التليفزيون المصري، لأنه الوحيد الذي يمتلك مكتبة بها آلاف التسجيلات لكبار العلماء، أن تخصص ولو ساعة واحدة لبرامج تبعث على السكينة، مثل برنامج الدكتور مصطفى محمود "العلم والإيمان" أو حتى برامج العالم الكبير حامد جوهر "عالم البحار"، تراجعت مثل هذه البرامج بشكل كبير، بل أصبح من النادر أن نعثر عليها في قنواتنا، ونتمنى أن تتاح حتى من خلال قناة " ماسبيرو زمان".
علماؤنا الأجلاء، لديهم الكثير من الأفكار التي نحتاجها في ظل ما يحدث من خلل في منظومة أخلاق بعض الشباب، التربية في المنزل والمدرسة لم تعد كافية، نحتاج إلى أن نعيد دور القوة الناعمة ، إلى دور ماسبيرو ، والقنوات الفضائية، الكتاب لم يعد وسيلة تربية، ودور الأسرة يتقلص، في ظل صراعات الحياة.
وعلى بعض مشايخنا، أن يعيدوا التفكير فيما يجب أن يقدم من برامج على القنوات الفضائية، ليس دورهم الحديث عن السياسة، والاقتصاد، بل دورهم المهم هو التوعية للأجيال الصاعدة، لأبنائنا، من يتحدثون في الأمور الدنيوية كثيرون، لكن من نحتاج منهم الموعظة الحسنة قليلون، وهناك جوانب أخرى وهى غياب من لديهم كاريزما وموهبة الوصول إلى شبابنا بطرق لا توحي بأن ما يقولونه أوامر، مثلما كان يقدم شيخنا الشعراوي والباقوري وعبد الحليم محمود، في برامجهم.
بحاجة لمن يلقي درس الجمعة، وينقله التليفزيون للأجيال، يجلس الجميع يستمعون الحكمة والموعظة الحسنة، كانت تقدم هذه البرامج من ساحة مسجد سيدنا الحسين، والسيدة نفيسة، ليست كصالونات الدعاية التي تستفذ المشاهدين والتي تقدم على بعض الفضائيات، نحتاج إلى من يبعثون فينا حالة السكينة والرضا كما كان يقدم علماؤنا من قبل.